منذ اللحظات الأولى لاندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 2023، وجه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتسخير كافة الإمكانيات المصرية لوقف تلك الحرب وإنهاء حالة الاقتتال بين قوات الاحتلال الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية في القطاع، وحقن دماء الشعب الفلسطيني الشقيق.
وفتحت القاهرة خطوط اتصالات مباشرة مع الدول الكبرى وذات الشأن، لوقف آلة القتل الإسرائيلية ضد سكان القطاع المحاصر، ووضعت خطوط حمراء لمنع المخططات الصهيونية لتهجير سكان الأرض من منازلهم، وغيرت رأي المجتمع الدولي، بخصوص ما يحدث في القطاع.
77 عاما في دعم القضية الفلسطينية
ووضعت مصر أيضا خطة منظمة تضمن استمرار تدفق المساعدات إلى قطاع غزة بشكل آمن وسريع، و أقامت شبكة مراكز لوجستية متكاملة لتسهيل عملية تسلم وتخزين وتعبئة المساعدات الإنسانية قبل توجيهها إلى داخل قطاع غزة، كما أدارت الحكومة المصرية 7 مراكز لوجستية رئيسية لتعبئة شاحنات المساعدات وتوجيهها إلى القطاع.
وعلى مدار 77 عاما، تغيرت فيها السياسات والحكومات والرؤساء، وتبدلت الظروف الداخلية والخارجية، واختلفت ملاحم العالم بأكمله، إلا أن القضة الفلسطينية ظلت وستظل هى قضة مصر الأولى، فمنذ عام 1948، ظل اهتمام وارتباط القاهرة بقضية الشعب الفلسطيني الشقيق ثابت وكبير، ولم تكن مجرد قضية، بل جزء أساسي من الأمن القومي المصري، وارتباط دائم بها تاريخيًا وجغرافيًا، إن شئت قل ارتباط الدم والقومية.
وتحملت مصر أعباء عسكرية وأمنية وسياسية ودبلوماسية واجتماعية، من أجل سلامة الشعب الفلسطينى والحرص التام على حمايته من الهجمات الإسرائيلية – الصهيونية على مدار تلك السنوات الكثيرة الماضية، ولم تتقاعس القاهرة عن ممارسة دورها تجاه القضية الفلسطينية فقد قدمت مصر أكثر من 100 ألف شهيد و200 ألف جريح خلال حروبها مع إسرائيل من أجل فلسطين.
التشاور لغة مصر فى فرض السلام
واختارت القاهرة التشاور مع كافة الأطراف المعنية بالصراع والعمل على إدخال المساعدات والماء والغذاء والدواء إلى الأشقاء فى القطاع المحاصر، ونظمت قمة "القاهرة للسلام" التى سارت على أسسها الدبلوماسية الدولية، فضلا عن جهودها التى أسفرت عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، لمدة زادت عن الأسبوع وتمكن الطرفين خلال تلك المدة من تبادل الأسرى والرهائن، وحذرت القاهرة مرارا وتكرارا، من إقبال قوات الاحتلال الإسرائيلية على اجتياح مدينة رفح الفلسطينية جنونى قطاع غزة.
وفى 2023، خصصت مصر مطار العريش الدولى، لاستقبال المساعدات التى ترغب الدول فى تقديمها للقطاع التى تحصره القوات الإسرائيلية، برا وبحرا وجوا، ودعت القاهرة جميع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية الراغبة فى تقديم مساعدات إنسانية وإغاثية إلى الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، تخفيفا عنه واستجابة لمعاناته نتيجة القصف الإسرائيلى العنيف والمتواصل، إلى إيصال تلك المساعدات إلى مطار العريش الدولى الذى تم تحديده من جانب السلطات المصرية لاستقبال المساعدات الإنسانية الدولية من الأطراف والمنظمات الدولية المختلفة، مع استمرار فتح معبر رفح البرى دون إغلاق، كما تواصل القوات المسلحة المصرية، عمليات الإنزال الجوى، للمساعدات الإنسانية من غذاء وماء ودواء، على قطاع غزة.
اتفاق شرم الشيخ ينهي الحرب في غزة
وبعد عامين من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وبفضل الجهود المصرية توقفت الحرب في 11 أكتوبر 2025، حيث تمكنت القاهرة من توقيع اتفاق سلام بين قوات الاحتلال الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية، في مدينة شرم الشيخ لإنهاء حالة الاقتتال وتبادي للأسرى والرهائن.
وقد أعربت مصر عن تطلعها لتحقيق السلام والتعاون مع الجميع، لبناء شرق أوسط خال من النزاعات، يتم بناؤه على العدالة والمساواة في الحقوق، وعلى علاقات حسن الجوار والتعايش السلمي بين جميع شعوبه بلا استثناء،
وترأس السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعمال "قمة شرم الشيخ للسلام"، والتي بمشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورؤساء دول وحكومات كل من (الأردن، قطر، الكويت، البحرين، تركيا، إندونيسيا، أذربيجان، فرنسا، قبرص، ألمانيا، المملكة المتحدة، إيطاليا، أسبانيا، اليونان، أرمينيا، المجر، باكستان، كندا، النرويج، العراق، الإمارات، سلطنة عمان، السعودية، اليابان، هولندا، وبارجواي، والهند)، بالإضافة إلى كل من سكرتير عام الأمم المتحدة، والأمين العام لجامعة الدول العربية، ورئيس المجلس الأوروبي، ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، ورئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق.
وووقع السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب على اتفاقية شرم الشيخ للسلام، شاملة لإنهاء الحرب في قطاع غزة. كما وقع قادة كل من وقطر وتركيا يوقعون وثيقة بشأن الاتفاق بين إسرائيل وحماس.
مصر تعمل على إنهاء الخلافات الفلسطينية
و منذ أن دب الخلاف بين الفلسطينيين والفصائل هناك فى عام 2002، وترعى مصر الحوار الفلسطينى – الفلسطينى، بهدف مساعدة هذه الفصائل على تحقيق الوفاق الفلسطينى، وذلك عبر جولات متكررة تستضيفها القاهرة، استهدفت تحقيق الوفاق الفلسطينى، لكن الأحداث التى شهدها قطاع غزة فى يونيو 2007، أدت إلى تكريس حالة الانقسام والخلاف بين قطاع غزة والضفة الغربية، ودخل ملف المصالحة الفلسطينية فى جمود شبه كامل خلال السنوات التالية، إلى أن أعادت القاهرة تفعيل هذا المسار فى أبريل 2011، واستضافت اجتماعا ضم ممثلين عن حركة فتح وحماس، تم خلاله الاتفاق على بنود وثيقة للوفاق الوطنى تم بحث آليات تنفيذها فى ديسمبر 2011، خلال اجتماع استضافته القاهرة أيضا للفصائل الفلسطينية، وقد استهدف مصر تحقيق الاهداف التالية خلال رعايتها هذه الحوارات: (ضرورة وضع برنامج سياسى موحد بين كل الفصائل ركيزته الأساسية تخويل السلطة الفلسطينية إجراء مفاوضات مع إسرائيل فى القضايا المصيرية - عدم قيام أى فصيل من الفصائل أو السلطة الفلسطينية بالخروج عن البرنامج السياسى الموحد أو الانفراد باتخاذ القرار- تدعيم السلطة الفلسطينية وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية).
مساعدات مصرية لغزة خلال الحرب
وبخصوص المساعدات، فقد أكدت الخارجية المصرية أن القاهرة قدمت أكثر من 70% من المساعدات التي دخلت إلى القطاع، منذ أكتوبر 2023، مع التأكيد أن أكثر من 5 آلاف شاحنة تتوقف الآن على الأرضي المصرية، محملة بأنواع متنوعة من المساعدات الغذائية والإنسانية، وجاهزة لدخول القطاع، لولا أن تمركز القوات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح يمنع دخولها، وهذا ما أشار إليه السيد الرئيس السيسي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس فيتنام "لوونج كوونج".
وقد بلغ حجم المساعدات الإنسانية والإغاثية التي قدمتها مصر عبر الهلال الأحمر المصري أكثر من 580 ألف طن خلال عامين، في استجابة هي الأكبر من نوعها مع مرور عامين على اندلاع حرب غزة فى السابع من أكتوبر 2023.
مؤتمر إعادة إعمار غزة
وأعلن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر ستستضيف في نوفمبر 2025 مؤتمرا دوليا لإعادة إعمار قطاع غزة، وجاء الإعلان خلال حضور السيسي فعاليات الندوة التثقيفية الـ42 التي تنظمها القوات المسلحة، في إطار احتفالات مصر بالذكرى الثانية والخمسين لنصر أكتوبر المجيد، بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية.
واستعرض الرئيس عبد الفتاح السيسي الجهود المصرية المكثفة على مدار العامين الماضيين لوقف الحرب في قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، وهو المسار الذي تُوّج بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وعقد قمة السلام بمدينة شرم الشيخ.