محمد أيمن

المتحف المصري الكبير: انتصار حضارة على الفوضى وإعلان للعالم عن أصالة مصر

السبت، 01 نوفمبر 2025 05:08 م


 

من محاولة اقتحام المتحف في ميدان التحرير عام 2011، إلى الاحتفال التاريخي بافتتاح المتحف المصري الكبير في نوفمبر 2025، ترسم مصر قصة صمود حضاري لم تعرفه المنطقة المحيطة بها. بينما غرق بعض جيراننا في فوضى دمروا فيها تاريخهم وهويتهم، نجحت مصر في حماية تراثها والحفاظ على استمرارية حضارتها العريقة، لتقدم اليوم أعظم وأكبر متحف في العالم مخصص للحضارة المصرية القديمة، وهو حدث عالمي لا يقل شأنه عن إعلان انتصار على قوى الظلام والفوضى.

المتحف يمثل أكثر من مجرد بناء، فهو شهادة حية على قدرة المصريين على الجمع بين الماضي المجيد والإبداع الحديث. وفي سياق حماية الهوية الوطنية، يبرز ضرورة إنشاء أكاديمية مصرية مستقلة لعلم المصريات، بعيدًا عن كليات الآثار والإرشاد السياحي التقليدية، لتأسيس وعي تاريخي حقيقي ومستدام.

على مدار التاريخ، تميزت الشخصية المصرية بالتسامح والاعتدال؛ لم يعرف تاريخ مصر على مدى عشرة آلاف عام أي مجزرة ارتكبها الجيش المصري، ولا قام المصريون السياسيون أو العامة بتصفية حكامهم عند الخلاف معهم. هذا الواقع التاريخي تعرض للتشويه من قبل من يسعون لصناعة تاريخ بديل، من خلال تزوير الوقائع أو خلق سرديات مزيفة، مثل الادعاءات حول موت حتشبسوت أو توت عنخ آمون، في حين تؤكد الدراسات العلمية ونصوص التاريخ أن حتشبسوت توفيت نتيجة مرض السرطان، وجثمانها دليل واضح على ذلك.

اليوم، يشارك المصريون في هذه الملحمة الحضارية عبر التعبير عن فخرهم بالتحول إلى صور فرعونية، واحتفالاتهم في الشوارع والمقاهي تعكس شغفًا جماعيًا بالتراث المصري، مؤكدين أن أي محاولات لتغيير الهوية أو محو الأصالة فشلت أمام التمسك بالتراث.

الافتتاح العالمي للمتحف الكبير، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، يشهد حضور 79 وفدًا رسميًا، بينهم 39 وفدًا برئاسة ملوك ورؤساء دول وحكومات، إضافة إلى وفود وزارية وبرلمانية رفيعة المستوى من مختلف أنحاء العالم، وممثلين عن الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. هذا التمثيل الدولي غير المسبوق يبرز الاهتمام العالمي برؤية مصر في ربط الماضي بالحاضر واستشراف المستقبل، ويعكس مكانة مصر الفريدة كجسر حضاري بين الشعوب والثقافات.

الحب العفوي للمصريين لهذا الحدث، والتفاعل الجماهيري مع المتحف الكبير، يمثل الذاكرة الجماعية للشعب وأواصره الممتدة مع أسلافه العظام. في هذه اللحظات التاريخية، يترقب العالم كيف سيحتفل أحفاد أعظم حضارة في التاريخ بتراثهم، في حدث سيظل محفورًا في تاريخ الثقافة الإنسانية.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب