حتى عام 2004 كان تمثال رمسيس الثاني يعاني من وقوفه في زحام ميدان محطة مصر، مستنشقا العوادم والأتربة ومحبوسا بين الكباري التي ملأت الميدان، حتى بدأت بعض نقوشه في الاختفاء بفعل العوامل الجوية والتلوث، مع تأثره بالاهتزازات الناجمة عن حركة القطارات ومترو الأنفاق، ففكر وزير الثقافة وقتها فاروق حسني في أن يكون هذا التمثال تحديدا هو أول قطعة أثرية يتم نقلها إلى المتحف الكبير الذي بدأ العمل حينها في وضع أساساته.
وأسند دراسة هذه العملية إلى المهندس إبراهيم محلب الذي كان وقتها يرأس مجلس إدارة شركة المقاولين العرب، وبدوره قام بسؤال بيوت الخبرة الألمانية التي أشارت بأن التمثال لكي يتم نقله يجب تقطيعه ثم نقل القطع ثم بناؤه مرة أخرى كما تم من قبل مع معبد فيلة وأبو سمبل، وكان الرأي الآخر هو أن يتم نقله نائما كما حدث عند نقله من ميت رهينة، وهذا الرأي فيه تجاهل لوضعية اكتشاف التمثال للمرة الأولى، وهو ما سهل نقله بهذه الطريقة.
في هذا الوقت كان التمثال قد بدأ يعاني من ظهور بعض الشقوق الخفية بسبب ظروف الجو مما يجعل في الأمر مخاطرة كبيرة، فكان أن أسند المهندس محلب دراسة احتماليات المخاطر الناجمة عن نقل التمثال إلى أحد الأساتذة في هندسة عين شمس، طالبا منه تحديد المخاطر التي قد يتسبب فيها نقل التمثال.
حينها بدأ المهندس د أحمد محمد حسين في دراسة هذه المخاطر مع دراسة طرق النقل الممكنة، تلك الدراسة التي أسفرت عن قراره بنقل التمثال واقفا ليتحول الشكل الجنائزي إلى موكب لواحد من أهم ملوك مصر، وهو الأمر الذي استغرق حوالي سنة ونصف من الدراسة لم يفكر فيها هذا الرجل في أي شيء سوى تمثال رمسيس، لدرجة أن أسرته كانت تتندر بأنه قد تبنى رمسيس.
كان النقل قد تم في أغسطس من عام 2006 بسلاسة شديدة على الرغم من تعقيد الفكرة وبساطتها، بالصورة التي جعلت من كل المتابعين والصحفيين الأجانب يتابعون الحدث ليروا كيف سيسقط التمثال – على حد تعبيره - لكن جين البناء المصري الذي تجلى في المهندس أحمد حسين قد قام بعمله على الوجه الأكمل وجعل رمسيس الثاني يستقر في مكانه الجديد ليكون درة المتحف الكبير، وللمرة الأولى في تاريخه منذ اكتشافه في أواخر القرن التاسع عشر يوضع في السياق المناسب له باعتباره واحدا من أهم المنحوتات المصرية القديمة.
أتمنى أن نتذكر الآن المهندس أحمد حسين الذي أنقذ رمسيس الثاني من التقطيع أو اتخاذ وضعية الموتى، والذي سمح له وللعالم بالإطلال على واحد من رموز عظمة مصر وتاريخها، وجعل من نقله حدثا فريدا.