- افتتاح المتحف المصرى الكبير احتفاء بإرث مصر القديمة الخالد
يُمثل المتحف المصرى الكبير، الواقع بالقرب من أهرامات الجيزة، محطة تحول بارزة فى مسيرة مصر نحو صون تراثها الثقافى القديم. وبصفته أكبر متحف أثرى فى العالم، لا يهدف المتحف إلى احتضان الكنوز الأثرية المصرية فحسب، بل يسعى أيضا إلى الربط بين عظمة الماضى وهوية الحاضر، ويُعد افتتاحه تجديدا لالتزام مصر بالحفاظ على حضارتها، وتعزيز البحث العلمى، والتفاعل الجماهيرى مع واحدة من أعظم حضارات التاريخ.
فكرة إنشاء المتحف المصرى الكبير
انبثقت فكرة إنشاء المتحف المصرى الكبير من الحاجة إلى معالجة التحديات التى واجهها المتحف المصرى القديم فى ميدان التحرير، والذى عانى منذ افتتاحه عام 1902 من ضيق المساحة وصعوبات الحفظ، فى ظل تزايد أعداد القطع الأثرية والزوار أُطلق المشروع رسميا عام 1992 خلال فترة الوزير فاروق حسنى، بهدف إنشاء مؤسسة حديثة ومتكاملة تليق بعظمة الآثار المصرية وتوفر تجربة زيارة متميزة.
وقد فاز بتصميمه مكتب هينغان بينغ المعمارى من خلال مسابقة دولية، وجاء تصميمه لافتا فى شكله المثلث المتدرج وتعامده الهندسى مع هرمى خوفو ومنقرع، يمتد المتحف على مساحة تبلغ 500 ألف متر مربع، ويضم واجهة ضخمة من الألباستر وساحة نخيل واسعة، إلى جانب بهو فخم لعرض التماثيل الضخمة، كما يجسد شعار المتحف، الذى صممه طارق عتريسى، التناغم بين الأصالة والمعاصرة.
يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تغطى أكثر من خمسة آلاف عام من تاريخ مصر، منها ما يزيد على 20 ألف قطعة تُعرض لأول مرة، وتتصدر هذه الكنوز المجموعة الجنائزية الكاملة للملك توت عنخ آمون، المكونة من 5.398 قطعة تُعرض مجتمعة لأول مرة منذ اكتشافها، وتشمل المعروضات أيضا قطعا مرممة حديثا مثل المركب الشمسى الثانى للملك خوفو، وكنوز الملكة حتب حرس، ويويا وتويا. كما توفر قاعات العرض ومتحف الأطفال والتجارب التفاعلية مزيجا فريدا من البحث الأكاديمى والتعليم العام.
يُعد افتتاح المتحف تجسيدا واضحا لحرص مصر على حماية تراثها الثقافى وتعزيز مكانتها الأكاديمية، ويتزامن الحدث مع الذكرى السنوية لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، ما يعيد إلى الأذهان أسماء خالدة مثل شامبليون وبيترى وكارتر، الذين شكلت اكتشافاتهم ركائز علم المصريات الحديث، ويأتى الافتتاح بعد فترة إغلاق مؤقتة خُصصت لتحضير المجموعات بعناية فائقة، فى تأكيد على دور المتحف كمركز عالمى للتفاعل مع تراث مصر القديمة.
بداية عصر جديد فى إدارة التراث الثقافى المصرى
والحقيقة ان الافتتاح الرسمى للمتحف المصرى الكبير يمثل بداية عصر جديد فى إدارة التراث الثقافى المصرى، إذ يجمع بين عرض القطع الأثرية الاستثنائية وتعزيز البحث الأكاديمى والتواصل مع الجماهير حول العالم، ومع اقتران لحظة الافتتاح بذكرى من أهم لحظات الاكتشاف الأثرى فى التاريخ، يُرسخ المتحف مكانة مصر كمهد للحضارة الإنسانية ومصدر إلهام علمى وثقافى للأجيال القادمة.