شموس خالدة تغرب من غزة لتشرق فى كل الدنيا.. حكايات إنسانية من قوائم الشهداء تفجّرت فى القطاع لتبقى ماثلة فى ذاكرة العالم.. هند رجب تحمل قضيتها العادلة إلى شاشات السينما

الثلاثاء، 07 أكتوبر 2025 03:00 م
شموس خالدة تغرب من غزة لتشرق فى كل الدنيا.. حكايات إنسانية من قوائم الشهداء تفجّرت فى القطاع لتبقى ماثلة فى ذاكرة العالم.. هند رجب تحمل قضيتها العادلة إلى شاشات السينما غزة

كتب - عبد الوهاب الجندى

- جثمان «سدرا» يهزم سردية إسرائيل بقوة المأساة


على مدار عامين من الحرب التى لم نشهد لها مثيل فى التاريخ الحديث، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلية جرائم وإبادة ممنهجة ضد الفلسطينيين على أرض قطاع غزة، وعلى الهواء مباشرة نُقلت كل أحداث الحرب ليشاهدها الصغير والكبير، وسجلت شخصيات أسماءها بحروف من ذهب فى سجلات التاريخ المعاصر، بسبب ما اقترفته جنود الاحتلال الإسرائيلى إما فى أجسادهم أو فى طريقة قتلهم، بداية من «هند رجب» و«ريم روح الروح» و«سدرا حسونة» و«عهد بسيسو»، وأطفال عائلة النجار، ومجزرة آل الكوارع وعائلة عبدالعال، وأطفال التجويع وانتظار المساعدات، وصولا إلى استشهاد قيادات فى الفصائل الفلسطينية مثل يحيى السنوار، واعتقال أطباء منهم حسام أبوصفية وموظفون فى الدفاع المدنى، وصولا إلى عدد كبير من الصحفيين الذين ينقلون للجميع ما يجنيه رصاص وقنابل الصهاينة فى أجساد الفلسطينيين، على سبيل المثال لا الحصر، وائل الدحدوح، وإسماعيل الغول، وأنس الشريف، وغيرهم الكثير.

شمس هند رجب تغرب فى غزة وتشرق فى عواصم العالم.. «أرجوكم، أنا فى الإسعاف، أنا خايفة جدا».. بهذه الكلمات بدأت الطفلة هند رجب، صاحبة الست أعوام، فى طلب النجدة والمساعدة من الجميع، أثناء حصارها وهروبها فى سيارة، بعد أن نجت من نيران الدبابات الإسرائيلية أثناء محاولة نزوحها من حى تل الهوا إلى مكان آمن مع 6 من أقاربها فى يناير 2024، لكن حاصرتها دبابات الاحتلال، حاولت «هند» الاتصال بوالدتها مستغيثة ومستنجدة بها لكى تأتى وتأخذها من داخل السيارة التى كانت عرضة لإطلاق نار من رشاشات الدبابات الإسرائيلية، ثم استلم الهلال الأحمر الفلسطينى اتصالا من الطفلة ليان حمادة، قريبة «هند» والمرافقة لها، تطلب المساعدة وتقول: «عمو قاعدين بِطُخوا علينا، الدبابة جنبنا، إحنا بالسيارة وجنبنا الدبابة»، وخلال المكالمة، سُمع صوت صراخ «ليان» وصوت كثيف لإطلاق الرصاص، ثم توقفت المكالمة فجأة، وبعد ذلك، حاول أفراد الهلال الأحمر إعادة الاتصال، وتبين أن «هند» ما زالت على قيد الحياة، واستمر أهلها فى التواصل معها محاولين تهدئتها بأن سيارة الإسعاف فى طريقها لإجلائها من الموقع، على الفور توجه طاقم من الهلال الأحمر أجل إنقاذها، لكن الاتصال مع الطاقم انقطع بعد ساعات من انطلاقه لإنقاذ «هند»، ومر 12 يوما على تلك الواقعة، ليأتى شهر فبراير من نفس العام، وقد انسحبت قوات الاحتلال من المنطقة التى كانت تتوقف فيها سيارة «هند» وأقاربها، ليتم العثور على جثمانها وأفراد عائلتها داخل مركبة بمحيط «دوار المالية» فى حى تل الهوا.

وداع «روح الروح- ريم».. «روح الروح.. يا روح الروح، يا أم عيونى، يا أم قلبى».. هكذا ودع الشهيد الفلسطينى خالد نبهان «أبوضياء» الذى نجا بأعجوبة من الموت فى قصف إسرائيلى على منزل عائلته فى فبراير 2024، حفيدته ريم، صاحبة الثلاث أعوام، بعد أن استخرج جسدها الشريف من تحت الركام ومصابة بجروح بالغة، ليحملها بين ذراعيه المرتجفتين، وهى تئن من الألم، وسط أنقاض المنزل المحترق، ويقبل جبينها الملطخ بالدماء، ويهمس لها: «روح الروح» محاولا تهدئتها قبل وصول الإسعاف، لكن روحها ارتقت بعد ساعات قليلة من نقلها فى مستشفى الشفاء، تاركة «خالد» فى حالة من الانهيار النفسى، لكنه التقى بها أخيرا فى روح وريحان، بعد نحو 10 أشهر من وداعها، وتحديدا فى 16 ديسمبر 2024، حيث استهدفته طائرات إسرائيل بغارة جوية على تجمع مدنيين غربى مخيم النصيرات، ليقتل بجوار 17 آخرين معظمهم نساء وأطفال، فى ضربة وصفها شهود عيان بـ«غير مبررة»، إذ لم تكن هناك أهداف عسكرية.

مجزرة أطفال عائلة النجار.. «يحيى، ركان، رسلان، جبران، إيف، ريفان، سيدين، لقمان، وسيدرا، آدم «الطفل الوحيد المتبقى».. هذه هى أسماء شهداء مجزرة أطفال عائلة النجار التى قتلتهم صواريخ الاحتلال الإسرائيلى فى 23 مايو 2025، فى منزلهم الكائن بمنطقة خان يونس بقطاع غزة المحاصر، فى صباح يوم الجريمة، خرجت الدكتورة آلاء النجار «اختصاصية الأطفال فى مستشفى التحرير بمجمع ناصر الطبى» مع زوجها الدكتور حمدى النجار ليوصلها إلى عملها، وبعد دقائق فقط من عودته، سقط صاروخ إسرائيلى على منزلهم، استشهد الجميع وأصيب الطفل آدم والوالد الذى استشهد لاحقا.

استقبلت الطبيبة تسعة من أطفالها متفحمين بفعل غارة جوية استهدفت منزلها، فيما وصل زوجها الطبيب حمدى مصابًا بجروح حرجة إلى جانب طفلهما الناجى الوحيد «آدم»، الذى أصيب أيضًا بجروح حرجة، وفى منتصف يونيو من العام نفسه، أعلن مجمع ناصر الطبى عن استشهاد الدكتور حمدى النجار، والد الأطفال التسعة، متأثرا بإصابته.

جثمان سدرا الممزق والمعلق على الجدار.. فى فبراير 2024، ظهرت صورة لجثمان طفل ممزق ومعلق على جدار منزل مدمر، إثر قصف إسرائيلى استهدف منزلا فى رفح، ليعرف بعد ذلك أن الجثمان يعود للطفلة سيدرا حسونة صاحبة الستة أعوام، التى استشهدت مع توأمها ووالديها وجدتها وجدها وعمها، فى قصف إسرائيلى على منزل نزحوا إليه قادمين من شمال قطاع غزة، هذه الطفلة التى دائما ما كانت تهتم بأناقتها، بينما تعلو صوت ضحكتها فى أرجاء المكان، مزقت إسرائيل جثمانها بشكل مرعب لا يمكن أن يُنسى.

مجازر العائلات فى غزة.. فى 20 أبريل 2024 قام طيران الاحتلال الإسرائيلى باستهداف منزل عبدالعال فى محافظة رفح ، دون سابق إنذار أو تحذير، مما أدى إلى استشهاد 22، وفى 23 مارس 2023، استهدافت طائرات الاحتلال منزل عائلة كوارع فى منطقة حى النصر شمال محافظة رفح، ما أدى إلى استشهاد أم وأطفالها الخمس، وقصف الطيران الحربى منزل عائلة جحجوح فى محافظة دير البلح بتاريخ  22/10/2023، مرتكبًا مجزرة بحق العائلة، وكان ضحيتها الأطفال هند خالد أحمد جحجوح «أقل من عام»- سعاد محمد أحمد جحجوح «6 أعوام»- نسيم محمد أحمد جحجوح «3 أعوام»، وعدد من الشهداء والمصابين من النساء والمدنيين العُزّل، وفى 4 نوفمبر 2023، قام طيران الاحتلال الإسرائيلى بشن سلسلة غارات على عدة منازل فى مخيم المغازى وسط قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد 17 شهيدا أغلبهم من الأطفال والنساء.

الجوع ينهش أجساد الأطفال بسبب الحصار الإسرائيلى.. فى مشهد يشرح الوضع الإنسانى الصعب الذى فرضه الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة المحاصر منذ أكتوبر 2023، ظهر طفل يبكى ويصرخ من الجوع وسط تفاقم أزمة سوء التغذية ونقص حاد فى المواد الغذائية جراء الإبادة والحصار، وبحسب الفيديو، قال الطفل باكيا: «أنا جعان» وذلك فى يوليو 2025، وفى أغسطس من العام نفسه، أعلن عن وفاة الطفل الفلسطينى عبدالله أبوزرقة، 5 سنوات صاحب الصرخة، وفارق الحياة فى أحد مستشفيات مدينة أضنا- تركيا، بعد أن تدهورت حالته الصحية نتيجة النقص الحاد فى الأدوية والفحوصات والمعدات الطبية داخل غزة، ورحيله جاء بعد صراع طويل مع المرض والجوع والتأخير فى تلقى العلاج.

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية فى قطاع غزة ارتفاع إجمالى وفيات سوء التغذية إلى 455 شهيدًا، من بينهم 151 طفلا، ومنذ إعلان «IPC» المجاعة فى غزة فى أغسطس 2025، سُجّلت 177 حالة وفاة، من بينهم 36 طفلا.
 

أيقونة البلطو الأبيض فى غزة.. دكتور حسام أبوصفية

رفض التخلى عن واجبه منذ اللحظة الأولى للحرب وحتى اعتقاله على يد قوات الاحتلال. إنه الدكتور حسام أبوصفية، طبيب الأطفال ومدير مستشفى كمال عدوان شمالى قطاع غزة، فهو من رفض مغادرة المستشفى أو التخلى عن المرضى والجرحى رغم المطالبات والتهديدات الإسرائيلية المتكررة، وظل يعمل تحت القصف والحصار وبلا إمكانيات تقريبا.

وفى محاولة لكسر إرادته، استهدف الاحتلال ابنه وقتله بدم بارد، لكن الطبيب الفلسطينى واصل مهمته بعد أن دفن ابنه فى ساحة المستشفى، مؤكدًا أن «الرسالة أكبر من الألم وأن الوطن يستحق التضحية».

عندما قتلت إسرائيل ابنه، قال «أبوصفية» باكيا: إنهم أحرقوا قلبه عليه، ومع ذلك واصل الرجل الثبات على موقفه الذى اتخذه من أولى لحظات الحرب، وهو عدم ترك المرضى والجرحى وحيدين فى مواجهة البنادق والدبابات.

وفى 27 ديسمبر2024، شاهد العالم كله «أبوصفية» يتحرك وحيدا بمعطفه الأبيض فى أحد الشوارع المجاورة للمستشفى، متجها إلى قوات الاحتلال التى طالبته بتسليم نفسه، قبل أن تبدأ تدمير المكان بشكل كامل.

وحتى كتابة هذه السطور، لا يزال الطبيب الفلسطينى رهن الاعتقال الذى جددته محكمة إسرائيل فى 2025/3/25 لمدة 6 أشهر بوصفه «مقاتلا غير شرعى»، رغم الانتقادات الدولية الكبيرة لما يتعرض له «أبوصفية» من تنكيل وصل حد التجويع والتعذيب الجسدى، حسب ما أكدته محاميته.

يحيى السنوار يواجه مسيرة الاحتلال بـ«عصا».. التقطته طائرة مسيّرة صغيرة يظهر بها يحيى السنوار وهو يحتضر وسط أنقاض مبنى فى جنوب غزة، فيما كان يجلس على كرسى مغطى بالغبار مع إصابة بالغة فى يده اليمنى، وفى 18 أكتوبر 2024، أعلن خليل الحية، القيادى بحركة حماس، رسميا، اغتيال زعيم الحركة يحيى السنوار فى اشتباكات مع قوات الاحتلال الإسرائيلى فى معارك قطاع غزة، وقال فى كلمة تليفزيونية: «بكل معانى الكبرياء تنعى حركة حماس، القائد يحيى السنوار».

شهداء الكلمة فى غزة.. الرصاص يسكت أصوات الصحفيين.. نقلت الحرب الإسرائيلية فى غزة على الهواء مباشرة بفضل الصحفيين والمراسلين، الذين دفعوا الثمن باستشهادهم وإصاباتهم، كان الصحفى وائل الدحدوح مثالا للتفانى فى العمل، حيث استهدفته إسرائيل أكثر من مرة بالغارات والقصف وقتلت أبناءه وعائلته.
وفى أبريل 2025، انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعى مقطع فيديو يوثّق لحظة اشتعال النيران بجسد الصحفى أحمد منصور بعد استهداف الاحتلال الإسرائيلى لخيمة الصحفيين.

وفى مساء الأربعاء 31 يوليو 2024، اغتالت قوات الاحتلال إسماعيل الغول وزميله المصور رامى الريفى فى مخيم الشاطئ بمدينة غزة، وبسبب الصواريخ والقصف العنيف، انفصل رأس الزميل إسماعيل الغول عن جسده.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة