دخل عام 2025 سجلات التاريخ كأحد أكثر الأعوام دمارًا من حيث الظواهر المناخية المتطرفة، بعدما شهدت مناطق متعددة من العالم موجات فيضانات غير مسبوقة أودت بحياة المئات وتسببت في نزوح الملايين، من المكسيك والبرازيل إلى ألمانيا وإيطاليا، اتحدت الكارثة في مشهد واحد عنوانه الغضب المناخي وغياب الاستعداد الكافي.
المكسيك.. نارديا تبتلع الجنوب وتكشف هشاشة البنية التحتية
بدأت الكارثة في أكتوبر، عندما ضرب إعصار نارديا سواحل المكسيك الشرقية حاملاً معه أمطارًا غزيرة تسببت في فيضانات وانهيارات أرضية عارمة في ولايات فيراكروز وإيدالجو وتاباسكو، و انهارت المنازل وجُرفت الطرق، فيما أعلنت السلطات مقتل أكثر من 80 شخصًا وفقدان العشرات. وقدرت الحكومة عدد النازحين بأكثر من 120 ألف مواطن، بينما غرقت قرى بأكملها في الطين والمياه.
وعلى الرغم من تدخل الجيش وقوات الحماية المدنية، فإن حجم الكارثة كشف مجددًا ضعف الاستعدادات الوطنية لمواجهة الكوارث، خصوصًا في المناطق الجبلية الفقيرة التي تفتقر إلى شبكات تصريف حديثة.
ريو جراندى يغرق البرازيل فى أسوأ فيضانات منذ 20 عاما
كما تعرضت البرازيل لأمطار غير مسبوقة فى ريو جراندى دو سول وسانتا كاتارينا وبارانا ، لتتحول الأنهار إلى سيول جارفة دمرت البنى التحتية بالكامل، وقتل ما لا يقل عن 160 شخصا ، وأصيب المئات ، فيما تجاوز عدد المشردين نصف مليون شخص ، وغرقت مدينة بورتو أليجرى تحت أكثر من مترين من المياه فى مشهد أعاد إلى الأذهان فيضانات عام 2004.
وأشارت وزارة البيئة البرازيلية إلى أن تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة فى المحيط الأطلسى كانا وراء زيادة كثافة الأمطار ، محذرة من ان البلاد تدخل عصر الفيضانات الموسمية القاتلة.
أوروبا.. من ألمانيا إلى إيطاليا تحت الماء
ولم تكن القارة العجوز بمنأى عن المأساة، ففي يونيو ويوليو 2025، شهدت ألمانيا وبولندا والنمسا فيضانات مدمرة بعد سلسلة من العواصف المفاجئة، ففي ألمانيا فقد ارتفع منسوب نهر إلبه ليغمر بلدات بأكملها شرق البلاد، مما أدى إلى وفاة 52 شخصًا وإجلاء أكثر من 200 ألف.
أما فى إيطاليا فقد اغرقت الفيضانات مناطق مثل إيميليا رومانيا وشمال توسكانا ، حيث انهارت الجسور وتضررت المزارع وقدرت الحكومة الخسائر المادية بما يزيد عن مليار يورو، كما هو الحال فى فرنسا حيث أعلنت السلطات حالة طوارئ بيئية فى الجنوب بعد أن غمرت مياه الامطار احياء من مدينة ليون خلال ساعات قليلة.
دول آخرى فى أمريكا اللاتينية.. الخطر يمتد من كولومبيا إلى بوليفيا
وامتدت الكارثة إلى مناطق أخرى من أمريكا اللاتينية، إذ شهدت كولومبيا وجواتيمالا وبوليفيا أمطارًا غزيرة أدت إلى انهيارات أرضية وفيضانات طينية حصدت عشرات الأرواح.
في بوليفيا، دمرت الفيضانات قرى بأكملها في منطقة بيني، فيما فُقد عشرات الأشخاص. أما في كولومبيا، فقد أدت السيول إلى قطع الطرق بين العاصمة بوغوتا ومناطق الأنديز.
وقالت منظمة الأرصاد العالمية إن عام 2025 شهد أعلى معدل فيضانات منذ بداية القرن مؤكدة أن زيادة حرارة المحيطات وتغير أنماط الرياح فاقما من الظواهر المتطرفة، ودعت المنظمة الحكومات إلى تطوير أنظمة إنذار مبكر وتعزيز التخطيط العمراني للحد من الأضرار المستقبلية.
ويحذر الخبراء من أن ما حدث في 2025 ليس حادثًا عرضيًا، بل إشارة تحذير حقيقية لعصر مناخي جديد قد يشهد كوارث أكثر تكرارًا وعنفًا، ما لم تتخذ إجراءات عاجلة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والتعامل مع مخاطر المياه في المدن الكبرى.