آخر 200 يوم مع أنيس منصور.. رحلة فى ذاكرة الأيام الأخيرة للكاتب الراحل

الثلاثاء، 21 أكتوبر 2025 09:00 م
آخر 200 يوم مع أنيس منصور.. رحلة فى ذاكرة الأيام الأخيرة للكاتب الراحل أنيس منصور

محمد عبد الرحمن

تمرُ، اليوم، ذكرى رحيل الكاتب الكبير أنيس منصور الذى أثرى الساحة الثقافية بأعماله الأدبية المميزة وأعماله السينمائية والدرامية التى مازالت محفورة فى الذاكرة، إذ توفى فى 21 أكتوبر 2011، بعدما ترك بصمة كبيرة في الأدب والفن المصرى.

يشكّل كتاب "آخر 200 يوم مع أنيس منصور" للدكتور مجدي العفيفي، أحد أبرز الإصدارات التي أعادت إحياء سيرة الفيلسوف والأديب الكبير أنيس منصور، لكن من زاوية إنسانية لم تُتناول من قبل؛ زاوية الأيام الأخيرة في حياة الكاتب الذي ملأ الدنيا فكرًا وسفرًا وتأملًا.

صدر الكتاب عن دار "اكتب" بالقاهرة في مجلد ضخم من 534 صفحة من القطع الكبير، ويضمّن عددًا من الصور الشخصية والعائلية النادرة التي تُعرض للمرة الأولى، لتمنح القارئ لمحة حميمة عن حياة الأديب بعيدًا عن أضواء الشهرة.

بين الحزن والاستعادة

استطاع الدكتور مجدي العفيفي، وهو أحد المقربين من أنيس منصور، أن يُحوّل فكرة الفقد والألم إلى حالة من الاستعادة المشرقة، فبدلًا من أن يكون الكتاب تأبينًا للراحل، جاء بمثابة احتفاءٍ بالحياة والذكريات، يقدّم فيها الكاتب الكبير كما كان يحب أن يُرى: عاشقًا للفكر والجمال، ومخلصًا للكلمة حتى اللحظة الأخيرة.

يقول العفيفي في مقدمة كتابه إنه لم يكتب سيرة وداع، بل كتب سيرة بقاء، لأن الأقلام التي كتبت مثل قلم أنيس منصور "لا تموت، بل تبقى حاضرة في الوعي الثقافي والوجداني لأجيالٍ متعاقبة"، ومن هنا تنطلق صفحات الكتاب لتستعيد "النوستالجيا" المنصورية بكل بهجتها وعمقها، من خلال أحاديث وحوارات وذكريات جمعت بين المؤلف والمفكر خلال آخر 200 يوم من حياته.

حوارات ومكاشفات نادرة

يضم الكتاب سلسلة من الحوارات والمكاشفات الخاصة بين الكاتبَين، سبق أن نشر بعضها المؤلف في الصحافة المصرية بين عامي 2014 و2015، غير أن هذا الإصدار يجمعها في سياقٍ متكاملٍ يكشف عن خبايا شخصية وفكرية لم تُروَ من قبل، ويتحدث أنيس منصور في هذه الحوارات عن أفكاره تجاه الكتابة والفلسفة والحب والسفر والشيخوخة والموت، كاشفًا عن جانب إنساني نادر خلف الشخصية الإعلامية اللامعة التي عرفها القرّاء لعقود طويلة.

اللحظات الأخيرة

وفي أحد أكثر فصول الكتاب تأثيرًا، يسرد الدكتور مجدي العفيفي مشهد الوداع الأخير في مستشفى القاهرة، حين رافق زوجة أنيس منصور إلى غرفة العناية المركزة.

يصف المشهد بتفاصيل دقيقة مؤثرة: كانت زوجة الأديب تقف بصعوبة إلى جوار السرير، تتأمل وجه شريك العمر تحت جهاز التنفس الصناعي، وتهمس بدموعها: "أنيس خلاص بيودّع يا مجدي..." كلمات بسيطة لكنها تلخّص رحلة عمرٍ طويلٍ من الحب والرفقة والعطاء، كما يصفها العفيفي، الذي يعترف بأن تلك اللحظات "لا يمكن أن تُمحى من ذاكرته ما عاش".

بين أنيس منصور الإنسان والمفكر

يقدّم الكتاب صورة مزدوجة لأنيس منصور: الإنسان الودود الذي عاش حياةً مليئة بالعلاقات الإنسانية الثرية، والمفكر الحرّ الذي كتب عن الفلسفة والسفر والزمن والحب بأسلوبٍ يجمع بين العمق والبساطة، ويظهر في أحاديثه مع العفيفي وعي فلسفي متصالح مع فكرة النهاية، إذ يرى أن "الموت ليس غيابًا بل اكتمال"، وأن الكاتب الحقيقي يترك من بعده "كلماتٍ تمشي على الأرض نيابةً عنه".

أول كتاب يوثّق الأيام الأخيرة للمفكر الكبير

يُعد "آخر 200 يوم مع أنيس منصور" أول إصدار يوثّق تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة الكاتب الراحل، ليقدّم للقارئ شهادة فكرية وإنسانية فريدة على مرحلةٍ من أكثر فترات حياته عمقًا وصدقًا، ويُذكر أن مجدي العفيفي عمل لسنواتٍ طويلة في الصحافة الثقافية، وكان من المقرّبين إلى أنيس منصور في سنواته الأخيرة، مما منح الكتاب مصداقية خاصة ودفئًا إنسانيًا واضحًا في السرد.

آخر 200 يوم مع أنيس منصور
آخر 200 يوم مع أنيس منصور



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب