الأوضاع في السودان مازالت خطيرة، حيث ترتكب الانتهاكات في الفاشر، وتتزايد أعداد النازحين بصورة كبيرة في إقليم دارفور، في الوقت الذي تحاول فيه ميليشيات الدعم السريع فرض سيطرتها على الأوضاع بإقليم دارفور، وهو ما يضع البلاد في كارثة إنسانية حادة، جراء أعمال القتل والتشريد، ناهيك عن دخول البلاد في دائرة المجاعة.
تطهير عرقي
ففي إطار الانتهاكات المرتكبة، حذر عقاد بن كوني، مسؤول الإعلام بحكومة إقليم دارفور، من انزلاق السودان إلى فوضى واسعة، واصفاً ما يحدث في مدينة الفاشر والعديد من مدن الإقليم بـ الكوارث والمآسي الإنسانية، واتهم بن كوني قوات الدعم السريع بارتكاب فظائع تهدف إلى التطهير العرقي والإبادة الجماعية.
وأكد عقاد بن كوني، مسؤول الإعلام بحكومة إقليم دارفور أن ما تشهده الفاشر حالياً هو تكرار لما حدث في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، وأوضح أن الهدف الأساسي لميليشيا الدعم السريع منذ نشأتها هو "استهداف المواطنين في إقليم دارفور وتهجيرهم وارتكاب إبادة جماعية"، مشيراً إلى أن هذه الميليشيات جلبت مستوطنين جدد من دول الجوار لإحداث تغيير ديموغرافي في الإقليم.
ووصف عقاد بن كوني، مسؤول الإعلام بحكومة إقليم دارفور الوضع الإنساني في الفاشر بأنه مزرٍ للغاية، وكشف أن قوات الدعم السريع تمنع المواطنين من الخروج من المناطق المحاصرة، مثل معسكر طويلة، بهدف تجويعهم، مضيفا أن من يحاول الفرار ويتم القبض عليه، يُقتل أمام الآخرين لإرهابهم ومنعهم من محاولة الهروب. وناشد قائلاً: كبار السن والنساء والأطفال الآن يموتون جوعاً، ولا يوجد من يتحرك لإنقاذهم.
ووجّه عقاد بن كوني، مسؤول الإعلام بحكومة إقليم دارفور نداءً عاجلاً عبر قناة القاهرة الإخبارية إلى المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، وكافة المنظمات الإنسانية والحقوقية، للتحرك الفعلي والعاجل لإنقاذ أهالي الفاشر، مشيرا إلى أن البيانات والإدانات الدولية لم تعد كافية في ظل استمرار الحصار والمجازر، مؤكداً أن الوضع يتطلب تحركاً فعلياً وعاجلاً.
ما هي شروط الهدنة؟
بينما طالب حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، بضرورة انسحاب الدعم السريع من المدن والأحياء السكنية، والإفراج عن المختطفين، وتأمين عودة النازحين قبل التوصل إلى الهدنة، مشددا على أن أي هدنة بغير ذلك، تعني تقسيم السودان.
كم عدد المهجرين بالسودان؟
ومن جانبها، أفادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأزمة السودان هي أكبر حالة نزوح في العالم، و12 مليون شخص مهجرون من ديارهم، موضحة أن آلاف الأسر تستمر في الفرار من الفاشر ودارفور.
وذكر يانس لاركيه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أن ملايين السودانيين بحاجة ماسة للمساعدة، وأن المدنيين وعمال الإغاثة يُقتلون دون معاقبة الجناة، وأن العنف الجنسي يتفشى.
ودعا إلى ضمان وصول آمن للمساعدات، وحماية ودعم المنظمات المحلية.
أما شون هيوز، منسق الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي لأزمة السودان، فقد وصف الوضع المأساوي في السودان بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، بكل المقاييس، إذ يواجه نحو 25 مليون شخص - أي نصف السكان - جوعا شديدا، ويعاني ما يقرب من خمسة ملايين طفل وأُم من سوء التغذية الحاد.
يأتي هذا في الوقت الذي أكد فيه أنطوان جرير، نائب منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان، أن المشهد الإنساني في بعض مناطق السودان لا يزال يثير القلق جراء أعمال العنف المتواصلة وارتفاع أعداد الضحايا من المدنيين والعاملين في المجال الإنساني.
وطالب المنسق الأممي بضرورة جمع الأطراف السودانية على طاولة مفاوضات شاملة لوقف الانتهاكات المتكررة وإنهاء معاناة المدنيين عبر حل سياسي دائم يحفظ أرواحهم وكرامتهم، معلنا أن حماية العاملين في المساعدات الإنسانية ضرورة قصوى.
واعتبر أن التهاون مع من يقترفون هذه الجرائم يضر بسبل إنقاذ حياة المدنيين ويعطل إيصال الإغاثة إلى المحاصرين، مطالبا بعدة إجراءات يجب اتخاذها على أكثر من مستوى تتمثل في فرض المساءلة وملاحقة مرتكبي الاعتداءات على العاملين في المجال الإنساني، لأن الإفلات من العقاب يشجع على المزيد من الانتهاكات.
وأشار إلى أن الأوضاع الإنسانية في عدد من ولايات البلاد في السودان، تشهد تدهورا خطيرا، نتيجة تصاعد أعمال العنف وارتكاب جرائم قتل بحق المدنيين، مشيرا إلى أن محاولات فرار السكان من مناطق النزاع تعكس حجم الخطر الذي يواجهونه يوميا.
وأوضح جرير أن الأمم المتحدة تتابع تقارير المراقبين بشأن استهداف من يقدمون المساعدات، وأن هذه الخسائر لا تقتصرعلى الأثر الإنساني المباشر، بل تمتد لتقويض قدرة المنظمات على الوصول إلى المحتاجين وإنقاذ الأرواح.
وأكد أن رصد مقتل عدد من موظفي المنظمات الإنسانية يعد أمرا صادما ومرفوضا بكل المقاييس، معلنا أن الأمم المتحدة تعمل مع الشركاء المحليين والدوليين لتوثيق هذه الجرائم.
في سياق متصل، أعلن نائب منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان أن الأمم المتحدة رصدت إنتشارا واسعا للأوبئة في مناطق عدة، ما أدى إلى إصابة عدد كبير من المواطنين بأمراض مختلفة، مشيرا إلى أن تدهور الوضع الصحي مرتبط بانهيار الخدمات الطبية وصعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة.
وأوضح أن السودان يواجه منذ شهرين موجة جديدة من تفشي الكوليرا في عدد من المناطق، من بينها دارفور، علما بأن منظمتي اليونيسيف والصحة العالمية تعملان معا بالتعاون مع شركاء محليين لمواجهة هذا الوباء والحد من انتشاره.