أجساد أنهكها القيد وأرواح تبحث عن الحرية.. شهادات المحررين تكشف فصول العذاب.. أسير محرر: أى حاجة تتوقعها من اغتصاب كلاب أو تعذيب وقتل شباب.. ومكتب إعلام الأسرى: سجون الاحتلال تحولت إلى مسلخ بشرى

السبت، 01 نوفمبر 2025 03:00 م
أجساد أنهكها القيد وأرواح تبحث عن الحرية.. شهادات المحررين تكشف فصول العذاب.. أسير محرر: أى حاجة تتوقعها من اغتصاب كلاب أو تعذيب وقتل شباب.. ومكتب إعلام الأسرى: سجون الاحتلال تحولت إلى مسلخ بشرى الأسرى المحررين

كتب رامي محيى الدين – أحمد عرفة

<< مدير مستشفى الشفاء الطبي: جميع المحررين تقريبا فقدوا أوزانهم ومنهم من فقد بصره 

<< المتحدث باسم وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينيين في غزة: جميع الأسرى لم توجه لهم أية تهم رسمية ولم يُسمح لهم بالتواصل مع عائلاتهم 

<< المكتب الإعلامى الحكومى: الفحوصات الرسمية والوقائع أظهرت أن الاحتلال ارتكب جرائم قتل وإعدام ميداني 

<<  جثامين الأسرى سُحقت تحت جنازير الدبابات الإسرائيلية

 

من خلف جدرانٍ صامتةٍ يكسوها البرد والرطوبة، خرجوا بعينين غارقتين في وجع لا يُحكى بسهولة، أجسادهم نحيلة، ووجوههم تحمل آثار القيد والعزلة، وأصواتهم متقطعة بين البكاء والدهشة من ضوء الحرية، المحررون من سجون الاحتلال الإسرائيلي يعودون إلى غزة حاملين معهم قصصا من القهر والعذاب، لا تُروى في بيانات رسمية ولا تُوثّقها كاميرات، بل تعيش في الذاكرة الجماعية لشعبٍ ذاق طعم الأسر عبر أجيال.

الأسير ناجي الجعفراوي : لا يصف السجن واصف
 

عبر الأسير ناجي الجعفراوي عن المعاناة الكبيرة التي تحملها الأسرى داخل سجون الاحتلال، قائلاً: "أسأل الله ألا يبقى في جفن أم أسير دمعة واحدة، أنا ذقت مرارة الأسر، ووالدي ذاق، وأمي ذاقت. والله لا يصف السجن واصف، ولا يستطيع أحد أن يصف قسوته. السجن أعظم من أن تصفه الكلمات."

تعذيب الأسرى الفلسطينيين
تعذيب الأسرى الفلسطينيين

 

وأضاف وهو يكشف الظروف القاسية داخل السجون: "الأسرى الآن مكبلو اليدين، معصوبو العينين، مضرجون على الأرض لأكثر من 100 يوم، كنا ندخل بيت الخلاء مرة واحدة في اليوم إن سنحت الفرصة، وأنا شخصياً كنت أعاني من مشاكل صحية، إذ كتب لي الأطباء عملية استئصال المرارة، ولدي مشاكل في الكلى، وعند اعتقالي كانوا يدوسوننا بأرجلهم."

وختم الجعفراوي حديثه بنداء صادق للمجتمع بالدعاء للأسرى، مؤكدا أن واجب كل مسلم هو التضامن مع هؤلاء الأبطال الذين يعانون في السجون.

مجمع الشفاء: معظم الأسرى المصابين لم يتلقوا رعاية طبية في سجون الاحتلال
 

وفي بيان صادر عن مجمع الشفاء الطبي في 14 أكتوبر كشف عن وضع الأسرى الفلسطينيين المحررين الذين حضروا للمستشفى، حيث قال إن الأسرى خرجوا منهكين وتبدوا عليهم أثار التعذيب، وبعضهم خرجوا مبتوري الأطراف.

وأضاف أن معظم الأسرى مصابون بالحرب ولم يتلقوا رعاية طبية في سجون الاحتلال، وهناك الكثير من الأطباء في سجون الاحتلال، لافتا إلى أن المأساة في مستشفيات القطاع لا تزال على حالها، وهناك حاجة لقوافل لا انقطاع لها من المستلزمات الطبية خلال الأيام والأشهر القادمة.

استلام جثامين الأسرى
استلام جثامين الأسرى

 

تواصلنا مع الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مستشفى الشفاء الطبي، الذي يؤكد أن المستشفى استقبل عدد من الأسرى المحررين، وكان واضحا عليهم علامات الإرهاق الشديد والتعب، حيث لم يكونوا قادرين على المشي سوى لأمتار قليلة فقط، وظهرت على أجسادهم آثار التعذيب بشكل صادم.

ويضيف "أبو سلمية"، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن جميع الأسرى المحررين تقريبا فقدوا من أوزانهم ما لا يقل عن 30 كيلو جراما، ومنهم من فقد بصره داخل السجن، وآخرون بُترت أطرافهم نتيجة الإهمال الطبي المتعمد وسوء المعاملة.

ويشير مدير مستشفى الشفاء الطبي، إلى أن بعض الأسرى المحررون أدلوا بشهادات مروعة عن تعرضهم للتعذيب حتى اللحظات الأخيرة قبل الإفراج عنهم، فيما تلقى بعضهم أخبارا صادمة عن استشهاد أفراد من عائلاتهم بعد خروجهم، ما استدعى إدخال عدد منهم إلى المستشفى لتلقي العلاج والرعاية النفسية اللازمة."

معاناة الأسرى الفلسطينيين
معاناة الأسرى الفلسطينيين

 

شهادات مروعة عن التعذيب
 

شهادة الدكتور محمد أبو سلمية تكشف جانب كبير من التعذيب الذي تلقاه هؤلاء الأسرى قبل خروجهم، ففي بيان صادر عن مكتب إعلام الأسرى في الأول من أكتوبر – أي قبل أيام قليلة من انتهاء الحرب – أكد أن أوضاع الأسرى المرضى داخل سجون الاحتلال تتجه نحو كارثة حقيقية في ظل سياسة الإهمال الطبي المتعمد، حيث يعاني المئات من أمراض مزمنة وخطيرة، بينهم عشرات الحالات المصابة بالسرطان والقلب والكلى والأمراض العصبية والنفسية، في وقت تواصل فيه إدارة السجون حرمانهم من العلاج اللازم والمستعجل، ما يحول السجون إلى "مقابر للأحياء".

ويكشف إسلام عبده، المتحدث باسم وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينيين في غزة، جانب من المعاناة التي عاشها الأسرى المحررين، موضحا أن عملية الإفراج الأسرى الذين تم اعتقالهم بعد السابع من أكتوبر 2023، أي منذ اليوم التالي لاندلاع الحرب في القطاع، وتعرضوا لظروف اعتقال قاسية للغاية، تضمنت تعذيبا مستمرا وأساليب شبحية ومنعا من الطعام، وما جرى لهم لم يُسمع له مثيل من قبل من حيث القسوة.

ويضيف في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن جميع الأسرى لم توجه لهم أية تهم رسمية، ولم يعرضوا على محاكمات أو أتيح لهم حق الدفاع القانوني، مما يعني أن اعتقالهم كان بمثابة احتجاز تعسفي، لافتا إلى أنهم كانوا محتجزين في مراكز وسجون تابعة للجيش الإسرائيلي أو مصلحة السجون، وخلال فترة اعتقالهم التي استمرت عامين أو أقل، لم يسمح لهم بالتواصل مع عائلاتهم أو الزيارة أو لقاء المحامين.

فحوصات ووقائع ميدانية
 

ويوضح المتحدث باسم وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينيين في غزة، أن الإفراج شمل نحو 1700 أسير من غزة، بينما لا يزال نحو 1400 أسير آخرين محتجزين في ظروف قاسية داخل السجون، ولم تشملهم صفقة الإفراج حتى الآن.

عدد من الأسرى الفلسطينيين عادوا جثث هامدة إلى مستشفيات غزة، بعد وقف إطلاق النار، وهو ما كشفه المكتب الإعلامي الحكومي الحكومي بالقطاع، خلال بيانه الصادر في 16 أكتوبر 2025، بعدما أعلن استكمال استلام 120 جثمانا من جثامين الشهداء الفلسطينيين الذين احتجزهم الاحتلال خلال حرب الإبادة التي شنها ضد الشعب الفلسطيني، وذلك على ثلاث دفعات متتالية، 45 جثماناً يوم 14 أكتوبر، و45 جثماناً يوم 15 أكتوبر، و30 جثماناً يوم 13 أكتوبر، من بينهم عشرات الجثامين مجهولة الهوية لم يتم التعرف عليها حتى الآن.

معاناة الأسرى الفلسطينيين
معاناة الأسرى الفلسطينيين

 

وأوضح أن الفحوصات الرسمية والوقائع الميدانية أظهرت أن الاحتلال ارتكب جرائم قتل وإعدام ميداني وتعذيب ممنهج بحق عدد كبير من الشهداء الذين تمت استعادة جثامينهم، حيث تم توثيق آثار شنق وحبال واضحة على أعناق عدد من الجثامين، وإطلاق نار مباشر من مسافة قريبة للغاية، ما يؤكد عمليات إعدام ميداني متعمد، وكذلك أيدٍ وأقدام مربوطة بمرابط بلاستيكية، في مشهد يوثق عمليات تقييد قبل القتل، وعيون معصوبة وملامح تشير إلى تعرض الضحايا للاعتقال قبل إعدامهم.

وأشار إلى أن هناك جثامين سحقت تحت جنازير الدبابات الإسرائيلية، في انتهاك فاضح لكل القوانين الدولية، وآثار تعذيب جسدي شديد على العديد من الجثامين، بما في ذلك كسور وحروق وجروح غائرة، لافتا إلى أن هذه الجرائم تمثل انتهاكا صارخا لاتفاقيات جنيف الرابعة والقانون الدولي الإنساني، وتؤكد أن الاحتلال استخدم سياساته الإجرامية في القتل خارج نطاق القانون والتصفية الجسدية للمعتقلين والمدنيين الفلسطينيين.

ودعا المكتب الإعلامي الحكومي، إلى تشكيل لجنة دولية مستقلة عاجلة للتحقيق في هذه الجرائم البشعة التي ارتكبها الاحتلال، ومحاسبة قادته على جرائم الحرب التي ارتكبوها ضد أبناء الشعب الفلسطيني في غزة.

هذا العدد من الجثامين يأتي ضمن مجموع 14 ألف فلسطيني من قطاع اعتقلهم الاحتلال خلال عامين من حرب الإبادة، بحسب بيان المكتب الإعلامي للأسرى الفلسطينيين في 7 أكتوبر، بينما لم يتم الإعلان عن العدد الإجمالي الأسرى الذين قتلتهم إسرائيل حتى الآن.

المحرر أبو سيدو: "كنا نعيش في غيابات الجب"

ويروي الأسير المحرر أبو سيدو جانبًا مؤلمًا من تجربته داخل سجون الاحتلال، حيث يقول:"لم يكن هناك شيء لا طعام ولا شراب. كان الأكل ممنوعًا، وحتى إن أُتيح لنا، فبشروط مهينة؛ كان علينا أن نتناول الطعام ونحن جاثون على الركب، سنة وسنة وثلاثة أشهر وأنا لا أتناول الطعام بشكل طبيعي، وإن رآك أحد السجانين ترفع رأسك أثناء الأكل، يسحبك من الباب ويجرّك أرضًا."
ويضيف أبو سيدو وهو يشير إلى إصابات ما زالت ترافقه:"سياسة كسر العظام التي عرفها الناس في الثمانينيات، أعادوا تطبيقها علينا، كسروا عظامي، وهذه يدي ما زالت مكسورة ومجبورة بطريقة خاطئة، ولم يكن هناك علاج، وكنا نتوسل لهم ليعطونا نصف حبة مسكن فقط، كانوا يكسرون العظام واحدة تلو الأخرى، ويتركوننا مقيدين بالساعات."

آثار تعذيب الأسرى الفلسطينيين
آثار تعذيب الأسرى الفلسطينيين

ويتابع حديثه عن العزلة القاسية التي عاشها مع زملائه:"كنا في غيابات الجب، لا نعرف التواريخ ولا تصلنا زيارات المحامين، بعد ثمانية أشهر فقط من اعتقالي زارتني محامية مؤسسة الضمير، بعد أن وكّلتني زوجتي، ولم تكن الزيارة إلا للاطمئنان، أخبرتني أن عائلتي بخير، قلت لها: لا تقولي لهم إني لست بخير، لا أريدهم أن يقلقوا عليّ، لكن الحقيقة أني لم أكن بخير."
ويختم أبو سيدو حديثه بعينين دامعتين: "هددوني بأهلي وقالوا لي إنهم سيقتلون أولادي، لكن حين خرجت رأيتهم أمامي أحياء، كانت تلك دمعة فرحٍ لا توصف. الحمد لله، رأيت أمي وأبي بأعين تفيض شكرًا لله."

 

سجن النقب يوثق الجرائم والانتهاكات بحق الاسرى والمعتقلين
 

جانب من التعذيب الذي تعرض له الأسرى كشفه نادي الأسير الفلسطيني في بيانه الذي صدر في الثالث من أكتوبر، عندما أكد أن سجن "النقب" الذي تحتجز فيه سلطات الاحتلال متضامني "أسطول الصمود"، يُعدّ واحدًا من أبرز السجون التي وثقت فيها مئات الجرائم والانتهاكات بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.

وأضاف نادي الأسير أن سجن "النقب" يضم آلاف الأسرى الفلسطينيين، وبينهم معتقلون من غزة، لافتا إلى أن عددا من الأسرى ارتقوا فيه منذ بدء حرب الإبادة، ومن بينهم الأسير ثائر أبو عصب الذي استُشهد جراء الضرب المبرح والتعذيب على أيدي وحدات القمع.

عدد من جثامين الأسرى الفلسطينيين
عدد من جثامين الأسرى الفلسطينيين

 

وأشار نادي الأسير إلى أن المقاطع التي نشرها مجددا الوزير اليمني المتطرف "بن غفير" ليست الأولى من نوعها، سواء من داخل سجن النقب أو غيره من السجون، إذ سبق أن ظهر في مشاهد مشابهة وهو يصف الأسرى الفلسطينيين بأبشع الأوصاف، ويهددهم بالقتل، ويستعرض عمليات التنكيل والإذلال بحقهم.

تحريض بن غفير ضد الأسرى

فيما مكتب إعلام الأسرى، خلال بيان في 23 أكتوبر، أن  ما يجري داخل السجون من تعذيب وتجويع وحرمان من العلاج هو تجسيد عملي لدعوات إيتمار بن غفير الفاشية، وكشفت شهادات المحررين في صفقة طوفان الأقصى 3 عن ممارسات وحشية، شملت إعدامات ميدانية وتعذيبًا حتى الموت بحق أسرى من غزة، محملا حكومة الاحتلال وعلى رأسها الوزير الإسرائيلي المتطرف المسؤولية الكاملة عن الجرائم بحق المعتقلين، ومطالبا بتشكيل لجنة تحقيق دولية لمحاسبة المسؤولين، ووقف الانتهاكات فورا، وإعادة زيارات الصليب الأحمر والعائلات، وضمان حماية الأسرى وفق القانون الدولي الإنساني.

جبريل الصفدي: شهادة من داخل جحيم السجون الفلسطينية

وكذلك في سرد مؤلم لتجربته داخل سجون الاحتلال، يروي الأسير المحرر جبريل الصفدي كيف بترت رجله نتيجة التعذيب الوحشي الذي تعرض له. يقول الصفدي: "بترت رجلي أنا في السجن من التعذيب، وكانت الأمور صعبة، وكانت معاناة شديدة للغاية، كان ضرب وتعذيب بشكل رهيب جدًا، ولم يقتصر الألم على الإصابات الجسدية فقط، بل شهد أيضاً انعدام الرعاية الطبية، إذ نقل إلى منطقة معزولة داخل السجن حيث لا يوجد علاج طبي".

الأسير المحرر جبريل الصفدي
الأسير المحرر جبريل الصفدي


ويضيف الصفدي أن الاحتلال كان ينوي بتر الرجل الأخرى، لكن "الحمد لله قدر الله وما شاء فعل"، واصفا المعاملة القاسية داخل السجون التي تجاوزت حدود الإنسان، قائلا: "أي حاجة تتوقعها من اغتصاب كلاب، من تعذيب الشباب، من قتل الشباب، ولا كأنه في حاجة".

ويشير إلى استشراء الظلم والقتل الذي أصبح أمراً مألوفاً في السجون، كما يلخص معاناة الأسرى بقوله: "كنا نشوف تيجي عندنا القمامات الشباب تموت".

ويستذكر الصفدي شهداء الأسرى الذين فقدهم داخل السجن، ومنهم الأسير مصعب هنية والأسير كمال راضي والأسير نور مقداد، في إشارة إلى المئات من الشهداء الذين عايشهم داخل جحيم الأسر.

وبحسب بيان صدر عن مكتب إعلام الأسرى الفلسطينيين، في 17 أغسطس، كشف كيف تحولت سجون الاحتلال إلى مسلخ بشري، حيث كشفت حينها زيارة قانونية حديثة عن واقع مأساوي يعيشه الأسرى في سجن "مجدو" وتعرضهم للتفتيش المستمر، الضرب، التجويع، والشتائم.

أوضح الأسرى خلال الزيارة، أن الكثير منهم يعانون من أمراض، أبرزها السكابيوس وسط غياب كامل للرعاية الطبية، كما تعرضوا لاقتحام "قمعة" شاملة، تخللها الضرب والسحل، ما أدى إلى إصابة معظمهم بالورم نتيجة الاعتداءات، لافتين إلى أن "الفورة" تمنح حسب مزاج الإدارة ودون مواعيد محددة فيما يبقى الطعام في أسوأ أحواله.

أسرى فلسطينيين محررين
أسرى فلسطينيين محررين

 

وحمل مكتب إعلام الأسرى الفلسطينيين،  إدارة سجون الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى في سجن "مجدو"، مؤكدا أن ما يتعرضون له من ضرب وتجويع وإهمال طبي يشكل جريمة منظمة، ودعا المؤسسات الدولية والحقوقية إلى التدخل العاجل لوقف هذه الانتهاكات.

قبلها بـ5 أيام فقط، كان الاحتلال قرر العمل بقانون المقاتل غير الشرعي والذي يتيح حرمان معتقلي غزة من المحامين 75 يوما من خلال تمديد العمل بقانون المقاتل غير الشرعي حتى 31  ديسمبر 2025 وإتاحة احتجاز الفلسطينيين من القطاع دون تهم أو محاكمة، وحرمان المعتقل من لقاء محامٍ حتى 75 يوما (45 بقرار الضباط + 30 بقرار القاضي).

كما أكد مكتب إعلام الأسرى في 19 أغسطس، أن الاحتلال اعترف بوجود 2800 أسير من غزة محتجزين دون تهمة أو محاكمة ويواجهون التعذيب والقتل الميداني.

 

لحظة الحرية بعد سنوات من المعاناة

في لحظة مؤثرة ومليئة بالأمل، عبر أحد الأسرى المحررين عن مشاعره العميقة بعد إطلاق سراحه، وخلال نقله عبر حافلات إلى مستشفيات غزة، قائلا: "أنا مش مصدق إني مروح، أنا أول مرة أشوف السماء بدون شبك، اليهود ما خلونا نشوف السماء، ودائما إحنا محرومين من الحرية، أنا اليوم مش مصدق حالي إني مروح."
وأضاف زميله في نفس الشاحنة، الذي عانى سنوات طويلة في سجون الاحتلال:"أسوأ ظروف يعني مرينا بها في حياتنا، يعني التعذيب تعذيب، أجسامنا معلمة، حرق، ضرب، قمع، يعني تكسير، أجسامنا معلمة يعني كله هذا مبين، والحمد لله على كل حال."
وتابع حديثه عن واقع الاعتقال القاسي:"ظروف الاعتقال قاسية جداً جداً، لا يوجد طعام، طعام شحيح، الشراب، الدواء شحيح للغاية، القمعات، الضرب العنيف، كل الأساليب التي لا يتخيلها العقل البشري. مارسوا علينا جميع أنواع وألوان التعذيب، التعذيب الجسدي والتعذيب النفسي، والحرمان من الطعام والحرمان من الماء."
وعن صموده رغم المعاناة، قال:"وكانوا يمارسوا علينا أنهم قد أبادوا الشعب الفلسطيني في غزة وأنهم قد انتهكوا حرماتنا هنا، ولكن كنا صامدين لأننا نعلم أن خلفنا رجال."
واختتم حديثه معبرا عن فرحته الكبيرة بالحرية واللقاء مع أهله:"ضرب وتعذيب وإهانات يعني ما في ذرة من الإنسانية بالنسبة لنا في التعامل، وظروف صعبة كانت كل الأسرى بيعانوا منها، سنة كاملة وأنا ما أرى الشمس ولا الهوا ولا الأكل ولا الشرب، والحمد لله بعد معاناة كبيرة، والحمد لله شفت أهلي وخواتي، الحمد لله رب العالمين. هذا أنا أكتر شئ، الحمد لله."

قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين

قبل اتفاق وقف إطلاق النار بأيام، وبالتحديد في 28 سبتمبر، صادقت الكنيست الإسرائيلية بالقراءة الأولى، على قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين منفذي العمليات الفدائية، حيث تمت المصادقة على الرغم من معارضة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومفوض شؤون الأسرى والمفقودين جال هيرش، وكذلك اعتراض المستشار القانوني للجنة، الذي شدّد على أنه لا يمكن إجراء تصويت رسمي خلال عطلة الكنيست.

أشكال التعذيب التي تعرض لها المعتقلين الفلسطينيين، كشفت عنها مؤسسات الأسرى في بيان نشرته في 14 سبتمبر، الذي أكد وجود أكثر من 19 ألف حالة اعتقال، منذ بداية الحرب، والعدد الإجمالي للأسرى 11,100 وهو الأعلى منذ انتفاضة الأقصى، موضحا أن أبرز الانتهاكات بحق الأسرى تجويع وفقدان وزن، وانتشار الأمراض مثل مرض الجرب في سجن عوفر، و4 عمليات قمع للأسيرات، و32% من الأسرى رهن الاعتقال الإداري، وما زال الاحتلال يحتجز 85 جثمانًا لشهداء الحركة الأسيرة.

 

وبحسب بيان لنادي الأسير الفلسطيني في 19 أكتوبر، أكد أن الاحتلال يواصل قتل الأسرى والمعتقلين في سجونه، بعد استشهاد الأسير محمود عبد الله في مستشفى "أساف هروفيه"، مشيرا إلى أن منظومة السجون الإسرائيلية ماضية في جريمة الإبادة بحق الأسرى والمعتقلين.

تعذيب الأسيرات

فيما أكد مكتب إعلام الأسرى في 7 أغسطس، أن هناك 49 أسيرة في سجن الدامون يتعرضن لانتهاكات يومية وإهمال طبي وحرمان من أبسط الحقوق، مشيرا إلى أن غُرف الأسيرات مغلقة طيلة الوقت، وهناك قمع مستمر من إدارة سجون إسرائيل، وتم تسجيل 4 حوادث قمع، حيث اصطحب عناصر إدارة سجون الاحتلال الكلاب البوليسية إلى أقسام الأسيرات، وتركيب كاميرات في بعض غرف الأسيرات بشكل دائم، فيما لا تتوفر ملابس خاصة للصلاة، توجد قطعة واحدة فقط تستخدم بشكل مشترك بين المعتقلات.

معاناة الأسرى الفلسطينيين
معاناة الأسرى الفلسطينيين

 

انتهاكات ضد حسام أبو صفية داخل السجن

ورغم إفراج الاحتلال عن  250 معتقلا من سجونها يقضون أحكاما بالسجن المؤبد، و1718 معتقلا من غزة اعتقلوا عقب بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023، إلا أنها لا زالت تحتجز مئات المعتقلين من القطاع، من بينهم الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان الذي يتعرض لعمليات تعذيب داخل المعتقل، حيث يعاني من وضع صحي صعب وسط حرمان متعمد من العلاج.

وبحسب بيان صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية، تضمن معطيات من محامية الطبيب وفق آخر زيارة له داخل السجون، وصفت حالته الصحية بالصعبة في ظل الحرمان المتعمد من العلاج، كما وصفت الانتهاكات التي يتعرض لها داخل السجون بالوحشية، مؤكدة تعرضه للضرب المتواصل خلال التحقيق، وفقد 40 كيلو جرامًا من وزنه، ويعاني من ارتفاع ضغط الدم وضعف عضلة القلب.

وأشارت غيد غانم قاسم، محامية حسام أبو صفية، إلى أن الطبيب الفلسطيني، كان يزن 100 كيلو أما الآن فلا يتعدى الـ60، وتعرض للضرب الشديد في منطقة القفص الصدري والوجه والرأس والرقبة استمر نحو 30 دقيقة، فيما رفضت سلطات الاحتلال تقديم الدواء والعلاج له وتقديمه لطبيب مختص للكشف عليه.

وأشارت إلى أن أبو صفية لا يزال يلبس ملابس الشتاء رغم ظروف الاعتقال السيئة من تجويع وتعذيب وعزل، ويقبع في زنزانة تحت الأرض لا تدخلها الشمس.

وأكدت عائلة الدكتور حسام أبو صفية، أن الاحتلال مدد الاعتقال الإداري لمدير مستشفى كمال عدوان لمدة ستة أشهر إضافية، معبرة عن بالغ قلقها إزاء استمرار احتجازه دون توجيه أي تهمة أو محاكمة عادلة.

وأضافت عائلة الطبيب الفلسطيني، أن تمديد الاعتقال يشكل عبئًا نفسيًا وإنسانيًا كبيرًا على عائلته وزملائه ومحبيه حول العالم.

الأسير المحرر أحمد مهنا يكشف فصول العذاب داخل سجون الاحتلال

زميله الدكتور أحمد مهنا، مدير مستشفى العودة في شمال قطاع غزة، والأسير المحرر مؤخرا بعد اتفاق وقف إطلاق النار بعد اعتقال دام سنة وعشرة أشهر، قضاها في ظروف قاسية وصفها بـ"غير الإنسانية"، وفي تصريح له بعد تحرره، قال إن فترة اعتقاله تخللتها شتى أنواع العذابات الجسدية والنفسية، مؤكدا أن الاحتلال لم يتوانَ عن استهداف الأطباء داخل المعتقلات، رغم دورهم الإنساني، مما أدى إلى استشهاد عدد من الأسرى نتيجة الإهمال الطبي المتعمّد وسوء المعاملة.

وأوضح مهنا أن قوات الاحتلال كانت تكبّل أيدي المعتقلين لساعات طويلة، في أماكن احتجاز شبكية تفتقر لأبسط مقومات الحياة، خاصة في ظل ظروف مناخية صعبة، ما زاد من معاناة الأسرى، مضيفا أن التهم التي وُجهت إليهم كانت زائفة ومسيئة، مشيرا إلى أن المستشفى الذي يعمل فيه "يعنى فقط بالنساء والأطفال"، في دلالة على الطابع الإنساني لعمله الذي لم يشفع له أمام آلة القمع الإسرائيلية.

ودعا مهنا المؤسسات الحقوقية والدولية إلى فتح تحقيق جدي في الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى داخل سجون الاحتلال، مطالبا بتوفير الحماية اللازمة للأطقم الطبية الفلسطينية، سواء داخل السجون أو في الميدان.
وفي 18 أكتوبر، أعلنت وزارة الصحة بغزة، وصول عشرات الجثامين إلى قطاع غزة على عدة دفعات، قائلة في بيان لها :"الجثامين التي تسلمناها جرد بعضها من الملابس وعليها آثار تعذيب وأعيرة نارية بالصدر والرأس، ولا نملك مختبرات وأجهزة للكشف عن الهوية للتعرف عليها".

قبلها بيوم، شن الصحفي البريطاني أوين جون، هجوما عنيفا على إسرائيل متهما إياها بأنها عذبت أسرى فلسطينيين حتى الموت، ولم تتكلف عناء إخفاء فعلها، لأن الإعلام الغربي سيتجاهل الجريمة، موضحا أن تل أبيب مارست تعذيبا وحشيا وساديا بحق الأسرى الفلسطينيين، وصمت المؤسسات الإعلامية الغربية تواطؤ أخلاقي يساهم في استمرار الانتهاكات بحق الفلسطينيين.

ارتفاع كبير في عدد شهداء الحركة الأسيرة

وشهدت الشهور الماضية ارتفاع كبير في عدد الشهداء من الأسرى الفلسطينيين، بعدما أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، ونادي الأسير الفلسطيني، ارتفاع عدد الشهداء إلى 74 شهيدا، وهم فقط من عُرفت هوياتهم، في ظل استمرار جريمة الإخفاء القسري، ما يجعل من هذه المرحلة في تاريخ الحركة الأسيرة الأكثر دموية.

أسرى غزة الشهداء
أسرى غزة الشهداء

 

وأشارت في إحصائياتها، إلى بلوغ عدد شهداء الحركة الأسيرة المعلومة هوياتهم منذ عام 1967، 311 شهيدا، مؤكدة أن وتيرة تصاعد أعداد الشهداء بين صفوف الأسرى والمعتقلين أصبحت نتيجة حتمية، وتأخذ منحى أكثر خطورة مع مرور المزيد من الوقت على احتجاز آلاف الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، واستمرار تعرضهم بشكل لحظي لجرائم ممنهجة، أبرزها التعذيب، والتجويع، والاعتداءات بكافة أشكالها، والجرائم الطبية، والاعتداءات الجنسية، والتعمد في فرض ظروف تؤدي إلى إصابتهم بأمراض خطيرة ومعدية، أبرزها مرض الجرب (السكايبيس)، فضلا عن سياسات السلب والحرمان غير المسبوقة.

جثامين مجهولة الهوية

وأعلن المكتب الإعلامي الحكومى بغزة، دفن جثامين 54 شهيدا من الذين احتجزهم الاحتلال  خلال حرب الإبادة، حيث أعاد جثامينهم بعد أن ظهرت عليها آثار واضحة للتعذيب الوحشي والإعدام الميداني والتصفية الجسدية، في جريمة تضاف إلى سجل جرائم الحرب والانتهاكات الصارخة لاتفاقيات جنيف الرابعة والقانون الدولي الإنساني، موضحا أن هذه الجثامين كان من الصعب التعرف عليها واستوفت المدة المقررة، وبعد توثيقها وتوثيق متعلقاتها وعددها 54 جثة، تم دفنها في مقبرة بمنطقة دير البلح في قبور مرقمة ومعروفة.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، فإن الفحوصات الرسمية والمشاهدات الميدانية التي وثّقتها الجهات الحقوقية الفلسطينية أكدت أن الاحتلال ارتكب بحق الشهداء انتهاكات بشعة، من بينها آثار شنق وحبال على أعناق عدد كبير من جثامين، وإطلاق نار مباشر من مسافة قريبة للغاية، ما يدل على إعدامات ميدانية متعمدة، وتقييد الأيدي والأقدام بمرابط بلاستيكية قبل ارتكاب جريمة القتل الميداني، وعيون معصوبة وملامح تشير إلى اعتقال الضحايا قبل إعدامهم، وآثار تعذيب وحروق وكسور وجروح عميقة تؤكد ممارسة أساليب وحشية ضد المعتقلين.

وأشار إلى أن هذه الجرائم الموثقة تعد دليلا قاطعا على الإعدام خارج نطاق القانون، وتشكل انتهاكا فاضحا لكل الأعراف الإنسانية والاتفاقيات الدولية، مطالبا المجتمع الدولي ومحكمة الجنايات الدولية وكل المحاكم الدولية والمنظمات القانونية والحقوقية إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة عاجلة، ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائم الحرب والإبادة الجماعية والتطهير العرقي.

سحق للرأس والصدر وتهشم في العظام

وأكد الدكتور منير البرش مدير عام وزارة الصحة الفلسطينية، أن الجثامين التي وصلت المستشفيات مؤخرا بدت على كثيرٍ منهم آثار سحق كامل للرأس والصدر، وتهشم في العظام، وتمزق في الأنسجة الرخوة، نتيجة وقوع أجسادهم بين قوتين متعاكستين، حيث الأرض من الأسفل وآليات عسكرية ثقيلة من الأعلى، لافتا إلى أن ️هذه ليست إصابات معركة، بل إعدامات ميدانية وسحقٌ متعمّدٌ لأجساد بشرية تحت جنازير الحديد.

جثث لم تحمل أسماء بل رموزا

وبحسب تحقيق لصحيفة الجارديان البريطانية في 21 أكتوبر، فإن الجثامين المشوهة للفلسطينيين التي أعادتهم إسرائيل إلى القطاع كانت محتجزة في مركز اعتقال سيئ السمعة، كاشفة أن وثائق وُجدت داخل كل كيس جثة تشير إلى أن الجثث جميعها نُقلت من قاعدة سديه تيمان العسكرية في صحراء النقب، حيث كان يحتجز المعتقلون الفلسطينيون في أقفاص وهم معصوبو الأعين ومقيّدو الأيدي ومكبّلون إلى أسرة المستشفيات، ويجبرون على ارتداء الحفاضات.

وذكر التحقيق، أن صور الجثث الفلسطينية، تظهر عددا من الضحايا معصوبي الأعين وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، فيما تظهر إحدى الصور حبلا مربوطا حول عنق أحد الرجال، كما أن الجثث لم تحمل أسماء بل رموزا فقط.

جرائم فظيعة داخل أسوار السجون

من جانبه يؤكد الباحث الفلسطيني المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة أن لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع حربا كهذه، فما حدث كان شيئاً من الخيال، وأظن أن ما أصاب غزة وأهلها لم يكن يخطر في بال أيٍ من الفلسطينيين، ولا حتى في الأحلام المزعجة والكوابيس المفزعة."

ويضيف فروانة أن حرب الإبادة الإسرائيلية غير المسبوقة ضد الشعب الفلسطيني استهدفت مكوناته المتعددة، والأسرى هم مكون أصيل ورئيسي من مكونات الشعب الفلسطيني، وقد نالهم من هذه الحرب نصيب وافر من الجرائم المتعددة، لافتة إلى أن حجم الجرائم الإسرائيلية فاق الحدود والتصور، وهذه الجرائم ليست محصورة بين أسوار سجن سديه تيمان فقط، بل تحدث ممارسات مماثلة في معظم السجون الأخرى، وما يحدث ليس مقتصرا على فئة دون أخرى، ولا على معتقلي غزة فحسب، أو على من اعتُقلوا منذ بدء العدوان ، بل هو ضد الأسرى والمعتقلين كافة، وإن كان النصيب الأكبر منها لمعتقلي القطاع الذين يمثلون عنوان المرحلة."

ويشير فروانة إلى أن ما كُشف عنه من جرائم فظيعة ومتعددة، وخاصة في سجن سديه تيمان، هو غيض من فيض، وجزء يسير مما تتناقله ألسن المفرج عنهم، وما ينقله المحامون من شهادات مروعة، وما سيُكشف عنه في الأيام والأشهر القادمة، موضحا أن جرائم التعذيب الجسدي التي تؤدي إلى الموت، والتعذيب النفسي القاسي، التي مارست بصورة غير مسبوقة من حيث الفظاعة والوحشية، إلى جانب الإهمال الطبي المتعمد وسوء المعاملة، تسببت باستشهاد 77 معتقلا منذ بدء حرب الإبادة، بينهم 46 من قطاع غزة، وهؤلاء هم فقط من أعلن عن أسمائهم، بينما تشير التقديرات إلى وجود شهداء آخرين لم تُعلن أسماؤهم بعد.

ويوضح أن هذا العدد من الشهداء المعروفين خلال عامين هو الأعلى تاريخياً، ويفوق أعداد الأسرى والمعتقلين الذين استشهدوا في السجون الإسرائيلية على مدار 20 عاماً سبقت حرب الإبادة، لافتا إلى أن "الآلاف من المختفين قسرياً، أحياء وأموات، منذ 7 أكتوبر 2023، يجب ألا يذهبوا في طي النسيان، والكشف عن مصير مئات المعتقلين خفف حد الألم والوجع الذي تعيشه عائلاتهم، ونقل أسرهم من حالة الانتظار غير المعلوم إلى حالة انتظار طبيعي مصحوب بالقلق الدائم، بينما لا يزال مصير آلاف آخرين مجهولا.

33,000 حالة اعتقال في غزة والضفة والقدس

ويؤكد أنه تم رصد ما لا يقل عن 33,000 حالة اعتقال في غزة والضفة والقدس منذ بداية الحرب منهم يزيد عن 13,000 من غزة، وفق التقديرات، وهي أرقام غير مسبوقة منذ انتفاضة الحجارة التي انطلقت قبل أكثر من ثلاثة عقود، متابعا: "لسان حال من اعتقلوا يقول: "من لم يُعتقل بعد 7 أكتوبر، فكأنه لم يُعتقل أبداً"، في إشارة إلى شدة التعذيب وقسوته مقارنة بالفترات التي سبقت الحرب.

ويوضح أن مرحلة ما بعد 7 أكتوبر  2023 شكلت الفترة الأكثر دموية والأخطر في تاريخ الحركة الوطنية الأسيرة، وشهدت أحداثا وأرقاما صادمة لا يمكن حاليًا الإحاطة بجميعها أو التطرق إلى تفاصيلها، وربما يظن البعض أن الوصف مبالغ فيه بسبب غياب الصورة الكاملة واقتصار أدلة الإثبات على شهادات الضحايا، في ظل إصرار دولة الاحتلال على استمرار إغلاق السجون أمام وسائل الإعلام وممثلي المؤسسات الدولية.

وأعلن الصليب الأحمر، في 16 أكتوبر، تسليمه للجانب الفلسطيني نحو 30 جثمانا لأسرى فلسطينيين من غزة، فيما ظهر على الجثث آثار تعذيب ، وهو ما كشفه الدكتور منير البرش أيضا في تغريدة لاحقة له عبر حسابه على "تويتر"، قائلا :"هكذا أُعيدت إلينا جثامين أسرى غزة، مقيدين كالحيوانات، معصوبي الأعين، وعليهم آثار تعذيب وحروقٍ بشعة تكشف حجم الإجرام الذي ارتُكب في الخفاء، فهؤلاء لم يكونوا تحت التراب، بل معتقلين في ثلاجات الاحتلال لشهور طويلة، تُركت أجسادهم البريئة شاهدة على وحشية الجلادين".

تغريدة منير البرش
تغريدة منير البرش

 

موت غير طبيعي

وواصل "البرش"، حديثه عن تعذيب الاحتلال للأسرى من غزة وقتلهم :"لم يموتوا موتًا طبيعيًا، بل أُعدموا بعد أن قُيّدوا، وهي جريمة حرب مكتملة الأركان تستدعي تحقيقًا دوليًا عاجلًا ومحاسبة الجناة أمام العدالة الدولية".

وأعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رصده تسليم سلطات الاحتلال عشرات الجثامين الفلسطينية من القطاع عبر الصليب الأحمر، بينهم عشرات الجثامين مجهولة الهوية، مشيرا في تقرير له نشره عبر موقعه الرسمي في 16 أكتوبر، أن الدلائل تظهر بوضوح تعرض العديد من الضحايا لجرائم تعذيب وحشي ومتعمد وإعدام عدد منهم بعد احتجازه.

تقرير المرصد الأورومتوسطي
تقرير المرصد الأورومتوسطي

 

سحق الأسرى تحت جنازير الدبابات

وقال المرصد، إن الفحوصات الطبية وتقارير الطبّ الشرعي ومشاهدات فريقه الميداني  أظهرت دلائل دامغة على أن العديد من الضحايا قُتلوا بعد احتجازهم ووجدت على أجسادهم آثار شنقٍ وإطلاق نار مباشر من مسافة قريبة، وبعض جثامين الشهداء سحقت تحت جنازير دبابات وأخرى تحمل آثار تعذيب جسدي شديد وكسور وحروق وجروح غائرة.

ونقل عن طبيب فلسطيني مختص في الطب الشرعي، تأكيده أنهم استقبلوا 120 جثمانًا، منها ستة فقط تم التعرف عليهم، موضحا أن أغلب الجثامين كانت في وضع كارثي، حيث هناك أمثلة عديدة تؤكد حالات تعذيب وإعدام بين المعتقلين، من بينها جثة رقم: H32 NMC 14/10/2025، التي أظهرت بوضوح تعرض المعتقل للإعدام شنقًا بعد تقييده وعصب عينيه.

وأشار الطبيب الفلسطيني، إلى أن الجثمان ظهر عليه آثار تعذيب واضحة على جسده، فيما أظهرت جثث أخرى إصابات بحروق بالغة، وقيودا في الأيدي والأرجل، لافتا إلى أن هذه المشاهد لم يسبق أن شاهدتها من قبل بعد سنوات طويلة من العمل.
وأكد أن الغالبية العظمى من الضحايا الذين سلمت جثامينهم ما تزال هوياتهم مجهولة، وبالتالي لم تُعرف ظروف اعتقالهم أو احتجازهم أو إخفائهم قسرا، ولا ملابسات تعذيبهم أو قتلهم. وشدّد على أنّ قتل أشخاصٍ مقيدي الأيدي والأرجل ومعصوبي الأعين لا يمكن تبريره تحت أي ظرف، ويشكل جريمة مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي، بغضّ النظر عن صفة الضحية أو وضعه، سواء كان مدنيًا أو مقاتلًا أُسر بعد توقيفه.

وطالب المرصد الأورومتوسطي، بتمكين الجهات الطبية والحقوقية المستقلة من دخول قطاع غزة لإجراء الفحوصات اللازمة لتحديد هويات الجثامين وتوثيق أسباب الوفاة، لافتا إلى أن غياب أي وسائل تحققٍ فعّالة في ظل الظروف الراهنة يطيل معاناة الأهالي الذين يعيشون بين الأمل والحداد، ويقوّض حقهم في معرفة مصير ذويهم وتوديعهم بطريقة تليق بكرامتهم الإنسانية، إذ يُعدّ استمرار اختفاء أحبّائهم وعدم معرفة مصيرهم شكلا من أشكال التعذيب النفسي والمعاناة المستمرة للأسر، بما يستوجب تدخلا عاجلا لإنهائه وضمان كشف الحقيقة وجبر ضرر المتضررين.

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة