أكرم القصاص

قبل الجونة وبعده.. «المهرجان حار» والسينما «إطلالة»!

الأربعاء، 22 أكتوبر 2025 10:00 ص


استمرارا للجدل القائم حول السينما والفن، وموقع الثقافة الحالى بمناسبة مهرجان الجونة السينمائى، أو حتى مهرجان القاهرة والإسكندرية وباقى المهرجانات والفعاليات التى تهتم بالفنون والسينما، هناك فوائد للمهرجانات، فهى عنصر تنشيطى للسياحة خاصة إذا كان فى مدينة ساحلية مثل الجونة، لكن الصراحة إن المعارك التى تدور بين  الصحافة والفنانين أو بين الفنانين وبعضهم هى معارك كاشفة عن تراجع كبير فى مستوى المنتج الثقافى والفنى، والقائمين عليه، وإصابة بعض العاملين فى الإعلام والسينما بغرور غير مبرر، وعدم إدراك لتراجع مستوى المنتج كما وكيفا، ويبقى فقط عالم الإطلالة، حيث نرى جلسات تصوير لنجمات ونجوم لم يقدم أى منهم عملا طوال سنوات، وتغيب السينما وتحضر الصور والإطلالات فى مهرجان كبير.


ويصعب على أى متابع للسينما أن يعثر على فيلم أو عدة أفلام مهمة يمكن أن تمثل علامات فى السينما، مثلما كان فى كل الأزمنة، كان العام يشهد عملين أو ثلاثة بجانب أعمال أخرى تتراوح بين الأكشن والمقاولات، لتغطى المواسم، الآن هناك جفاف فى الإنتاج السينمائى، بل وانصرف أغلب النجوم إلى تقديم برامج واستاند آب من أجل السوشيال ميديا، أو اكتفوا بإدارة مطاعم أو محلات ملابس وتجارة شنطة.


طبعا هناك مشكلات تتعلق بانصراف الجمهور عن السينما إلى المنصات أو الأشكال الجديدة من البث على الموبايل أو الإنترنت، لكن حتى هذا النوع من المنتجات ذات التكاليف المنخفضة فهى تقدم حلولا، لكن الأمر لدينا كاشف عن غياب وانفصال السينما عن التطورات العالمية التقنية والاقتصادية، ومعروف أن مضامين وأشكال السينما والدراما تغيرت وتطورت بحكم التطور التقنى، فقد أصبح الموبايل وسيلة المستخدم لمتابعة كل أعماله والاطلاع على الأخبار وأيضا دفع فواتيره ورسومه وتحويل أو تلقى المدفوعات، بجانب المنصات التى أصبحت نافذة الدراما والسينما، وهى تطورات تفرض على المنتجين وصناع السينما الانتباه لها، لكن مثل كثير من الأمور تم تجاهل هذه التطورات وتأخرت الصناعة المصرية كثيرا.


وفى السينما والإعلام والصحافة والدراما تراجعت مؤسسات عريقة أو تقاعست عن مجاراة العصر والالتحاق بأدواته وتطوره، وتراجعت علاماتها، وتقدمت علامات أخرى كانت أقدر على استيعاب أدوات العصر، وهنا يمكن تفهم سبب انصراف بعض الأجيال الجديدة عن الأشكال القديمة، وانتقالهم إلى منصات أو أشكال أو مواقع، ويمكن تفهم عدم معرفة بعض المراهقين أو الشباب الصغير بأسماء مؤسسات عريقة، بينما يتذكرون أسماء حديثة ظهرت ونمت وتطورت مع أدوات من دون أن تفقد محتواها وتفاعلها، وتمنح المستهلك ـ قارئ أو مشاهد ـ  حقوقا إضافية، لم تكن متاحة، بل إنه حتى أدوات التواصل خلقت أدوات وأشكالا ومساحات لم تكن متاحة للجميع، فقد أصبح إنتاج المحتوى من الأفراد متاحا، وكسرت التطورات التقنية حلقات احتكار العمل، فلم يعد إنتاج المحتوى قاصرا على الصحافة التقليدية، ولكن ظهرت الصحافة الرقمية، ثم مواقع التواصل ثم الصفحات الشخصية، وكلها عناصر منافسة.


ولم تكن السينما استثناءً من هذا، وبنظرة على نجوم كانوا لامعين فى التسعينيات وما زالوا شبابا، مثل أحمد حلمى ومحمد هنيدى وأحمد السقا أو غيرهم، فقد اختفى بعضهم وتراجع، أو اتجه إلى برامج وأشكال أخرى، وتركوا السينما وكانت آخر تجاربهم ضعيفة بشكل كبير، ربما لأنهم لم يحترموا النص، وافتقدت السينما قامات مثل وحيد حامد، ونجوما مثل عادل إمام أو محمود عبدالعزيز، ومخرجين مثل محمد خان أو داود عبدالسيد، وحتى شريف عرفة، كل هذه عناصر تشير إلى أن السينما بصفتها من المنتجات المهمة، تتطلب انتباها من القائمين على الصناعة، وأيضا من المؤسسات العامة التى كان لها دائما دور فى تنشيط هذا الفن المهم.  


ولا نقصد اهتماما رسميا بأن يتم تشكيل لجان، تفرز لجانا منبثقة تعمل فى جلسات تحضير «الولا حاجة»، فالإعلام والسينما لا يطوران باللجان، ولكن بتوفير الظروف والشروط التى توفرت فى السابق وأتاحت فرص النمو والمنافسة، لا إعلام ولا سينما من دون مجال عام مفتوح، ومنافسة، وهى ظروف سبق وأتاحت ازدهارا نسبيا أو كبيرا، كانت السينما والدراما صناعة كبيرة، وليس مجرد منتجات معقمة خالية من العمق، تنتجها ورش وأشكال جديدة مدمرة للفن أساسا، وكثير من الأعمال الدرامية عبارة عن توليد من أعمال قديمة، أو تسطيح واستعجال يفسد الأفكار الكبيرة ويقزمها، وهو واقع معروف، لا يحتاج إلى لجان ومنبثقات، وإنما إلى مصارحة وشفافية وإرادة، وليس مجرد «تمشية حال».



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب