فى قلب النيل.. هيسا جزيرة فى أسوان تتحول إلى مزار سياحى عالمى.. المنطقة النوبية تجذب الأنظار.. البيوت التراثية تروى حكايات الأجداد.. والسياحة البيئية تنتعش بين العادات الأصيلة والمأكولات الشعبية.. صور

الأربعاء، 29 أكتوبر 2025 11:30 م

الجزيرة مطلة على النهر

أسوان – عبد الله صلاح

وسط مياه النيل الصافية بأسوان، تحافظ جزيرة هيسا على خصوصيتها باعتبارها واحدة من أندر الجزر النوبية التى جمعت بين سحر الطبيعة وبساطة المعيشة وروح الأصالة، ثم تتحول خلال السنوات الأخيرة إلى مزار سياحى متميز يستقطب الزائرين من داخل مصر وخارجها، بحثًا عن الجمال الهادئ والبيئة البكر.

الجزيرة النوبية، تقع فى قلب النيل ما بين السد العالى وخزان أسوان، وهى محاطة بالمياه من كل الاتجاهات، فلا سيارات ولا ضوضاء ولا دخان، فقط صوت النيل وعطر التاريخ، فى مشهد لا يتكرر كثيراً، مما جعل جزيرة هيسا تبرز كأحد أهم النماذج الناجحة للسياحة المجتمعية التى يقودها الأهالى بأنفسهم.

قال ياسر مركب، من أهالى هيسا، لـ اليوم السابع، إن الذى يميز الجزيرة النوبية البسيطة هى خلوها من عوادم السيارات أو الزحام المعتاد فى المدن، فوسيلة الانتقال الوحيدة هى المراكب النيلية التى تنقل السكان والزوار من وإلى مدينة أسوان، وهذا العنصر البسيط أصبح أحد أسرار السحر السياحى لهيسا، حيث تمنح الزائر شعورًا بأنه يعبر إلى عالم آخر، بلا صخب، بلا تلوث، فقط الطبيعة والبشر فى انسجام تام.

بيوت بألوان زاهية وفنادق صغيرة تطل على النيل

وأضاف عادل روسى، من أهالى الجزيرة لـ اليوم السابع، أن أهالى هيسا اعتمدوا على تراثهم العريق ليصنعوا منه جاذبية سياحية متفردة، فقاموا بتحويل منازلهم إلى بيوت نوبية ملونة تفتح أبوابها للزوار، بعضها تحول إلى نُزُل وفنادق بيئية صغيرة مطلة على النيل مباشرة، تقدم تجربة إقامة تجمع بين الراحة والبساطة والطابع النوبي الأصيل.

وتابع، أنه داخل هذه البيوت يجد الزائر نقوشًا ورسومات تحكى قصص الأسلاف، وألوانًا دافئة تملأ المكان بهجة وسلامًا وفى الصباح، تُقدم وجبات الإفطار النوبية الشهيرة، بينما يشرب الزائر الشاى النوبى أو عصير الكركديه البارد الذى تشتهر به بلاد النوبة وغيرها من المشروبات.

وأشار، إلى أن الجزيرة لم تكتفى بالمظهر العمرانى فقط، بل استعانت بالعادات والتقاليد التى توارثها الأهالى جيلاً بعد جيل، ففى الأعياد والمناسبات يرتدى الرجال الجلاليب البيضاء المطرزة والنساء الثياب النوبية "الجرجار"، وتعلو أصوات الدفوف والأغنيات النوبية القديمة التى تحكى عن الحب والحنين وتجد الأطفال يلعبون على شاطئ النيل، بينما النساء يبعن المشغولات اليدوية المصنوعة من السعف والنخيل، لتتحول الشوارع الضيقة إلى معرض مفتوح للفن والتراث.

هيسا.. نموذج فريد للسياحة البيئية والمجتمعية فى أسوان

وأوضح سمير حمدى، من أهالى جزيرة هيسا، أنه من خلال الجهد الذاتى والمبادرات البسيطة، استطاع أهالى هيسا أن يضعوا الجزيرة على خريطة السياحة البيئية فى مصر، لم ينتظروا استثمارات ضخمة أو حملات تسويقية خارجية، بل اعتمدوا على ما لديهم من طبيعة ساحرة وتراث أصيل ليخلقوا تجربة إنسانية وسياحية مميزة، موضحاً أن الزائرين يؤكدون أن أكثر ما يجذبهم هو روح المكان، حيث الترحاب الصادق والبساطة، إلى جانب نقاء الهواء وصفاء المياه وهدوء الحياة اليومية.

وعلق سمير حمدى: الأهالى اعتادوا على استقبال الضيوف والزائرين بكرم وترحاب كبيرين، وهذا السلوك الأصيل هو جزء من الثقافة النوبية وليس مجرد واجب اجتماعى"، موضحاً أنه مع زيادة أعداد الزائرين والوفود السياحية من مختلف الجنسيات، بدأ الاهتمام أكثر بتهيئة بيوت الجزيرة لتكون جاهزة لاستقبالهم، فقام الأهالى بتجديد الواجهات ودهانها بالألوان المبهجة، وحول البعض منا منازلهم إلى موتيلات وفنادق صغيرة تطل على النيل، تقدم الأكلات النوبية والمشروبات المحلية للضيوف.

وكشف، عن أن ذلك ساهم فى توفير فرص عمل لأبناء الجزيرة وتنشيط الحركة السياحية، مؤكدًا أن الأهالى حريصون على الحفاظ على الطابع البيئى الأصيل للجزيرة دون إدخال عناصر تفسد جمالها أو هدوءها، وفى الوقت الذى تسعى فيه الدولة لتنشيط السياحة البيئية والريفية، تظل هيسا نموذجًا ناجحًا لكيف يمكن للمجتمع المحلى أن يكون شريكًا فاعلاً فى التنمية المستدامة دون أن يفقد هويته أو طابعه الخاص.