<< غبار قصف إسرائيلي يتسبب في إجهاض سناء لجنينها في الشهر السادس
<< إخصائية نساء وتوليد: لدينا نساء فقدن الحمل في الأسبوع الثامن أو العاشر
<< سيدة حامل: لا أريد جنيني بعد إصابتى بالسرطان نتيجة الحرب
<< أخصائية نفسية: المرأة في غزة تعيش حالة طوارئ دائمة
<< سارة بهار: زوجة أخي كانت ولادتها على كشاف الهاتف
<< مدير مؤسسة الضمير الحقوقية: القطاع شهد ارتفاعا ملحوظا في حالات الولادة المبكرة والإجهاض
<< مدير صحة غزة: وفاة 13 طفلا بينهم 10 أجنة أُجهضت أمهاتهم بسبب سوء التغذية
<< مدير دائرة المختبرات وبنوك الدم: توقف الفحوصات الطبية تسبب في إجهاض الكثير من الحوامل
نعمة أبو ناموس، سيدة حامل نزحت من مدينة غزة نحو الجنوب، جنينها يتحرك داخل رحمها، بينما هي تحمل آمال أن تصل إلى خان يونس وما زالت تحتفظ بجنينها، للتو وصل إلى مجمع ناصر الطبي، بعد أن شعرت بتعب شديد نتيجة الإرهاق الذي يلاحق كثيرة السير على الأقدام للوصول إلى مكان آمن، نزل عليها الخبر كالصاعقة عندما أخبرها الأطباء أنها أجهضت جنينها.
قصة صعبة يحكيها الدكتور أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال في مستشفى ناصر الطبي، والذي يؤكد أنه شاهد حالات إجهاض كثيرة داخل المستشفى، إما بسبب سوء التغذية التي عانت منها السيدات الحوامل خلال الحرب أو بسبب النزوح المتكرر والذي يكون له تأثير سلبي على تلك الفئة ويؤدى إلى إجهاض الجنين.
ويشير رئيس قسم الأطفال في مستشفى ناصر الطبي، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن من بين النساء التي أجهضن في المستشفى هي السيدة "نعمة أبو ناموس" التي نزحت من مدينة غزة للجنوب وفي نفس يوم وصولها اجهضت جنينها، موضحا أن كل يوم في الحرب كان هناك حالات إجهاض، خصوصا بعد النزوح الأخير الذي تم خلال شهري أغسطس وسبتمبر من مدينة غزة إلى الجنوب عندما هدد الاحتلال بالتدخل البرى حينها.
معاناة لا تنتهى.
نعم توقفت الحرب بعد 733 يوما من القتل اليومي والنزوح والتشريد والجوع، لكن مآسيها لا يمكن نسيانها، خاصة على أكثر الفئات معاناة من هذا العدوان وهم النساء الحوامل داخل القطاع اللاتي عانين الأمرين وبعضهن تعرضن للإجهاض، كما أن البعض الأخر استشهدن مع جنينهن، وسط كارثة إنسانية غير مسبوقة عاشها الفلسطينيين داخل غزة على مدار عامين.
بحسب إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومى في غزة الصادرة في 5 أكتوبر، أكد فيه أن هناك أكثر من 12 ألف حالة إجهاض بين الحوامل بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية نتيجة الحرب، بينما يوجد 107 ألف سيدة حامل ومرضعة مُعرَّضة للخطر لانعدام الرعاية الصحية، وفي بيان صدر عن المكتب الإعلامي أيضا بعدها بيومين أكد أن الاحتلال تسبب كل يوم بإجهاض 16 سيدة حامل.
ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة خلال العامين الماضيين، بدأت ظاهرة صامتة تتكشف بعيدًا عن مشاهد الدمار والدماء في الشوارع، وهي ارتفاع حاد في معدلات الإجهاض وفقدان الأجنة بين النساء الحوامل، وسط معاناة كبيرة لتلك الفئة التي كانت من أكثر الفئات تضررا خلال هذا العدوان.
في غزة، لا تُسقط الغارات البيوت وحدها، بل تُسقط معها الأجنة في أرحام أمهاتها، تحت صوت الصواريخ ووسط ركام المستشفيات، تفقد نساء القطاع حلم الأمومة قبل أن يكتمل، فالحرب الإسرائيلية لم تكتفِ بقتل الأطفال في الشوارع، بل طاردتهم حتى قبل أن يروا النور، وسط شهادات من الأطقم الطبية بارتفاع غير مسبوق في حالات الإجهاض والولادة المبكرة، أدوية مفقودة، وخوف يقطع أنفاس النساء كما يقطع الحياة في أحشائهن، حيث تحول الرحم في القطاع إلى جبهة جديدة من جبهات الحرب، ومات الأمل بصمت تحت الركام.
عوامل تكاتفت لزيادة نسبة الإجهاض
تشير تقارير طبية إلى أن الضغط النفسي، وسوء التغذية، ونقص الرعاية الصحية، وتكرار النزوح، عوامل مجتمعة أدت إلى زيادة غير مسبوقة في فقدان الحمل داخل القطاع المحاصر، بينما في الوقت الذي واصلت فيه المستشفيات العمل بأقل من طاقتها، ومع انقطاع الكهرباء ونقص الدواء، تزايدت معاناة الحوامل ومعها إجهاض بعضهن لجنينهن، لتكشف عن وجه آخر للحرب لا يُرى في الصور بل استهدفت الحياة ذاتها قبل أن تولد.

معاناة الحوامل في غزة بسبب الحرب
شهادات العاملين في المنظومة الصحية
شهادة إحدى الطبيبات وهي الدكتورة إيمان الكرد، أخصائية النساء والتوليد في مستشفى الشفاء الطبي، والتي تحدثت عن حالات الإجهاض خلال الحرب قائلة: "تأتينا نساء في منتصف الحمل وقد توقف نبض الجنين، وأحيانا بسبب الخوف من الغارات، والبعض الأخر بسبب سوء التغذية أو النزوح المتكرر، حيث لا دواء، لا رعاية، ولا حتى مكان آمن للراحة".
وتضيف أخصائية النساء والتوليد في مستشفى الشفاء الطبي: "لدينا نساء فقدن الحمل في الأسبوع الثامن أو العاشر بسبب الصدمة المباشرة من القصف أو الموت المفاجئ لأحد أفراد الأسرة أمام أعينهن".
بينما داخل مخيمات النزوح في رفح ودير البلح، تكررت القصص ذاتها، ففي خيمة صغيرة احتمى بها عشرات النساء، جلست النازحة الفلسطينية سناء وهي تكشف كيف تسبب الاحتلال في إجهاض جنينها، قائلة :"كنت في الشهر السادس، لما وقعت غارة على البيت اللي جنبنا، بعد ما خلص الدخان حسّيت بألم شديد، وعندما وصلت المستشفى الميداني قالوا الجنين مات".
أرقام تكشف ارتفاع الظاهرة
وبحسب تقرير صادر عن منظمة اليونيسف، فإن أكثر من 15 ألف امرأة حامل في غزة يحتجن إلى رعاية عاجلة، بينما تم تسجيل آلاف حالات الولادة المبكرة والإجهاض بسبب الضغط النفسي وسوء الظروف الصحية.
وفي تقرير صادر عن الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني بتاريخ 7 أبريل الماضي، أكد أن هناك أكثر من 540,000 امرأة في سن الإنجاب في غزة ويقدر أن أكثر من 5000 ولادة تتم شهريا، كما أنه وفقا لبيانات المسح الفلسطيني متعدد المؤشرات 2019-2020 فإن حوالي ربع الولادات في القطاع تتم عن طريق العمليات القيصرية وفي ظل عدم القدرة على الحصول على الرعاية الصحية، بما في ذلك خدمات الصحة الإنجابية وإجراء العمليات دون إمدادات طبية أساسية أو تخدير، ومن دون أي رعاية ما بعد الولادة تتعرض حياة النساء الحوامل للخطر وتزيد فرص تعرضهن لمضاعفات أثناء الحمل أو الولادة، ما قد يؤدي إلى ارتفاع في وفيات الأمهات.
معاناة السيدات الحوامل في غزة بسبب الحرب
وأشار التقرير إلى تسجيل مئات حالات الإجهاض والولادة المبكرة نتيجة الذعر والهروب القسري، موضحا أن تزايد انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية المنتشر بين سكان القطاع حال دون قدرة الأمهات على تناول التغذية المناسبة وإرضاع أطفالهن حديثي الولادة، وكذلك عدم الوصول إلى المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي ومنتجات النظافة المحدودة يسهم في تعريض النساء والأطفال للأمراض المختلفة ويهدد حياتهم.

تدمير المستشفيات في غزة
الصدمة النفسية القاتل الصامت
يشير الأطباء النفسيون إلى أن الضغط النفسي الحاد والخوف المستمر من الغارات يؤثران مباشرة على الجهاز العصبي للمرأة الحامل، مما يرفع هرمونات التوتر "الكورتيزول والأدرينالين" ويؤدي إلى انقباضات رحمية تسبب الإجهاض، حيث تقول الأخصائية النفسية سمر جحا: "المرأة في غزة تعيش حالة طوارئ دائمة، تسمع الصواريخ فوقها، وتخشى أن تُقتل وهي نائمة، وهذا الخوف المستمر يجعل الحمل بيولوجيًا غير مستقر".
في 21 سبتمبر أعلن الدكتور منير البرش، مدير عام وزارة الصحة في غزة، عبر حسابه الرسمي على "تويتر"، وفاة 13 طفلاً، بينهم 10 أجنة أُجهضت أمهاتهم بسبب سوء التغذية، وعدم توفر المكملات الطبية، والخوف تحت القصف، ورحلة النزوح القاسية التي كابدتها النساء الحوامل من مدينة غزة إلى جنوب القطاع، بالإضافة إلى 3 أطفال خدج داخل الحضانات.
الدكتور منير البرش
حالات ترصد معاناة فوق الاحتمال
حالة أخرى للسيدة إسلام عبد الكريم عبد الربايعة والتي تتلقى العلاج داخل مستشفى ناصر الطبي، ومعرضة للإجهاض بسبب مرض السرطان الذي اخترق جسدها خلال الحرب، ومع معانتها من سوء التغذية وعدم قدرتها على تلقى العلاج توقع الأطباء أنها قد تضطر الإجهاض.
"إسلام عبد الكريم"، والتي نزحت من الشمال إلى جنوب القطاع منذ أشهر، تعرضت للإصابة بمرض السرطان بسبب حصار الاحتلال لمدرسة كانت نازحة فيها مما أدى إلى تعرضها لسموم الغاز الذي كان يلقيه جيش إسرائيل، حيث تقول :" استنشقت تلك الغازات التي تخرج من الغارات وبعدها بفترة بسيطة شعرت بوجع شديد وكنت أعاني من الإغماء والدوخة وذهبت على المستشفى".
وتضيف :" خلال فترة علاجي تعرضت لدخان داخل المستشفى على مدار الأشهر الماضية نتيجة القصف المتكرر بمحيط المجمع الطبي، ثم فوجئت أننى مريضة سرطان في القصبة الهوائية بسبب استنشاقي لهذا الغاز"، موضحة أن مرض اللمفاوي الذي تعانى منه لا يوجد علاج له داخل مستشفى ناصر، ولا يتوافر الجرعات الكيماوية، لتكتشف بعدها أنها حامل في الشهور الأولى.

ضحايا الأطقم الطبية في غزة
وتتابع :"لا أريد الطفل بسبب الظروف التي أعيشها، ومعرضة للإجهاض بسبب مرض السرطان واحتياجي لعلاج كيماوي والواقع الذي أعيش فيه، فأنا أم لثلاثة أطفال وحياتنا صعبة للغاية في الخيام ووجود حشرات منتشرة بين أبنائي وبدأت تدخل على قصبة العصب ولا اتجمل وجود طفل أخر في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها، وحصلت على تحويلة طبية بعد أن أكد الأطباء احتياجي للعلاج خارج القطاع".
حرب غزة زادت من مآساة السيدات الحوامل
حالة الدمار التي تعاني منها المنظومة الصحية في غزة زادت من مآساة السيدات الحوامل، مما أدى إلى اضطرار بعضهم لإجراء عمليات الولادة على كشاف الهواتف، حيث أكد الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مجمع الشفاء الطبي بغزة، في بيان صادر عن المستشفى في 12 أكتوبر، أنه ️لم يتغير أي شيء في حالة القطاع الصحي واحتياجاته منذ إعلان اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن هناك حاجة ماسة لبدائل عاجلة للمستشفيات التي دمرها الاحتلال وخرجت عن الخدمة.
وأضاف أن هناك 350 ألفا من أصحاب الأمراض المزمنة لا يجدون أي علاج، متابعا :"️نقلنا احتياجاتنا العاجلة للمنظمات الدولية لكن الوضع على حاله، وإعادة ترميم القطاع الصحي ستحتاج سنوات وأموالا ضخمة".
وفي ذات اليوم أكدت وزارة الصحة في غزة، أن الأوضاع الصحية والإنسانية في القطاع تتطلب استجابة طارئة لإدخال الإمدادات الطبية الضرورية، خاصة أن آلاف المرضى والجرحى بحاجة عاجلة إلى أماكن مؤهلة لتقديم الرعاية الصحية لهم، وتوقف الخدمات التخصصية والتشخيصية يفاقم الوضع الصحي ويعوق التدخلات الجراحية المعقدة، كما أن تعزيز ما تبقى من مستشفيات عاملة في القطاع أولوية قصوى ولا يحتمل انتظار مزيد من الوقت.
على الجانب الآخر شهد القطاع حالات ولادات صعبة، كان من بينها ما كشفت عنه سارة بهار، والتي رافقت زوجة أخيها خلال عملية الولادة في إحدى المراكز الصحية بشمال القطاع، وحكت حجم المعاناة التي شهدتها تلك السيدة، قائلة "زوجة أخي كانت ولادتها على كشاف الهاتف وما كان في المستشفى سوى طبيبة واحدة".
تشير بهار إلى أنها خلال مرافقتها لزوجة شقيقها نحو المركز الصحي كانت دبابة الاحتلال في أخر الشارع الذي تقطن فيه، بينما تخشى أن تصوب فوهة تلك الدبابة طلقاتها تجاههن، مما جعلهما يسيران نحو المستشفى وهم في حالة خوف شديد.
في 11 مايو، كشف تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، تقريرا كشف فيه أن إسرائيل تقتل امرأة فلسطينية كل ساعة في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، موضحا أن ️نمط الاستهداف المتكرر يؤكد أن تل أبيب تتعمد قتلهن كأداة للتدمير السكاني ضمن جريمة الإبادة الجماعية، كما أن ️معدل قتل الاحتلال الصادم وغير المسبوق للنساء يشمل فقط اللاتي قُتلن بالقصف المباشر، ولا يشمل من قضين بسبب الحصار والتجويع والحرمان من الرعاية الصحية.
وأضاف التقرير، أن ️المعطيات الميدانية تكشف نمطا منهجيا من قتل النساء الحوامل والأمهات الشابات مع أطفالهن كسلوك يهدد بصورة مباشرة مستقبل النسيج السكاني الفلسطيني، و️الاستهداف الإسرائيلي لا يقتصر على القتل، إذ تعاني 60 ألف امرأة حامل في غزة ظروفًا بالغة السوء نتيجة سوء التغذية والجوع بفعل الحصار الشامل، كما أن ️قتل النساء والأمهات، خاصة النساء الحوامل، يأتي ضمن نمط واضح من منع الولادات القسري الذي يصنف كركن أساسي من أركان جريمة الإبادة الجماعية، مطالبا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في القطاع بأفعالها كافة.
القانون الدولى واستهداف الحوامل خلال الحرب
ويؤكد علاء إسكافي مدير مؤسسة الضمير الحقوقية في غزة، إن قوات الاحتلال شنت على مدار عامين عدوانا على القطاع تسبب بانهيار البنية التحتية والحياتية والصحية، وبما فيه تدمير النظام الصحي مما أدى الى تضرر وتدمير أكثر من 70% من المستشفيات، وما تبقى تقدم أقل من الحد الأدنى من الخدمات الصحية والرعاية الطبية للمواطنين، تزامنا مع قطع التيار الكهربائي وانتهاء المخزون من الوقود خلال فترات كبيرة من العدوان، مما تسبب في تراجع الخدمات الطبية المقدمة، وتوقف بعض الأقسام ولا سيما الحضانات للأطفال حديثي الولادة، وكذلك منع الأدوية والمستلزمات الطبية مما أثر على السيدات الحوامل وتسبب في إجهاض الكثير منهن.
ويضيف مدير مؤسسة الضمير الحقوقية في غزة، أن انهيار المنظومة الصحية أدى ذلك إلى انتشار الأمراض والأوبئة بسبب النزوح المتكرر والاكتظاظ والكثافة في خيام النزوح ومراكز الإيواء وفي العراء طوال فترة النزوح، مما أثر على ما يقرب من 50 إلى 60 ألف امرأة حامل كانت متواجدة في القطاع.
ويوضح أن القطاع شهد ارتفاعا ملحوظا في حالات الولادة المبكرة والإجهاض، أي قبل الأسبوع الـ 37 من الحمل، كنتيجة مباشرة للظروف الكارثية والقاسية الناجمة عن الإبادة الجماعية، موضحا أن القانون الدولي الإنساني خاصة اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت النزاعات المسلحة وبروتوكوليها الإضافي الأول والثاني يولي الاهتمام خاصا للنساء الحوامل كون أنهن لهن حماية عامة كونهن من المدنيين وحماية خاصه كونهن من النساء الحوامل، حيث وفقا للمادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تلزم بتوفير الحماية للنساء من أي اعتداء عليهن ويجب أن يتمتعن بحمايه خاصة للنساء الحوامل.
ويشير إسكافي، إلى أن المادة 67 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 والتي تنص على أن تتمتع النساء الحوامل بمعاملة خاصة، كما تشير المادة 16 من اتفاقية جنيف الرابعة إلى أنه يجب توفير العناية الطبية للحوامل خاصة في أوقات النزاعات المسلحة، وكذلك يجب أن يمنحن أولويه في الإخلاء والإجلاء من مناطق القتال والنزاعات إلى مناطق الاستشفاء الأمنة، كما تحذر المادة الهجوم على المرافق والكوادر الطبية التي تعتنى بالنساء الحوامل، وتؤكد المادة 18 من اتفاقية جنيف أن تتمتع النساء الحوامل بالحماية الخاصة وحظر مهاجمة المرافق الطبية، وهو ما يجعل ما ارتكبته قوات الاحتلال بحق تلك الفئة جريمة حرب وترقى إلى جريمة ضد الإنسانية.
ويوضح أن بعض عمليات الولادة تجرى للنساء كالولادة القيصرية دون تخدير لهم أو عدم وجود أدوية ومسكنات كافية في ظل نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، لافتا إلى أن التهديد الأكبر للنساء الحوامل هو سوء التغذية نتيجة عدم حصولهن على الفيتامينات والبروتينات والمعادن التي تمكن الجسم من القيام بوظائفه.
تأثيرات الحرب على المنظومة الصحية
كما ذكرنا في السطور السابقة أن سوء التغذية يعد من أبرز الصعوبات التي عانت منها السيدات الحوامل خلال الحرب، ولعل نموذج الصحفية الفلسطينية روند التتر، يؤكد حجم المتاعب التي واجهتها تلك الفئة مع نقص الطعام، حيث واجهت خلال حملها قلة الطعام وارتفاع أسعار الخضروات بشكل كبير، وهو ما جعل السيدات الحوامل لا يستطعن الحصول على وجبات غنية بالبروتين، والفواكه، والخضار بشكل يومي.
وتضيف روند التتر، أن غزة خلال الحرب كانت تفتقد إلى الأغذية الصحية المناسبة للسيدات الحوامل، بجانب عدم وجود مراكز صحية تقدم الرعاية والخدمة الإنجابية، وهو ما تسبب في ضعف كثير من السيدات، مشيرة إلى أنها خلال الحرب كثيرا ما كانت تشعر بالجوع بينما لا تجد الطعام الذي يسد رمقها وهو ما يؤثر كثيرا على جنينها.
وتشير إلى أنها لم تكن تستطيع خلال الحرب إجراء أي فحوصات طبية عليها بسبب انهيار المستشفيات، بجانب عدم قدرتها على إجراء أي تحاليل أو إشاعات، بالإضافة إلى عدم توافر أدوات النظافة الخاصة بالسيدة الحامل وهو ما أثر سلبا على صحتها.
وبحسب بيان صدر عن وزارة الصحة الفلسطينية في 7 أكتوبر، أكد أن الحرب تسببت في خروج 25 مستشفى من أصل 38 عن الخدمة، بجانب تدمير 103 مركز رعاية أولية من أصل 157، فيما تعمل 54 مركزًا فقط بشكل جزئي، بجانب فقدان 55% من أصناف الأدوية، و66 من المستهلكات الطبية، و68 % من المستلزمات المخبرية.
وفي هذا السياق تؤكد الدكتورة سحر غانم، مدير دائرة المختبرات وبنوك الدم لدى وحدة المختبرات بوزارة الصحة في غزة، أن المختبرات داخل القطاع تعاني من نقص حاد في مواد الفحص الأساسية المنقذة للحياة، خاصة أن عدد كبير من الفحوصات الأساسية خرجت عن الخدمة.
وتضيف مدير دائرة المختبرات وبنوك الدم لدى وحدة المختبرات بوزارة الصحة في غزة، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن توقف هذه الفحوصات يؤثر على تشخيص ومتابعة المرضى خاصة مرضى الأمراض المزمنة والأورام والكلى والعناية والأطفال والحوامل مما يؤثر على تلك الفئة الأخيرة ويتسبب في إجهاض الكثير منهن.