عبد الفتاح عبد المنعم

السيسي صانع وحدة المصريين في المشروعات الكبرى

السبت، 01 نوفمبر 2025 03:24 م


- الرئيس السيسى صانع وحدة المصريين فى المشروعات الكبرى

فى كل مرة تطل فيها مصر على العالم بإنجاز جديد، تثبت أنها ليست دولة تبحث عن الأضواء العابرة، بل دولة تبنى صورتها المستقبلية على أساس من الاستقرار والعقل والعزيمة، وافتتاح المتحف المصرى الكبير لم يكن حدثا أثريا أو سياحيا فحسب، بل بيان سياسى وثقافى مكتوب بالحجر والعلم والإرادة، يقول للعالم إن مصر تمضى فى طريق واحد بثبات وثقة ورؤية واضحة.

المتحف المصرى الكبير
المتحف المصرى الكبير


فهذا المتحف يمثل دون شك شهادة عملية على قدرة الدولة المصرية على إدارة مشروع ضخم امتد عبر عقود، تعاقبت خلاله الحكومات وتبدلت الظروف السياسية والاقتصادية، لكنه ظل ثابتا فى جدول الدولة ومحل إصرارها، وهذا فى ذاته أحد مظاهر الدولة المستقرة، تلك التى لا تتخلى عن مشاريعها مع تبدل الزمن، أو تغير الحكومات والأشخاص، بل تكمل ما بدأته لتؤكد أن البناء المؤسسى لا يتوقف، وأن القرار فى مصر ليس قرار أشخاص، بل قرار دولة تعرف إلى أين تسير، دولة مؤسسات راسخة تحترم الماضى ورجاله، وتسلم المستقبل لأجيال جديدة لتصبح آمنة مستقرة.


وفى تقديرى الشخصى أن المتحف الكبير لا ينفصل عن غيره من المشروعات القومية الكبرى التى شكلت خريطة مصر الجديدة، من العاصمة الإدارية إلى شبكة الطرق العملاقة، ومن المدن الجديدة إلى مشروعات الطاقة والموانئ، جميعها سلسلة واحدة من الأفعال المتراكمة التى تعلن أن الدولة قادرة على الاستمرار، وعلى تحويل خططها إلى واقع مهما طال الزمن أو اشتدت الأزمات، فلا شىء يستعصى على الإرادة المصرية عبر التاريخ.

المتحف المصرى الكبير (2)
المتحف المصرى الكبير 


لقد أراد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يكون افتتاح المتحف حدثا عالميا لا يُبرز فقط عظمة الحضارة المصرية، بل يجسد أيضا رسالة مهمة عن  الاستقرار السياسى فى البلاد ، وتأكيد راسخ على مدنية الدولة ورسوخ عقيدة المؤسساتية فى كل التفاصيل ،   فمصر ليست دولة تقدس الماضى منفردا أو تعيش على الأطلال، لكنها أمة  تبنى  حاضرها بثقة، و تمتلك الإرادة والقدرة على إنجاز ما وعدت به مهما طال الطريق ، تلك هى الرسالة الحقيقية التى نقدمها للعالم.


من هذه الزاوية، يصبح المتحف تجسيدا حيا لمدنية الدولة المصرية التى تُدار بالمؤسسات لا بالأفراد، وبالقانون لا بالعشوائية، وبالعقل لا بالصخب، إنه مشروع شاركت فيه كل مؤسسات الدولة، من الوزارات إلى الجامعات إلى أجهزة الهندسة والإدارة، ليصبح نموذجا حقيقيا للتكامل الوطنى وللرؤية التى تضع الثقافة والعلم فى قلب مشروع الدولة الحديثة.


ولأن المتحف فى جوهره مؤسسة ثقافية، فهو يكمل رؤية مصر كدولة سلام، فالدولة التى تحفظ آثارها، وتقدّس العلم، وتبنى المتاحف لتعليم العالم لا لتهديده، هى دولة لا تنزع إلى الحرب، بل تنزع إلى المعرفة والإنسانية، من هنا فإن المتحف الكبير يأتى امتدادا لرسالة مصر التى أعلنتها فى قمة شرم الشيخ الأخيرة حين أكدت أن السلام جزء من هويتها السياسية والدبلوماسية، وإلى جانب كل ما سبق فإن المتحف  الكبير لا يقدم فقط وجها ثقافيا للدولة، بل يقدّم وجها علميا ومعرفيا يعكس التحول الذى تشهده مصر نحو دولة التكنولوجيا والعلم، فكل ما فيه من نظم عرض رقمية وأرشفة تفاعلية وإدارة ذكية هو جزء من مشروع التحول الرقمى الذى تتبناه الدولة، إنها الدولة التى تتحدث بلغة المستقبل دون أن تتخلى عن لغتها القديمة.


وفى كل قاعة من قاعات المتحف، تظهر صورة الدولة التى تُحسن الإدارة وتحترم الزمن، دولة تدرك أن التنمية لا تقوم على العجلة، بل على الإصرار، وأن احترام القرار وتنفيذه هو عنوان الشرعية الحقيقية، فالمتحف الذى توقف وتعثر ثم اكتمل هو فى جوهره رمز للإرادة السياسية الصلبة التى حولت الفكرة إلى واقع، والعجز إلى إنجاز.


لكن الأهم من كل ذلك، أن المتحف المصرى الكبير هو أيضا رسالة إلى الوعى الجمعى للمصريين، فمن الإسكندرية إلى حلايب، ومن الصعيد إلى سيناء، ينتظر المصريون هذا الحدث كأنه شأن يخصهم جميعا، لأن ما يجمعهم ليس الجغرافيا فقط، بل الإيمان بأنهم أبناء حضارة واحدة وهوية واحدة، المتحف هنا يصبح مرآة وطنية يرى فيها كل مصرى نفسه، ويرى فيها استمرار الدولة ككيان حى يتجاوز الأجيال والحدود.


فى النهاية، يقف المتحف المصرى الكبير شاهدا على معادلة مصر الحديثة، الاستقرار كسياسة، والمدنية كقيمة، والبناء كفعل، والسلام كهوية، هو نقطة التقاء بين الماضى الذى صنع المجد والحاضر الذى يصنع القوة، بين الفراعنة الذين علّموا العالم معنى الخلود، والمصريين المعاصرين الذين يثبتون للعالم أن الخلود لا يكون بالحجارة وحدها، بل بالوعى والعلم والإصرار، إنه رسالة مصر إلى نفسها قبل أن يكون إلى العالم، أن الأمة التى تجمع أبناءها على حلم واحد، وتحترم قراراتها، وتُكمل مسيرتها رغم العواصف، هى الأمة التى لا تسقط أبدا، لأنها ببساطة تعرف من هى، وتعرف إلى أين تمضى.

p.2.3



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب