في مشهد يعكس مأساة الطفولة الفلسطينية التي لا تنتهي، يرقد الطفل مجد أبو حبيب، البالغ من العمر 11 عاما، على سرير في مجمع ناصر الطبي بخان يونس، بعد أن أصيب بحروق خطيرة تغطي نحو 40% من جسده، إثر انفجار جسم مشبوه من مخلفات الجيش الإسرائيلي.
الطفل مجد أبو حبيب داخل المستشفى
هذا الحادث المروع تسبب في حروق عميقة من الدرجة الثالثة في الجزء الأيمن من جسده، إضافة إلى حروق من الدرجة الثانية في وجهه شوهت ملامحه البريئة، تاركة وراءها ألما لا يحتمل.
مجد أبو حبيب
بحسب عائلته، يعاني الطفل من أوجاع يومية شديدة، بينما يواصل الأطباء جهودهم لإنقاذ حياته في ظل ضعف الإمكانيات الطبية داخل القطاع.
الطفل مجد أبو حبيب يصرخ بسبب الحروق
معاناة مجد زادت مع الدمار الكبير الذي لحق بمستشفيات غزة، خاصة أن الفريق الطبي المعالج، أكد أن وضع الطفل الصحي حرج للغاية، محذرين من احتمالية تسمم الدم في أي لحظة نتيجة الحروق العميقة، وهو ما يهدد حياته بالخطر الفوري.

الطفل مجد أبو حبيب واشقائه
كما أوصى الأطباء بضرورة تحويله للعلاج في الخارج بشكل عاجل، نظرًا لعدم توفر التجهيزات الجراحية والتجميلية اللازمة في مستشفيات غزة، كما ناشدت عائلته الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية التدخل السريع لإنقاذ حياة طفلهم قبل فوات الأوان.
الطفل مجد أبو حبيب بعد الحرب
الطفل مجد، الذي كان يلعب قرب منزله قبل أن يتحول يومه إلى مأساة، أصبح اليوم رمزا جديدا لمعاناة أطفال القطاع الذين يدفعون ثمن الحرب ومخلفاتها القاتلة، وسط صمت العالم وعجزه عن حمايتهم.
الطفل مجد أبو حبيب قبل الإصابة
انهيار المنظومة الصحية
وفي 12 أكتوبر، أكد الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مجمع الشفاء الطبي بغزة:، أن القطاع الصحى لا زال منهارا، و️لم يتغير أي شيء في احتياجاته منذ إعلان الاتفاق.
وأضاف خلال بيان للمجمع، أن هناك حاجة ماسة لبدائل عاجلة للمستشفيات التي دمرها الاحتلال وخرجت عن الخدمة، لافتا إلى أن هناك 350 ألفا من أصحاب الأمراض المزمنة لا يجدون أي علاج، وتابع: "نقلنا احتياجاتنا العاجلة للمنظمات الدولية لكن الوضع على حاله، وإعادة ترميم القطاع الصحي ستحتاج سنوات وأموالا ضخمة".
التحويلة الطبية للطفل مجد أبو حبيب
الطفل الموهوب
بصوت يملؤه الألم والحسرة، روت فاطمة أبو حجر، والدة الطفل الفلسطيني المصاب تفاصيل الحادث المأساوي الذي غير حياة ابنها، بعد أن أصيب بحروق خطيرة تغطي نحو 40% من جسده نتيجة انفجار جسم مشبوه من مخلفات الجيش الإسرائيلي في خان يونس جنوب غزة.
وتقول الأم في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": "مجد ابني البكر، طفل موهوب ومميز من بداية طفولته، ما كان يحب يلعب مثل باقي الأطفال، عقله أكبر من عمره، وأول مرة مسك شاكوش وهو صغير حاول يصنع لعبة من بطارية ومروحة، وكان دائمًا يقول عن نفسه: أنا المهندس مجد."
وتضيف: "أنا كأم كنت مهتمة فيه كثير، وأشاركه بكل حاجة، وأرسله على دورات وأحاول دائما أعزز شخصيته المبدعة، بل كنت مخصصة سيارة يأخدها ليذهب إلى أي مكان، وما كنت أسمح له باللعب بالشارع، وكان ملتزم بالنادي والمسجد، وحفظ القرآن، وما يترك الصلاة".
وتتابع :"مجد من وهو صغير لديه إحساس بالمسؤولية، ما يحب يطلب شيء يعرف إننا لا نستطيع توفيره له ولم يكن يثقل علينا في المصروفات، وبعد ما اندلعت الحرب وانقطعت الدراسة، صرت أحضر له الرزم التعليمية وأدرسه في البيت".
وتكمل حديثها والدموع تملأ عينيها :"كان يحب العلوم والرياضيات للغاية، وأحب التفوق ودراسة كل الكتاب مرة واحدة، وكان يحضر فيديوهات على يوتيوب عن كيفية صناعة الأشياء، وكنت دائما أساعده وأشتري له كل الأدوات اللي يحتاجها لاختراعاته".
مخلفات الحروب
وتقول والدة الطفل الفلسطيني : "بعد نزوحنا من رفح، سجلت له في مدرسة تابعة لليونيسف، وكان سعيد للغاية أنه عاد يدرس بشكل طبيعي، وفي يوم الحادث، وهو عائد من المدرسة، وقف يلعب مع أصحابه بالجلول (البنانير)، وفجأة انفجر جسم مشبوه في المنطقة اللي كانوا فيها، قريبة من مقابر النمساوي، مكان كان الجيش الإسرائيلي يفتش فيه".
وتتحدث الأم بصوت خافت: "الانفجار أصابه بحروق كبيرة في جسده، حوالي 40%، وهو الآن في العناية المركزة بمستشفى ناصر، وضعه الصحي حرج للغاية، ويحتاج دعوات الجميع، ابني ما كان يستحق هذا المصير، كان مجرد طفل يحلم يصنع شيء جميل للحياة".
قصة مجد ليست مجرد حادث عرضي، بل هي مرآة لمعاناة أطفال غزة الذين يجدون أنفسهم ضحايا لمخلفات الحروب، بين الحلم بالعلم والابتكار، وواقع الألم والدمار.