شكل جديد نادر من مرض السكر يصيب الأطفال حديثى الولادة فقط

الأحد، 19 أكتوبر 2025 05:00 م
شكل جديد نادر من مرض السكر يصيب الأطفال حديثى الولادة فقط حديثى الولادة

كتبت فاطمة خليل

في اكتشاف علمي جديد يسلط الضوء على أحد أكثر أشكال مرض السكري ندرة، تمكن العلماء من تحديد جين واحد مسؤول عن نوع خاص من داء السكر، لا يصيب إلا الأطفال حديثي الولادة، هذا الشكل النادر من المرض يظهر في الأسابيع أو الأشهر الأولى من حياة الطفل، ويؤدي إلى اضطراب شديد في إنتاج الأنسولين، وهو الهرمون الذي ينظم مستوى السكر في الدم، بحسب موقع ساينس ألرت.


السبب وراء هذا الشكل الغامض من السكري يكمن في جين يعرف باسم TMEM167A، والذي تبين أن طفراته الجينية تُعطل وظيفة خلايا بيتا الموجودة في البنكرياس، وهي الخلايا المسؤولة عن إنتاج الأنسولين، بل وتؤدي في نهاية المطاف إلى تدميرها بالكامل.


اللافت أن هذا الجين لا يؤثر فقط على البنكرياس، بل يمتد تأثيره إلى الخلايا العصبية أيضًا، ما يجعل المرض ذا أبعاد أكثر تعقيدًا.
قال الدكتورة ميريام كنوب، أخصائية أمراض السكري في جامعة بروكسل الحرة في بلجيكا: "إن القدرة على إنتاج خلايا منتجة للأنسولين من الخلايا الجذعية مكنتنا من دراسة الخلل الوظيفي في خلايا بيتا لدى المرضى المصابين بأنواع نادرة من داء السكري، بالإضافة إلى أنواع أخرى منه يعد هذا نموذجًا استثنائيًا لدراسة آليات المرض واختبار العلاجات المحتملة."


وقد شملت الدراسة فريقًا علميًا دوليًا عمل على رسم خرائط الجينات لستة أطفال شخصوا بداء السكري حديثي الولادة، إلى جانب معاناتهم من صغر الرأس، قبل بلوغهم ستة أشهر فقط. اللافت أن خمسة من هؤلاء الأطفال كانوا مصابين أيضًا بنوبات صرع متكررة.

ويطلق على هذه المجموعة من الأعراض اسم متلازمة صغر الرأس والصرع والسكري (MEDS)، وهي حالة نادرة للغاية، لم يُسجل منها سوى 11 حالة فقط حول العالم حتى الآن.

قبل هذا البحث، كان العلماء قد ربطوا جينين آخرين بهذه المتلازمة، وهما IER3IP1 وYIPF5. ولإصابة الطفل بالمتلازمة، يجب أن يرث نسختين متحوّلتين من الجين المسبب، واحدة من كل والد.

أما الاكتشاف الجديد، فقد أضاف الجين TMEM167A إلى قائمة الجينات المسببة للمرض، ليُصبح بذلك السبب الجيني الثالث المؤكد لمتلازمة MEDS.

وكشفت الدراسة أن هذا الجين يعمل بشكل نشط في البنكرياس والدماغ على حد سواء، سواء لدى الأطفال أو البالغين، ولدى البشر والفئران أيضًا، وهو ما يُفسر تزامن ظهور أعراض عصبية وأخرى تتعلق بالسكري في الوقت نفسه لدى الأطفال المصابين.

ولفهم آلية تأثير هذا الجين بشكل أعمق، قام الباحثون بإزالة الجين TMEM167A من خلايا جذعية بشرية متعددة القدرات، ثم استبدلوه بالمتغير الجيني المأخوذ من أحد المرضى المصابين بالمتلازمة وبعد ذلك شُجعت هذه الخلايا على التطور إلى خلايا بيتا المنتجة للأنسولين.

فعلى الرغم من أن الخلايا الجذعية تطورت إلى خلايا بيتا كما هو متوقع، فإنها لم تؤدِ وظيفتها الحيوية فعند تعريضها للجلوكوز، لم تُفرز الأنسولين كما يجب، ما يشير إلى أن الخلل لا يكمن في تكوين الخلايا ذاتها، بل في آلية عملها الداخلية.

كما لاحظ العلماء أن هذه الخلايا لم تستطع التكيف مع الاضطرابات التي حدثت داخل الشبكة الإندوبلازمية، وهي البنية الخلوية المسؤولة عن نقل وتصنيع البروتينات داخل الخلية هذا الخلل جعل خلايا بيتا تميل إلى تدمير نفسها، مما يوضح سبب فقدان الجسم قدرته على إنتاج الأنسولين.

تقول الدكتورة إليزا دي فرانكو، عالمة الوراثة الجزيئية في جامعة إكستر البريطانية: "إن اكتشاف تغييرات محددة في الحمض النووي تسبب هذا النوع النادر من مرض السكري لدى الأطفال، يمنحنا وسيلة فريدة لاكتشاف الجينات التي تلعب دورًا رئيسيًا في إنتاج وإفراز الأنسولين."

وأضافت: "لقد قادنا اكتشاف هذا المتغير في جين TMEM167A إلى فهم وظيفة جين لم يكن معروفًا دوره بشكل كافٍ من قبل، واتضح الآن أنه أحد المفاتيح الأساسية لعملية إفراز الأنسولين في الجسم."

ويأمل الباحثون أن يفتح هذا الاكتشاف الباب أمام تطوير علاجات وراثية مستقبلاً تستهدف الخلل في الجين مباشرة، بدلًا من الاكتفاء بعلاج الأعراض فقط.
كما يرون أن فهم كيفية تأثر خلايا بيتا بهذا الجين قد يساهم في كشف المزيد عن الأنواع الأخرى من السكري، خاصة السكري من النوع الأول.

ورغم ندرة هذا الشكل من المرض، فإن ما يحمله من أسرار جينية قد يساعد في إنقاذ حياة ملايين الأشخاص حول العالم ممن يعانون من اضطرابات في إنتاج الأنسولين.
فمن رحم الحالات النادرة، يولد أمل جديد لفهم أعمق لأحد أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا في عصرنا الحديث.
 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة