تحل اليوم 19 أكتوبر ذكرى واحدة من أهم المحطات في التاريخ المصري الحديث، وهي ذكرى توقيع اتفاقية الجلاء عام 1954، التي مثّلت نهاية حقبة طويلة من الاحتلال البريطاني، وبداية عهد جديد من الاستقلال والسيادة الوطنية بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
ففي مثل هذا اليوم قبل 71 عامًا، وُقّعت الاتفاقية التاريخية بين مصر وبريطانيا، لتضع حدًا لوجود عسكري استمر أكثر من سبعين عامًا على أرض الوطن.
بدأ الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882 بعد معركة التل الكبير، واستمر قرابة 74 عامًا، حيث ظلت القوات البريطانية متمركزة في منطقة قناة السويس باعتبارها موقعًا استراتيجيًا بالغ الأهمية.
ومع قيام ثورة يوليو 1952، بدأ قادة الثورة بقيادة جمال عبد الناصر مرحلة جديدة من المفاوضات مع بريطانيا لتحقيق حلم الجلاء الكامل عن الأراضي المصرية.
انطلقت المفاوضات رسميًا في 27 يوليو 1954، واستمرت لعدة أشهر، إلى أن تُوجت بالنجاح بتوقيع اتفاقية الجلاء في 19 أكتوبر 1954 بين الزعيم جمال عبد الناصر وأنتوني ناتنج وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية.
نصت الاتفاقية على جلاء القوات البريطانية عن مصر خلال عشرين شهرًا من تاريخ توقيعها، وعلى إنهاء معاهدة التحالف البريطانية المصرية الموقعة عام 1936.
كما أكدت على أن قناة السويس طريق مائي دولي يجب أن يتمتع بحرية الملاحة طبقًا لاتفاقية القسطنطينية عام 1888.
تم تنفيذ الجلاء على ثلاث مراحل متتابعة، وانتهى بخروج آخر جندي بريطاني من الأراضي المصرية يوم 18 يونيو 1956، وهو اليوم الذي أصبح يُحتفل به سنويًا باسم عيد الجلاء، حين رُفع العلم المصري عاليًا فوق مبنى النيفي هاوس التابع للقوات البريطانية في مدينة بورسعيد، إيذانًا بانتهاء الاحتلال وعودة السيادة المصرية كاملة.
مثلت اتفاقية الجلاء انتصارًا سياسيًا كبيرًا للقيادة المصرية الجديدة، ورسّخت مكانة مصر في العالم العربي كرمز للتحرر الوطني.
كما مهّدت الاتفاقية الطريق لعدد من الأحداث التاريخية المهمة، أبرزها تأميم قناة السويس في يوليو 1956، وما تبعه من العدوان الثلاثي الذي واجهه الجيش والشعب المصري ببسالة، مؤكدين أن الجلاء لم يكن مجرد اتفاق سياسي، بل رمزًا لإرادة الأمة واستقلالها الكامل.