تستعد قرية حسن فتحي في مركز باريس بمحافظة الوادي الجديد للاحتفال بالعيد القومي للمحافظة رقم 66 والذى يواكب وصول أولى قوافل التعمير لمدينة الخارجة فى عام 1959 م حيث جرى الانتهاء من تركيب منظومة الإضاءة الليلية فى كافة منشاتها تنفيذا لتوجيهات اللواء دكتور محمد الزملوط محافظ الإقليم وتحت إشراف عبد الناصر صالح رئيس مركز باريس والتى تمتد على مساحة 18 فدانًا، شيدها المعمارى العالمى حسن فتحى وتضم مدرسة و"فيلات سكنية" وسوق تجارى ومسرح ومسجد ومهبط للطائرات، وتم تحويلها إلى منتدى عالمى وملتقى للفن البيئى وتعد من أبرز المظاهر الجمالية، والتى تبعد عن مدينة الخارجة حوالى 85 كيلومترا، وتضم العديد من الإنشاءات والمبانى التى شيدت على الطراز البيئى بـالطوب اللبن من حوالى 57 عام.
وتعتبر قرية حسن فتحي أحد أبرز التجارب المعمارية الرائدة كنموذج سكني يجمع بين الجمال والبساطة ويستند في جوهره إلى مواد البيئة المحلية وروح التراث المصري الأصيل حيث جاءت الفكرة في إطار توجه الدولة خلال ستينيات القرن الماضي لإنشاء تجمعات عمرانية جديدة في عمق الصحراء، بهدف استيعاب الزيادة السكانية وتوفير حياة كريمة للمواطنين بعيدًا عن الشريط النيلي المزدحم فتمت الاستعانة بالمعماري العالمي حسن فتحي الذي كان يؤمن بأن البناء يجب أن يخدم الإنسان ويحترم بيئته، لا أن يفرض نفسه عليها فصمم قرية متكاملة تعتمد على الطوب اللبن والقباب والأفنية الواسعة، لتكون مثالًا حيًا على إمكانية بناء مساكن مريحة وموفرة للطاقة، ومنسجمة مع الطبيعة دون الحاجة إلى خرسانة أو تكييفات أو تكاليف باهظة.
وكانت رؤية المعمارى حسن فتحي للقرية ككيان اجتماعي متكامل، يعيش فيه الاهالى وفق نمط حياة متناغم مع بيئتهم الصحراوية حيث قسم الوحدات السكنية إلى مجموعات تحيط بساحات مشتركة تسمح بتفاعل الجيران وتبادل المنافع اليومية، كما خصص أماكن للأسواق الصغيرة والحرف اليدوية حتى يتمكن السكان من إنتاج احتياجاتهم داخل مجتمعهم، دون الاعتماد على مصادر خارجية وقد استوحى الكثير من تفاصيل التصميم من القرى النوبية القديمة التي اعتمدت على تلاصق البيوت، لتوفير الظل وعلى استخدام القباب لتوزيع الأحمال بشكل متوازن دون الحاجة إلى أعمدة أو جسور خرسانية مكلفة.
كما اهتم فتحى بتوجيه البيوت وفق حركة الشمس والرياح لضمان التهوية الطبيعية على مدار العام، ولعل أبرز ما يميز تصميمه هو بساطته الشديدة رغم عبقريته حيث تبدو البيوت وكأنها خرجت من قلب الأرض، وهو ما جعل كثيرين يرون أن القرية لو اكتملت لكانت نموذجًا يحتذى به في مشروعات الإسكان الاقتصادي المستدام خاصة في المناطق الحارة والجافة، والتي تحتاج إلى حلول معمارية ذكية بدلًا من القوالب الخرسانية المتشابهة التي تغزو المدن والنجوع، دون مراعاة لخصوصية المكان، ورغم أن القرية بدت في بدايتها كمشروع واعد قادر على تغيير نمط البناء الريفي في صعيد مصر، فإن عوامل عدة ساهمت في تعثرها وتوقف استكمالها حيث واجهت الفكرة مقاومة اجتماعية من بعض الأهالي الذين لم يعتادوا على شكل القباب والأفنية الداخلية، وفضلوا البيوت التقليدية المبنية من الطوب الأحمر والأسقف الخشبية.
وأثبتت الدراسات أن هذا التصميم امتاز بقدرته العالية على العزل الحراري، مقارنة بالخرسانة التي تختزن الحرارة نهارًا وتعيد إشعاعها ليلا مما يزيد من الإحساس بالحر بالرغم من استخدام المراوح والتكييفات، كما أن المشروع لم يحظ بالدعم الكافي لضمان استمرارية العمل فيه، فتم إنشاء عدد محدود من الوحدات ثم توقف التنفيذ ورغم ذلك حافظت على ملامحها الأساسية، وبقيت شاهدة على تجربة معمارية تستحق إعادة التقييم ، فهى ليست مجرد مبان من الطين والقباب بل هي شهادة على حلم معماري واجتماعي حاول أن يسبق عصره، فتعثر في منتصف الطريق لكنه ظل قائمًا متحديًا الزمن وكأنه يطالب بفرصة ثانية ليبرهن على صلاحيته للحاضر والمستقبل معًا.
وبعد مرور عقود على إنشاء قرية حسن فتحي في مركز باريس أصبحت مبانيها المتبقية بمثابة متحف مفتوح يرصد حالة من الشغف المعماري الذي لم يكتمل حيث يمكن للزائر أن يتأمل تفاصيل الجدران الطينية التي ما زالت متماسكة رغم تعرضها للشمس والرياح لسنوات طويلة كما يمكنه مشاهدة القباب التي ما زالت قائمة دون أي دعم خرساني أو معدني وهو ما يعكس عبقرية التصميم الأصلي وقد أصبحت القرية وجهة لبعض المهتمين بالتاريخ المعماري والسياحة البيئية الذين يرون فيها فرصة لإحياء نموذج يمكن أن يتحول إلى مقصد سياحي وتعليمي في آن واحد إذ يمكن تحويل بعض الوحدات إلى بيوت ضيافة بيئية تستقبل الزوار الباحثين عن تجربة مختلفة بعيدًا عن الفنادق الحديث.
وقال الشاعر مصطفى معاذ والباحث فى شئون التراث الواحاتى، أن أهم التحديات التي تواجه إحياء القرية في النظرة التقليدية التي ترى أن التطوير يعني استبدال القديم بالجديد وليس الحفاظ عليه وإعادة توظيفه حيث يميل كثير من المسؤولين إلى فكرة البناء الحديث باستخدام الخرسانة والطوب الأحمر، باعتبارها أكثر صلابة وأسرع في التنفيذ بينما يثبت الواقع في العديد من الدول أن البناء بالطين ليس مجرد أسلوب بدائي، بل هو خيار مستقبلي يوفر الطاقة ويقلل من انبعاثات الكربون ويحقق بيئة سكنية صحية أكثر ملاءمة للإنسان، وقد بدأت هذه القناعة تتسرب تدريجيا إلى بعض المشروعات الحديثة في مصر مثل البيوت البيئية في واحات سيوة والمنتجعات الصحراوية في الفرافرة ، كما أن بعض الأهالي في المنطقة بدأوا ينظرون إلى القرية كفرصة اقتصادية محتملة، إذ يرون أنه بإمكانهم استغلالها في إقامة مشاريع صغيرة مثل بيوت الضيافة أو معارض للمنتجات اليدوية لكنهم يفتقرون إلى الدعم الفني والقانوني الذي يسمح لهم بالاستثمار في المكان، دون خوف من المساءلة أو التعقيدات التي قد تعرقل أي مبادرة أهلية.

لوحة فنية بديعة فى قرية حسنفتحي

قرية حسن فتحى تحفة معمارية تتحدى الزمن

قرية حسن فتحى تتجمل لاستقبال عيد المحافظة القومي

قرية حسن فتحى بالوادى الجديد

عمر القرية يزيد عن 57 سنة

رؤية شاملة لتطوير المحافظة

جانب من اضاءة القرية

تسوية الارض فى محيط القرية

القرية مبنية من الطوب اللبن

القرية على مساحة 18 فدان

القرية تشمل مجتمع حضارى متكامل

الانتهاء من تطوير القرية

اقامة حفلات فنية بمناسبة العيد القومى

إضاءة اقبية القرية

استكمال تجهيزات القرية للإحتفالات

ادخال منظومة الضوء لقرية حسن فتحي