فيسبوك
واتساب
يُعتبر عالم الأفاعي من أكثر العوالم إثارة للدهشة والخوف فى أن واحد، حيث يجمع بين التنوع الكبير فى الأنواع والخصائص الفريدة التى تجعل بعض الأفاعى أقرب إلى الأساطير منها إلى الواقع. وخلال العقود الأخيرة، عادت إلى السطح قصص مدهشة عن ظهور أفاعٍ كان يُعتقد أنها انقرضت منذ زمن بعيد، لتعيد إلى العلماء والمجتمعات المحلية الأمل فى حماية هذا الكنز البيولوجى، بينما تبقى أماكن مثل "جزيرة الأفاعي" فى البرازيل شاهدًا على أخطر الكائنات على وجه الأرض.
أفاعى عادت بعد اختفاء 64 عاما
من بين أبرز الأمثلة على الأفاعى التى عادت بعد غياب طويل هى أفعى تسمى Hebius petersii التى اختفت من سنغافورة منذ عام 1953، قبل أن يعاد اكتشافها بعد 64 عاما فى منطقة رطبة شمال البلاد، وإعادة هذا النوع من الأفاعى الانتباه إلى أهمية حماية البيئات المائية التى تأوى زواحف نادرة مهددة بالانقراض.
وفى البرازيل، عادت "أفعى كورالوس كروبانى (Cropan’s Boa) إلى الحياة بعد أن شوهدت آخر مرة قبل أكثر من نصف قرن، وهذا النوع من البواء، الذى يعيش فى غابات الأطلسى، يُعد من أندر الأفاعى فى العالم، وكان العثور عليه مرة أخرى عام 2017 حدثًا تاريخيًا للعلماء وحماة الطبيعة.
كما شهدت جزيرة باربادوس إعادة اكتشاف أصغر أفعى فى العالم والتى لا يتجاوز طولها 10 سنتيمترات، بعد أن اختفت لسنوات طويلة من سجلات العلماء.
خصائص غريبة تثير الدهشة
لم يتوقف عالم الأفاعى عند حدود الندرة، بل هناك أنواع تمتلك خصائص مدهشة، فهناك "الأفعى الطائرة " التى تنزلق بين الأشجار وكأنها تحلق فى الهواء، وأخرى تُعرف بـ "أفعى شعاع الشمس" ذات القشور اللامعة التى تعكس الضوء بألوان براقة أشبه بالأحجار الكريمة، كذلك، هناك الأفعى البحرية Aipysurus eydouxii التى تكاد تفقد أنيابها وغددها السمية بعد أن تحولت إلى نظام غذائى قائم على التهام بيوض الأسماك فقط.
جزيرة الأفاعي.. رعب ودهشة
ورغم كل تلك الاكتشافات، يبقى المكان الأكثر رعبًا فى العالم هو جزيرة "إيلا دى كيمادا جراندي" البرازيلية، الشهيرة باسم جزيرة الأفاعى، هذه الجزيرة الصغيرة الواقعة قبالة ساحل ساو باولو تُعد موطنًا لآلاف من أفاعى الحربة الذهبية، وهى نوع شديد السمية لا يوجد فى أى مكان آخر على الأرض.
ويقدر الخبراء وجود ما بين 2000 و4000 أفعى فى الجزيرة، بمعدل يقال أنه يصل إلى أفعى فى كل متر مربع فى مناطق معينة، ولهذا السبب، تفرض الحكومة البرازيلية حظرا صارما على دخولها باستثناء فرق البحث العلمى المصرح لها، وأثبتت الأبحاث أن سم الحربة الذهبية تطور ليكون أكثر فتكا وسرعة ليتناسب مع فرائسها من الطيور التى تزور الجزيرة.
هذه القصص المتنوعة تكشف أن الأفاعى، رغم الصورة المرعبة التى تلاحقها فى المخيلة الشعبية، تمثل عنصرًا حيويًا فى التوازن البيئي. إعادة اكتشاف الأنواع النادرة، وفهم الخصائص الفريدة لبعضها، يجعل من الضرورى تكثيف الجهود لحماية المواطن الطبيعية من التدمير والصيد الجائر.
فى النهاية، يظل عالم الأفاعى مساحة مفتوحة للدهشة والاكتشاف، فمن أفاعى "تطير" أو "تتلألأ" إلى جزيرة كاملة تعج بالأفاعى السامة، يبقى هذا العالم دليلًا على أن الطبيعة ما زالت تحتفظ بأسرارها، تنتظر من يكتشفها ويحافظ عليها.
