في خضم الحياة السريعة وضغوط العمل المستمرة، يبحث كثيرون عن طرق طبيعية لاستعادة الهدوء وتحسين المزاج دون الاعتماد على العقاقير. إحدى هذه الطرق التي لاقت اهتمامًا عالميًا هي العلاج بالروائح والزيوت الأساسية، وهو مجال يجمع بين العلم والراحة النفسية عبر قوة الرائحة وتأثيرها في الدماغ.
ووفقًا لتقرير نشره موقع Everyday Health، فإن الزيوت المستخلصة من النباتات العطرية يمكن أن تترك أثرًا حقيقيًا على الحالة المزاجية من خلال تفاعلها مع الجهاز العصبي، لتصبح أداة فعالة للتغلب على القلق والإجهاد الذهني.
كيف تعمل الزيوت العطرية داخل الجسم؟
عندما تُستنشق الرائحة العطرية، تدخل جزيئاتها إلى الأنف، ومنها إلى الجهاز الشمي الذي يتصل مباشرة بمنطقة في الدماغ تُعرف بالجهاز الحوفي، وهي المسؤولة عن المشاعر والذاكرة وتنظيم الهرمونات.
هذا التفاعل يُفسّر كيف يمكن لبعض الروائح أن تُشعرك بالراحة أو التركيز، إذ تعمل الزيوت على تحفيز استجابات كيميائية طبيعية تُعزز الهدوء أو الحيوية بحسب نوع النبات المستخدم.
تُستخرج الزيوت عادةً عبر التقطير أو الضغط البارد لأجزاء النباتات مثل الأوراق أو الأزهار أو القشور، ثم تُخفف في زيوت ناقلة لتكون آمنة على الجلد.
الزيوت التي تساعدك على النوم بعمق
يُعتبر اللافندر الأكثر شهرة بين الزيوت التي تُستخدم لتهدئة الأعصاب وتحسين النوم. فقد لاحظ الباحثون أن رائحته الزهرية اللطيفة تساعد على تقليل القلق وإرخاء العضلات، مما يُمكِّن الجسم من الاستعداد للنوم بشكل طبيعي.
كما يُوصى باستخدام البابونج في جلسات الاسترخاء الليلية، إذ يحمل خصائص مهدئة تُخفف التوتر العصبي وتُساعد على صفاء الذهن قبل النوم.
أما اللبان، فرائحته الدافئة تُعيد التوازن التنفسي وتُسهم في تهدئة التفكير الزائد.
روائح تُحفّز الطاقة وتُنعش الحواس
عندما يهاجمك التعب أو تراجع التركيز، قد يكون زيت النعناع خيارًا مثاليًا. فرائحته القوية تُنشّط الذهن وتُحسّن الأداء الجسدي والعقلي في الوقت نفسه.
وتُشير ملاحظات سريرية إلى أن استنشاق النعناع قبل ممارسة التمارين الرياضية قد يُعزز القدرة على التحمل ويُقلل الإحساس بالإجهاد.
وتُعد زيوت مثل القرفة والياسمين والقرنفل أيضًا محفزات طبيعية للطاقة، إذ ترفع معدل اليقظة وتُحسّن المزاج العام.
الحمضيات.. روائح تُنير يومك
تحمل زيوت الليمون والبرتقال والبرغموت طاقة منعشة تُحسّن المزاج وتُخفف القلق.
توضح الدراسات أن رائحة الليمون تحديدًا تُنشّط إنتاج الدوبامين، وهو ناقل عصبي يُشعرك بالتحفيز والسعادة.
لكن يُنصح بعدم وضع الزيوت الحمضية مباشرة على البشرة قبل التعرض للشمس لأنها قد تُسبب تحسسًا جلديًا مؤقتًا.
زيوت التركيز والوضوح الذهني
للمهام التي تتطلب تركيزًا طويلًا أو دراسة مكثفة، يُنصح بزيت إكليل الجبل. فمكوناته النشطة، مثل السينول، تُساعد على تحسين الذاكرة والانتباه من خلال دعم التواصل العصبي داخل الدماغ.
كما يُعتبر خشب الصندل من الزيوت التي تُعيد صفاء الذهن بفضل رائحته الدافئة التي تُخفف التوتر دون أن تُسبب الخمول.
إرشادات الاستخدام الآمن
رغم أن الزيوت العطرية طبيعية، إلا أن استخدامها الخاطئ قد يؤدي إلى نتائج غير مرغوبة.
لذلك، يُفضل دائمًا تخفيف الزيت الأساسي بزيت ناقل مثل زيت الجوجوبا أو اللوز قبل تطبيقه على الجلد.
ويُستحسن استشارة أخصائي علاج بالروائح أو طبيب مختص في الطب التكاملي لتحديد الأنواع المناسبة لكل حالة.
كما يُنصح بتجنّب تناول الزيوت فمويًا إلا تحت إشراف طبي صارم.