أحمد سمير زكريا

بوصلــة القاهرة.. ووعي اللحظة الفاصلة

الجمعة، 31 أكتوبر 2025 06:29 م


في لحظات التاريخ الكبرى، لا تُقاس المواقف بما يُقال، بل بما يُنجَز. وما تشهده المنطقة اليوم، في ظل تفاعلات الأزمة الفلسطينية – الإسرائيلية، يكشف بوضوح أن مصر تتحرك بعقل الدولة وبضمير الأمة، تمسك بخيوط التوازن بين الممكن والمبدأ، بين حماية الأرواح وصون الثوابت، بين السياسة والإنسانية.

لقد أثبتت المرحلة الأولى من الجهود المصرية، سواء عبر تحركاتها الدبلوماسية المتزنة أو إدارتها الرفيعة لملف الوساطة، أن القاهرة لا تزال ، كما كانت،  بوابة العدل وصوت العقل في محيطٍ تاهت فيه بوصلة المنطق. الإشادات الإقليمية والدولية التي تتوالى اليوم ليست مجرد دبلوماسية مجاملة، بل اعتراف صريح بقدرة الدولة المصرية على الإمساك بخيوط المعادلة الصعبة، وحماية الإقليم من منزلقات التصعيد.

إن ما تحقق حتى الآن من نتائج أولية في مسار التهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار هو نجاح سياسي وإنساني لم يكن ليتحقق لولا الإدارة المصرية الهادئة والفاعلة، التي أدركت أن الحرب ليست بطولة، وأن الحكمة ،  في مثل هذه الأوقات ، هي أرفع أشكال القوة.

لكن الإدراك المصري لم يتوقف عند حدود التهدئة؛ فالقاهرة تدرك ، بخبرة التاريخ، أن اللحظة الراهنة أخطر من أن تُترك للمزايدات، ولذلك كان موقفها الثابت: ضرورة توحيد الصف الفلسطيني، وإنهاء الانقسام بين فتح وحماس، بين الضفة وغزة، باعتبار أن الانقسام لم يعد خلافاً سياسياً بل جرحاً مفتوحاً في جسد القضية الفلسطينية. إن وحدة القرار والصف هي وحدها الكفيلة بإحياء المشروع الوطني الفلسطيني وتثبيت أركانه على أسس الشرعية والمصلحة العليا.


وفي هذا السياق، يبرز الإجماع العربي والفلسطيني،  الذي تدفع به القاهرة بكل حكمة ، على عدم منح إسرائيل أي ذريعة للعودة إلى الحرب، فالمعركة الحقيقية اليوم ليست في الميدان، بل في كسب الشرعية الدولية، واستعادة القضية الفلسطينية لموقعها الطبيعي في ضمير العالم. كل رصاصة تُطلق عبثاً، تُضعف الموقف السياسي وتُعطي المحتل مبرراً لاستمرار القتل والتدمير.


ومصر، بوزنها وتاريخها، تُعيد ضبط الإيقاع في لحظة مضطربة. فهي تعرف أن الاستقرار الإقليمي ليس ترفاً، بل شرط وجود، وأن أمن الشرق الأوسط يبدأ من سلامٍ عادلٍ ومستدام يُعيد للشعب الفلسطيني حقوقه كاملة غير منقوصة.


وهكذا تمضي الدولة المصرية ،  بثبات القادة وبصيرة الحكماء ، في إدارة هذا الملف الشائك، تحمل همّ الأمة وتكتب ملامح مرحلة جديدة، عنوانها أن العقل المصري لا يغيب حين يغيب الآخرون، وأن القاهرة كانت وستظل مركز التوازن في زمن الاختلال، وصوت السلام في زمن الصخب.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة