من الرسوم الجمركية والعقوبات الاقتصادية إلى شبح الحرب.. أزمات ترامب تشتعل فى أمريكا اللاتينية.. واشنطن تتهم قادة بالاتجار بالمخدرات ومادورو يحذر من غزو وشيك.. وكولومبيا ترد: أمريكا تقتل مواطنينا فى الكاريبى

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2025 01:00 ص
من الرسوم الجمركية والعقوبات الاقتصادية إلى شبح الحرب.. أزمات ترامب تشتعل فى أمريكا اللاتينية.. واشنطن تتهم قادة بالاتجار بالمخدرات ومادورو يحذر من غزو وشيك.. وكولومبيا ترد: أمريكا تقتل مواطنينا فى الكاريبى دونالد ترامب - الرئيس الأمريكى

فاطمة شوقى

تشهد علاقات الولايات المتحدة الأمريكية  مع دول أمريكا اللاتينية واحدة من أكثر مراحلها توتراً منذ سنوات، بعد سلسلة من الأزمات التي فجّرها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مع عدد من القادة اللاتينيين، من بوجوتا إلى كراكاس مرورا ببرازيليا، ومن الرسوم الجمركية والضغوط الاقتصادية إلى الاتهامات العلنية بتجارة المخدرات، تحولت لغة البيت الأبيض إلى مواجهة مباشرة تُهدد بإعادة تشكيل التحالفات السياسية والاقتصادية في القارة الجنوبية.

وبدأت الشرارة الأولى مع كولومبيا،  حين وصف ترامب الرئيس جوستافو بترو بأنه ، قائد مخدرات غير قانوني، في تصريح اعتبرته بوجوتا إهانة وطنية تمسّ سيادتها، تبع ذلك قرار واشنطن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السلع الكولومبية ووقف جزء من المساعدات الأمريكية الموجهة لبرامج مكافحة المخدرات، وهو ما اعتبرته الحكومة الكولومبية عقوبة جماعية،  وردت بوجوتا باستدعاء سفيرها من واشنطن، لتندلع أزمة دبلوماسية حقيقية بين البلدين بعد عقود من التعاون الأمني الوثيق.


وازداد التوتر حين نفذت البحرية الأمريكية ضربات ضد ما قالت إنها قوارب تهريب قبالة السواحل الكولومبية، بينما اعتبرت كولومبيا العملية انتهاكاً صارخاً لسيادتها الوطنية، وعلى إثر ذلك خرجت مظاهرات واسعة في العاصمة الكولومبية رفضاً لما وصفوه بـ الهيمنة الأمريكية الجديدة.


وامتدت إلى فنزويلا، إذ صعد ترامب من لهجته ضد الرئيس نيكولاس مادورو، مهدداً بتوسيع العقوبات وربما التدخل العسكري بحجة تطهير الكاريبي من عصابات المخدرات،  ونشرت البحرية الأمريكية  بالفعل قوات قرب السواحل الفنزويلية، في تحرك عسكري هو الأكبر منذ سنوات. وردت كراكاس ببيان شديد اللهجة اعتبرت فيه تلك التحركات عملاً عدوانياً سافراً، بينما اتهم مادورو واشنطن بمحاولة إشعال صراع إقليمي جديد.


وتتصاعد التوترات في البحر الكاريبي مع اقتراب الأسطول الأمريكي بقيادة حاملة الطائرات العملاقة USS Gerald R. Ford من السواحل الفنزويلية ـ ما دفع رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو إلى إعلان حالة الاستنفار العسكرى الشامل على طول الشريط الساحلى للبلاد، وسط مخاوف من اندلاع مواجهة غير مسبوقة بين واشنطن وكاراكاس.


وأعلن وزير الدفاع الفنزويلى فلاديمير بادريينو لوبيز أن قوات الجيش والمليشيات المدنية شاركت في مناورات ضخمة في تسع ولايات ساحلية، استخدمت خلالها صواريخ روسية الصنع من طراز Igla-S، للتصدي لأي عمليات سرية أو اعتداءات محتملة من جانب الولايات المتحدة، وفقا لصحيفة انفوباى الأرجنتينية .


وأوضح بادرينيو أن هذه التدريبات تأتى فى إطار خطة دفاع شاملة لحماية البلاد من التهديدات العسكرية ومن عمليات التهريب والإرهاب، مؤكدا أن فنزويلا تواجه اليوم أخطر انتشار عسكرى معاد فى المنطقة من أكثر من قرن.
وجاءت التحركات الفنزويلية بعد إعلان البنتاجون عن تعزيز وجوده البحرى فى الكاريبى بحجة مكافحة شبكات تجارة المخدرات،حيث يضم الأسطول الأمريكى مدمرات وغواصة نووية إضافة إلى حاملة الطائرات جيرالد فورد ، القادرة على تشغيل أكثر من 90 مقاتلة وهليكوبتر هجومية.


وفي رسالة متلفزة، اتهم مادورو الولايات المتحدة باختلاق حرب جديدة ضد فنزويلا، واعتبر أن الهدف الحقيقي من هذا الحشد العسكري هو تغيير النظام بالقوة،  كما دعا الشعب الفنزويلي إلى تشكيل ميليشيات شعبية لمساندة الجيش في الدفاع عن السيادة الوطنية.


في المقابل، لم تسلم البرازيل من التصعيد، إذ فرض ترامب قيوداً على واردات اللحوم والمعادن البرازيلية، بحجة الإغراق التجاري و ضعف المعايير البيئية،  ورد الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا قائلاً إن ترامب يتعامل مع أمريكا اللاتينية كحديقته الخلفية، ودعا إلى بناء تحالف إقليمي موحد لمواجهة الابتزاز الاقتصادي الأمريكى.


ويرى مراقبون أن أسلوب ترامب القائم على التهديدات العلنية والضغوط التجارية يُعيد إلى الأذهان حقبة الحرب الباردة حين كانت واشنطن تتعامل مع المنطقة من منطلق الهيمنة والسيطرة. لكن الفارق اليوم أن كثيراً من الدول اللاتينية باتت تمتلك بدائل اقتصادية واستراتيجية، خصوصاً مع تنامي العلاقات مع الصين وروسيا، ما يضعف قدرة الولايات المتحدة على فرض شروطها التقليدية.


كما تشير مراكز بحثية في بوينس آيرس وساو باولو إلى أن السياسات الأمريكية  الأخيرة دفعت بعض الحكومات اللاتينية إلى تعزيز التعاون الدفاعي والاقتصادي داخل القارة، وإحياء فكرة كتلة الجنوب، التي تضع مصالح الشعوب اللاتينية فوق الإملاءات الخارجية.


ويرى خبراء أن ترامب يسعى إلى كسب نقاط داخلية عبر إظهار الحزم فى السياسة الخارجية، خصوصاً في ملفات الهجرة والمخدرات التى تلقى صدى لدى قاعدته الانتخابية،  إلا أن هذا النهج يهدد بفقدان الولايات المتحدة نفوذها التاريخى فى الفناء الخلفى الذي لطالما اعتبرته مجال نفوذها الأول.


وفي ظل تصاعد لغة الاتهامات المتبادلة وغياب قنوات الحوار الفعالة، تبدو العلاقات بين واشنطن وعدد من العواصم اللاتينية مقبلة على مرحلة من البرود وربما القطيعة، ما قد يعيد رسم الخريطة الجيوسياسية  للقارة لصالح قوى جديدة تسعى لملء الفراغ الذى تتركه السياسة الأمريكية المتوترة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب