تتويجًا لجهود وزارة الخارجية على مدار عامين ونصف، انتخب الدكتور خالد العناني لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو فى اجتماع المجلس التنفيذى الذى عقد يوم أمس الاثنين فى باريس، ليكون أول مصرى وعربى وثانى إفريقى يتولى منصب مدير عام منظمة اليونسكو فى إنجاز تاريخى يعكس كفاءة وجدارة الدكتور خالد العنانى، وتقدير المجتمع الدولى لمكانة مصر ودورها الرائد فى العمل متعدد الأطراف.
ويعد انتخاب المجلس التنفيذى لمنظمة الأمم المتحدة للتعليم والعلوم والثقافة (اليونسكو) لوزير السياحة والآثار السابق للدكتور خالد العنانى بأغلبية ساحقة مرشح مصر لمنصب مدير عام اليونسكو، إنجازا يضاف إلى سجل حافل من المصريين الذين تولوا مناصب قيادية فى المنظمات الدولية والوكالات المتخصصة على مدار عقود، وعلى رأسها منصب سكرتير عام الامم المتحدة، ومدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA، ومدير عام برنامج البيئة العالمى UNEP، والمديرة التنفيذية لمكتب الامم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة UNODC، ومدير عام منظمة الامم المتحدة للتنمية الصناعية UNIDO، وغيرها.
ويعكس اختيار دبلوماسيين ومتخصصين مصريين لهذه المناصب الرفيعة كفاءة وجدارة الكوادر المصرية وقدرتها على تقديم إسهامات قيمة فى العمل متعدد الأطراف، وتقدير المجتمع الدولى لمكانة مصر ودورها الرائد فى دعم السلام والأمن والاستقرار والتنمية.
وكثفت وزارة الخارجية المصرية وعدد من مؤسسات الدولة المصرية من تحركاتها واتصالاتها من أجل حشد الدول الأعضاء فى المنظمة لدعم المرشح المصرى، حيث حرص وزير الخارجية والهجرة والمصريين فى الخارج الدكتور بدر عبد العاطى فى كافة لقاءاته على حث الدول الصديقة والشقيقة على ضرورة التصويت لمرشح مصر لمنصب مدير عام اليونسكو.
ومن المتوقع أن يقود العنانى تنفيذ استراتيجية 2030 مع تركيز متزايد على التحول الرقمى فى التعليم، وتمكين الشباب والنساء، وصون التراث العالمى المهدد، لاسيما فى الشرق الأوسط وأفريقيا، وهى المجالات التى لطالما أولت مصر اهتماما خاصا بها فى تعاونها مع اليونسكو، بالإضافة للعمل على توفير التمويل اللازم للمنظمة التى تعانى منذ انسحاب الجانب الأمريكى المساهم الأكبر فى دعم اليونسكو.
وبعد مرور نحو 8 عقود على تأسيسها، تبقى اليونسكو منارة عالمية للتعليم والثقافة والعلم، ومظلة للتعاون الإنسانى فى مواجهة الجهل والتطرف والانقسام.. وفى مصر، التى تربطها بالمنظمة علاقة تاريخية وثيقة منذ انضمامها المبكر إلى عضويتها، تركت اليونسكو بصمة راسخة فى مشروعات حماية التراث الإنسانى فى الأقصر وأسوان وأبوسمبل، وفى دعم برامج تطوير التعليم ومحو الأمية وتمكين المرأة.
وتتخذ اليونسكو من باريس مقرا رئيسيا لها وتضم اليوم 194 دولة عضوا، تواصل منذ ما يقرب من 8 عقود جهودها الحثيثة فى مجالات التعليم والعلوم والثقافة والاتصال، باعتبارها الركائز الأساسية لتحقيق التنمية البشرية وبناء السلام العالمي. ومن خلال عملها، تسعى المنظمة إلى تعزيز التنمية المستدامة وبناء مجتمعات قائمة على المعرفة والتنوع الثقافى والابتكار العلمى، إدراكا منها بأن الاستثمار فى الإنسان هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات المشتركة التى يواجهها العالم فى القرن الحادى والعشرين.
وفى إطار التحول الرقمى العالمى، تشجع اليونسكو الابتكار التكنولوجى واستخدام التقنيات الحديثة فى التعليم والإعلام، ضمن استراتيجيتها (2022–2029) التى تسعى إلى تسخير التكنولوجيا لتقليص الفجوة الرقمية بين الدول وتعزيز الوصول إلى المعلومات والمعرفة للجميع، كما تدعم المنظمة مبادرات التربية الإعلامية والمعلوماتية لتأهيل الأجيال الجديدة على التفكير النقدى ومكافحة التضليل والأخبار الكاذبة فى الفضاء الرقمي.
وفى مصر، كان لليونسكو دور بارز ومتواصل منذ تأسيسها، إذ كانت مصر من الدول المؤسسة للمنظمة عام 1945، ومن أوائل الدول التى استضافت مكتبا إقليميا لليونسكو فى القاهرة ليكون مركزا للتنسيق فى المنطقة العربية والأفريقية.. وقد مثل التعاون بين مصر واليونسكو نموذجا رائدا فى حماية التراث الإنسانى، حين قادت المنظمة فى ستينيات القرن الماضى حملة عالمية لإنقاذ معابد أبو سمبل وفيلة من الغرق بعد بناء السد العالى، وهى واحدة من أكبر حملات الإنقاذ الأثرى فى التاريخ الحديث بمشاركة دولية غير مسبوقة.
وساهمت اليونسكو كذلك فى تسجيل مواقع مصرية عدة على قائمة التراث العالمى، من بينها مدينة طيبة القديمة ومقابرها فى الأقصر، وأهرامات الجيزة، ومنطقة أبو مينا الأثرية بالإسكندرية، والقاهرة الإسلامية، ومدينة ممفيس ومقبرتها، ودير سانت كاترين.