فيسبوك
واتساب
حين قال المبدع والناقد الكبير الدكتور يوسف نوفل "إنه أشرف وناقش في حياته العملية والعلمية على نحو أربعمائة رسالة علمية، وإن رسالة أحمد عبد الكريم طنطاوي تستحق أن تكون في أوائل هذه الرسائل" شعرت بسعادة وفخر يليقان بلحظة تُصادف استحقاق صاحبها.
ناقش الصديق العزيز أحمد عبد الكريم طنطاوى، أمس، أطروحته العلمية "أشكال التلقي النقدي للرواية المصرية الجديدة لجيل السبعينيات" في كلية البنات بجامعة عين شمس، فنال درجة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها بمرتبة الشرف الأولى، مع التوصية بتبادل الرسالة بين الجامعات. وقد لقي حفاوة مستحقة من الأساتذة المناقشين، الأستاذ الدكتور عبد الله التطاوي، نائب رئيس جامعة القاهرة سابقًا، والأستاذ الدكتور أحمد فؤاد، الأستاذ بكلية التربية بجامعة عين شمس، اللذين أكدا أن أحمد يمتلك من أدوات البحث ودقة المنهج ما قل وجوده في زمننا هذا.
كنت شاهدًا على هذه الرسالة التي أشرف عليها الدكتور يوسف نوفل والدكتورة بسمة محمد بيومي، ورأيتُ بعيني مقدار التركيز والجلَد اللذين بذلهما أحمد في كل فصول الرسالة. وكلما أطلعني على جزء قلت له "يكفي، لا تُرهق نفسك إلى هذا الحد" لكنه لا يعرف أنصاف الحلول، ولا يرضى بعمل لا يُسلّم هو لدقته قبل أن يسلّم له الآخرون، تلك طبيعته في الحياة: أن يمضي حتى النهاية، وأن يضع اسمه على ما يليق باسمه.
أعرف أحمد منذ سنوات طويلة، تزاملنا في "اليوم السابع" وتصادقنا، إنسان صادق عرك الحياة وعركته، وواجه ما واجه، فخرج أصلب عودًا وأكثر إنسانية، صلابته لم تجعله حجرًا، بل صاغته فنانًا يعرف أول الأمور وآخرها، ويعرف للناس أقدارهم، بدأ رحلته الإبداعية بمجموعته القصصية "عبد العال"، ثم اتجه إلى البحث العلمي، فحصل على الماجستير من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة عن "تقنيات السرد الروائي عند يوسف أبو رية"، قبل أن يُتم بحث الدكتوراه الذي احتفلنا به أمس.
في طبع أحمد إخلاص مهني، لا يقبل التلفيق ولا الترقيع، ولا أن تُكمل الأشياء بعضها بغير منطقٍ وانسجام، يحب الوضوح، ويتقصى الممكن من مصادره ومراجعه، يقرأ ما وراء السطور، ويعيد بناء السرديات المتفرقة، وهذا الإخلاص انعكس على موضوعه، فالتلقي النقدي لجيل روائي عريض كالسبعينيات ليس جمعًا لآراء، بل ومنهج ومقارنة.
إن ما قدّمه أحمد عبد الكريم وما لقيه أمس إنما هو تصديق لقول الله تعالى: "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا".
