في قلب وادي النطرون، حيث يلتقي الإيمان بالعلم، تفتح الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أبواب مكتبتها البابوية المركزية، صرح المعرفة الذي جمع بين التراث القبطي العريق والبحث العلمي المعاصر.
هنا، لا يقتصر الدور على حفظ الكتب والمخطوطات، بل يمتد ليصبح منصة للباحثين، وبيت خبرة يعكس رؤية قداسة البابا تواضروس الثاني في تمكين الكنيسة من خدمة العلم والتعليم، وربط الماضي بالحاضر، والروحاني بالمجتمعي.
المكتبة ليست مجرد مكان للاطلاع، بل تجربة حية تجمع بين التاريخ، الثقافة، والإبداع، لتكون نموذجًا فريدًا لمؤسسة كنسية وطنية معاصرة تسعى للحفاظ على الإرث القيمي والمعرفي للأقباط والمجتمع المصري بأسره.
مشروع كنسي وثقافي يحفظ التراث
افتتحت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في 19 نوفمبر 2019، المكتبة البابوية المركزية في مقرها بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون، لتكون صرحًا علميًا متكاملاً يخدم الباحثين والدارسين في مجالات اللاهوت والقبطيات والعلوم الكنسية، ويجمع بين الدراسة والتراث والمتحف في مكان واحد.
مشروع البابا تواضروس الثانى
تبلورت فكرة إنشاء المكتبة لدى قداسة البابا تواضروس الثاني مع ازدياد عدد المعاهد ومراكز الأبحاث اللاهوتية، لتصبح المؤسسة المركزية التي تحفظ الإنتاج المعرفي للكنيسة، وتتيح للباحثين الاستفادة من الكتب والمخطوطات والرسائل العلمية، بما يواكب تطورات البحث العلمي الحديث.
أقسام المكتبة.. تنظيم علمي يراعي كل فرع من المعرفة
تضم المكتبة أقسامًا متخصصة تشمل الكتاب المقدس، العلوم اللاهوتية، تاريخ المسيحية، المعارف العامة، والدوريات والمجلات. هذا التنظيم يتيح للباحثين الوصول إلى مصادر دقيقة وموثقة بسهولة، ويجعل المكتبة منصة علمية متكاملة لكل باحث في المجال الديني والثقافي.
المكتبة متحف حي.. تراث وتاريخ في قلب وادي النطرون
تجمع المكتبة بين كونها مكتبة ومتحفًا، إذ تعرض خشبة الصليب المقدس التي صُلب عليها السيد المسيح، وقلاية البابا شنوده والعديد من المقتنيات والهدايا التذكارية، ما يضفي بعدًا تاريخيًا وفنيًا ويجعلها مكانًا يربط بين المعرفة والتجربة الروحية والثقافية.
خدمات رقمية وعلمية حديثة.. المكتبة في عصر المعلومات
تحتوي المكتبة على قاعات للقراءة والبحث، وأجهزة ماسحات ضوئية متخصصة لتحويل الكتب والمخطوطات إلى نسخ رقمية، إضافة إلى معمل للترميم وبيت ضيافة للباحثين. هذا يضمن حفظ المواد القيمة واستخدامها في البحث العلمي محليًا وعالميًا، ويجعل المكتبة نموذجًا للمؤسسة الثقافية الرائدة.
رسالة الكنيسة القبطية.. الحفاظ على التراث والاندماج مع المجتمع
تؤكد الكنيسة القبطية أن المكتبة البابوية المركزية تمثل مهمتها الوطنية والدينية: الحفاظ على التراث القبطي والمصري، وتعزيز الوعي الثقافي والديني لدى المجتمع، بالإضافة إلى تشجيع البحث العلمي وتبادل المعرفة بين الباحثين محليًا وعالميًا، ما يجعلها صرحًا وطنيًا وروحيًا في آن واحد.