ذكرى ميلاد كامل الكيلاني.. رائد أدب الطفل وصانع الأسطورة التربوية

الإثنين، 20 أكتوبر 2025 05:00 م
ذكرى ميلاد كامل الكيلاني.. رائد أدب الطفل وصانع الأسطورة التربوية كامل كيلاني

محمد عبد الرحمن
في مثل هذا اليوم، 20 أكتوبر عام 1897، وُلد في حي القلعة بالقاهرة واحد من أبرز رواد الأدب العربي في القرن العشرين، وأول من وضع أسسًا علمية ومنهجية لـ أدب الطفل في العالم العربي، وهو الأديب كامل الكيلاني، الذي جعل من الحكاية والأسطورة وسيلة لبناء القيم وترسيخ المعاني في نفوس النشء.
 
نشأ كامل الكيلاني في بيئة دينية وعلمية؛ إذ التحق بالكُتّاب في صغره وحفظ القرآن الكريم، ثم واصل دراسته في مدرسة أم عباس الابتدائية، ومنها إلى مدرسة القاهرة الثانوية.
 
تميّز منذ صباه بشغفه باللغات، فأتقن الإنجليزية والفرنسية ومبادئ الإيطالية، كما درس علوم النحو والمنطق بالأزهر الشريف.
وفي عام 1917 التحق بالجامعة الأهلية (جامعة القاهرة لاحقًا) وحصل منها على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية، ليبدأ بعدها مسيرة أدبية حافلة امتدت أربعة عقود.
 
لم يكن الكيلاني كاتبًا للأطفال فحسب، بل كان مؤرخًا ومحققًا ومترجمًا واسع الاطلاع، وقد ألّف كتبًا تاريخية وأدبية مثل: مصارع الخلفاء، مصارع الأعيان، ملوك الطوائف، نظرات في تاريخ الأدب الأندلسي، وموازين النقد الأدبي، كما قام بترجمة كتب المستشرقين، وحقق نصوصًا تراثية عظيمة مثل ديوان ابن زيدون ورسالة الغفران للمعري، ليؤكد مكانته كأحد أركان النهضة الأدبية الحديثة.
 
لكن الكيلاني سيُذكر دائمًا باعتباره الأسطورة المؤسسة لأدب الطفل العربي، فقد كان أول من أدرك أن الأسطورة ليست مجرد خيال جامح، بل وسيلة لتربية الوجدان وصناعة القيم.
 
استخدم الكيلاني الأسطورة والحكاية الشعبية لبناء وعي الطفل العربي، مستلهمًا من تراث ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة، لكنه صاغها بروح تربوية معاصرة.
 
كان يرى أن الخرافة إذا ما قُدمت بوعي لغوي وأخلاقي، فإنها قادرة على نقل القيم الكبرى كالصدق، والشجاعة، والحذر من الطمع، والإيمان بالخير.
 
وفي أعماله مثل علاء الدين والمصباح السحري، والسندباد البحري، وعلي بابا والأربعين حرامي، نجد أن الخيال لا ينفصل عن التربية، وأن الأسطورة تتحول إلى درس في الحياة والأخلاق.
 
تميّز الكيلاني بأسلوب بسيط عميق، جمع بين جمال اللغة ودقة الوصف، فجعل الطفل العربي يعيش القصة لا يقرؤها فقط، واهتم بالثراء اللغوي، فكان يقدم المترادفات للكلمة الواحدة لتوسيع حصيلة الطفل اللغوية، كما أولى الجانب النفسي اهتمامًا بالغًا، فوصف المشاعر والانفعالات بدقة ليعوّد الطفل على التعبير عن ذاته، كما اعتمد على الحوار والوصف والتصوير الفني، مما جعل قصصه حيّة نابضة بالحركة والتشويق.
 
أوصت دراسات تربوية حديثة بضرورة إعادة قراءة أدب الكيلاني في ضوء المناهج الحديثة، باعتباره حجر الأساس لتشكيل ثقافة الطفل في العالم العربي، فهو لم يكن يكتب للتسلية فقط، بل كان يرى في الأدب “رسالة إنسانية”، تهدف إلى بناء الضمير الجمعي للأمة عبر تربية الصغار على القيم الرفيعة.
 
رحل كامل الكيلاني عام 1959، لكنه ترك وراءه مكتبة من المؤلفات تتجاوز المئة عمل بين قصص ومسرحيات وترجمات ودراسات نقدية، وكان بحق موسوعة أدبية متنقلة، جمع بين عمق التراث العربي وانفتاح الفكر الحديث، وبين التاريخ والأسطورة، وبين الواقع والخيال.


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة