عصام محمد عبد القادر

التربية الوطنية في مدارسنا

الإثنين، 20 أكتوبر 2025 05:00 ص


غرس القيم والمفاهيم التي تتسق مع ماهية الوطنية بمؤسساتنا التعليمية أمرٌ مهمٌّ للغاية؛ إذ يساعد ذلك في بناء إنسان محب لترابه، لديه انتماء خالص؛ حيث يعتز بحضارته وتاريخه وإرثه الثقافي، ويدرك مسؤولياته في الحفاظ على مقدرات وطنه، ويعي ما له وما عليه من واجبات وحقوق، ويتفهم ماهية الحرية، التي تقف عند تجنب الإضرار بالآخرين، ويعلم فلسفة بناء الدولة ونظامها القائم، ولديه رغبة في المشاركة المجتمعية نابعة من فقه للتكافل والتضافر، ويثق في مؤسساته، ويصطف من أجل نصرتها ونهضتها ورقيها وازدهارها، ويمتلك هوية أمته وقوميته المتجذرة عبر غور التاريخ.


في خضم التربية الوطنية، يستشعر الفرد أنه جزءًا من كيان هذا الوطن الكبير، له قدره ومقداره، وله حق التطلعات والأحلام، وله آمال يسعى وراءها، وله مساحة للمشاركة والاندماج في المكون المجتمعي بمختلف ألوانه، وله مكتسبات يعمل على تنميتها، سواءً أكانت معنوية، أم مادية، وله عقيدة وسطية، يحافظ على مبادئها وما تحوزه من نسق قيمي نبيل وفضيلة قويمة، مستمدة من حضارة شعب عريق، وله رغبة في مطالعة العالم حوله؛ لينهل منه خبرات جديدة في مجالات العلم والمعرفة، إنها فلسفة تربوية تزيد من تفاعله ومقدرته على التعامل والتعاطي الواعي، مع صور المتغيرات المحيطة في معاشه وفضائه.


النشيد الوطني لمصرنا الحبيبة، يُحيي في الوجدان ما تحمله ذاكرة تؤكد على الإخلاص، والانتماء، والولاء للوطن، وتعبر عن تلاحم الشعب مع قيادته؛ من أجل صون كرامة الكيان الكبير، ومجده العظيم، الذي يفدى بالدماء والأرواح، وتصير الأفئدة معلقة بحريته، الواقعة مسؤوليتها على كاهل الجميع، بتعبير هادر يؤكد على الهوية، ويمزج بين الأصالة والعطاء، والجد في العمل؛ ومن ثم تتجدد الهمم في طليعة كل صباح على تلك الأنغام؛ حيث تخاطب فينا الإقبال بكل معان الحب والبذل والفداء لوطن يعيش في قلوبنا وتطأ أقدامنا ثراه الطاهر.


تحية العلم والنشيد الوطني من الممارسات الراقية، تعزز وجدان فلذات الأكباد على الوطنية في إطارها الجامع؛ ومن ثم ينشأ الفرد على احترام وتقدير وإجلال رموز هذا الوطن، ناهيك عن حفز مستدام لفكرة العطاء والعمل والبناء؛ من أجل استكمال مسيرة النهضة، وهناك ترسيخ واضح لقيمة الانضباط، تبدو جلية في الاستقامة والاعتدال، في صورة تترجمها مشاعر النخوة، الجامعة بين الالتزام والوفاء في آن واحد، وهذا يدل على ما نسميه العاطفة الصادقة، التي تحث بصورة مطلقة على إيجابية السلوك، وتخلق الروح القتالية، المناضلة من أجل الغاية النبيلة.


لست مبالغًا إذا ما قلت إن معانيَ النشيد الوطني، التي تطلق كلماته أبناء الوطن الحر، يخلق فكرة البناء والتنمية؛ فيسعى الجميع لنهل المعرفة من مصادرها؛ ليصبح الإنسان لديه خبرة يقدم من خلالها كل ما يثمر في هذا البلد الكبير؛ حيث يترجم الصمود لقوى تؤكد ماهية التحمل والتضحية للعطاء المستمر الذي لا تنضب ينابيعه، وهذا يعبر عن فلسفة الإرادة في تحقيق الأهداف الكبرى.


ما نصبو إليه عبر التربية الوطنية المقصودة في مدارسنا، أن نعمل مجتهدين على تعميق الانتماء، وتعزيز الهوية المصرية، في نفوس الأبناء، وأن نُعلي من قدر الهوية الثقافية، المتعلقة بالعادات والتقاليد الأصيلة للشخصية المصرية، العاشقة لتراب هذا الوطن، والمقدمة للتضحيات دون مقابل، بالإضافة إلى صقل الوجدان بقيم المواطنة الصالحة، وتبدو جلية في الالتزام، والانتظام، وسرعة تشكيل الصفوف، واحترام القانون، واللوائح المنظمة، وتحمل المسؤولية، وترسيخ التسامح، والتعايش القائم على فلسفة الوحدة الوطنية الخالصة، الضامنة لماهية التماسك والرافضة صور الانقسام والتطرف بكل أشكاله.


التربية الوطنية تجدد روح العطاء، وتؤكد على الصمود، وتُفعّل الركائز الأخلاقية، وتضمن وحدة الاصطفاف، وتؤكد على أن النهضة تقوم على سواعد الشراكة الوطنية في وطن الجميع.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة – جامعة الأزهر

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب