توفيق الدقن وحلف مع الإفلاس.. ما كتبه الفنان الكبير في الكواكب

كتب توفيق الدقن في عدد مايو من عام 1959 مقالا عن الإفلاس يخبر القراء فيه برأيه في ذلك المعنى بما لا يخلو من نبرة كوميدية ساخرة معتادة من الفنان الكبير الراحل وقد جاء تحت عنوان" حلف مع الإفلاس".

أعترف من غير خجل... أنا راجل عملت حلف شرف مع الإفلاس!
مش أول مرة، ومش آخر مرة، لكن دي المرة اللي حسّيت فيها إن الإفلاس طلع صاحبي الجدع الوحيد اللي ما بيغدرش.
الإفلاس يا سادة ما بيجيش فجأة...
بيبدأ بحكاية بسيطة كده، لما تلاقي نفسك بتعد فلوسك قبل النوم، بدل ما تعد خرفان. وتبدأ تسأل نفسك: "هو أنا كنت بصرف على مين؟" — والسؤال ده خطر جدًا، لأن الإجابة دايمًا بتبقى: "على نفسي... اللي مابتشبعش!"
أنا ما بخافش من الإفلاس...
ده أنا بخاف من الناس اللي بيخافوا منه! لأنهم أول ناس تبيعك لما الريح تغيّر اتجاهها. إنما هو، سي السيد نفسه — الإفلاس — بيقعد جنبك كده في القهوة، يطلبلك شاي ثقيل، ويقولك: "ولا يهمك يا دقن... يوم لك ويوم عليك!"
وأنا يومي كان دايمًا عليه...
لحد ما بقيت أتعامل مع الإفلاس كأنه دور تمثيل جديد.
أقوم من النوم، ألبس وش الجدع المكافح، وأقول: "صباح الخير يا دنيا!"
وهي ترد عليّ: "صباح النكد يا توفيق!"
بس الصراحة، اتعلمت منه كتير...
علّمني أفرق بين اللي بيحبني عشان "أنا" واللي بيحبني عشان "أنا عندي".
علّمني إن الشهرة زي الشاي السادة... أولها سخن، وآخرها مر.
وإن الناس بتفتكر إن الممثل طول الوقت بيضحك، مع إنه أكتر واحد ممكن ينهار من ضحكته.
وفي لحظة صدق...
قلت لنفسي: يمكن الإفلاس مش نقمة، يمكن هو امتحان... امتحان للرجولة، وللنُبل، وللقدرة على إنك تضحك حتى لما الجيب فاضي والروح مطفية.
الناس فاكرة إن الإفلاس يعني نهاية،
لكن اللي عاشه يعرف إنه بداية جديدة،
بداية إنك تشوف نفسك من غير ديكور، ولا إضاءة، ولا تصفيق.
أنا ما عملتش حلف  مع الإفلاس لأني بحبه،
أنا  عملت حلفت معاه لأني عرفته،
وعرفت إنه - رغم قسوته -أصدق من ناس كتير بيلبسوا "النيشان" وبيحلفوا على المصحف، وهم مفلسين من جوّا.

حلف مع الإفلاس