من أول طوبة إلى لحظة الافتتاح.. عيسى زيدان يروي قصة 16 عامًا من العمل داخل المتحف المصري الكبير
افتتاح قاعتي توت عنخ آمون ومتحف مراكب خوفو.. مفاجآت كبرى تنتظر زوار المتحف المصري الكبير
المتحف المصري الكبير.. هدية مصر للعالم من قلب الحضارة إلى المستقبل
من 16% إلى 98% إنجاز.. كواليس التحول التاريخي في مشروع المتحف المصري الكبير
من أمام الدرج العظيم بالمتحف المصري الكبير، وقبل أيام من الافتتاح الرسمي المنتظر في الأول من نوفمبر، أجرينا هذا اللقاء الخاص مع الدكتور عيسى زيدان، مدير عام الترميم ونقل الآثار بالمتحف، وأحد أبرز القامات الأثرية التي عملت على المشروع بجميع مراحله منذ بداية عمله بالمتحف قبل أكثر من 16 عامًا.
في حديثٍ مليء بالفخر والامتنان، يكشف الدكتور زيدان كواليس العمل داخل هذا الصرح العظيم، وأبرز ما ينتظر الزوار من مفاجآت في قاعات العرض، خاصة قاعتي الملك توت عنخ آمون ومتحف مراكب الملك خوفو.
في البداية دكتور عيسى، كيف تصف شعورك مع اقتراب الافتتاح الرسمي بعد كل هذه السنوات من العمل؟
هو شعور لا يمكن وصفه بالكلمات. نحن نعيش لحظة حلم أصبح حقيقة بعد جهد كبير ومتكامل من جميع الزملاء: المرممين، الأثريين، المهندسين، الفنيين، العمال، الأمن، والإداريين، وغيرهم.
كل من شارك في هذا المشروع العظيم بذل مجهودًا استثنائيًا حتى نصل إلى هذه اللحظة. كنا دائمًا نقول "مشروع المتحف المصري الكبير"، واليوم أصبحنا نقول "المتحف المصري الكبير".
الحلم تحقق، وأصبح لدينا صرح يليق بمصر وتاريخها، وهدية نقدمها للعالم أجمع، لأعظم حضارة هي الحضارة المصرية القديمة.
الدكتور عيسى زيدان والزميل محمد أسعد أمام تمثال رمسيس الثاني
اعتدنا في السنوات الماضية على افتتاح أجزاء مختلفة من المتحف على مراحل.. ما الجديد الذي سنشهده بعد الافتتاح الرسمي؟
كما ذكرت، شهدنا افتتاح البهو العظيم والمنطقة التجارية، ثم الدرج العظيم، وبعدها التشغيل التجريبي للقاعات الاثنتي عشرة الرئيسية.
لكن الجديد هذه المرة هو ما يمكن وصفه بـ"ذروة المتحف" أو "الكريزة" كما نقول. فسيتم افتتاح قاعتي الملك توت عنخ آمون، وهما من أروع قاعات العرض المتحفي في العالم.
لأول مرة سيتم جمع وعرض كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون بالكامل في مكان واحد، بعد نقلها من متحف التحرير ومتحف الأقصر والبر الغربي والمتحف الحربي، لتُعرض جميعها في مساحة ضخمة تبلغ 7500 متر مربع، بعد أن كانت تُعرض في المتحف المصري بالتحرير على مساحة 700 متر فقط.
تم تجهيز القاعتين بأحدث تقنيات العرض الحديثة، باستخدام الوسائط المتعددة والجرافيك والشاشات التفاعلية، مع محاكاة رائعة لمقبرة الملك.
إلى جانب قاعات توت عنخ آمون، ما أبرز الإضافات الجديدة التي سيشاهدها الزوار؟
هناك إضافة عظيمة تتمثل في متحف مراكب الملك خوفو، الذي يُعد من أهم المتاحف النوعية في العالم.
سيضم المتحف المركب الأولى التي تم نقلها بنجاح، إلى جانب المركب الثانية التي يجري الآن تجميعها ترميمها وعرضها بالتعاون مع الجانب الياباني.
لأول مرة سيتمكن الزائر من مشاهدة المرممين وهم يقومون بتجميع المركب الثانية خطوة بخطوة داخل قاعة العرض، وهي تجربة فريدة من نوعها، حيث سيترى الزائر عملية ترميم المركب إلى أن تكتمل.
تخيل أن ترى أمامك أحد أقدم وأضخم القطع الأثرية في التاريخ — مركب بطول أكثر من 40 مترًا عمرها آلاف السنين — تُعرض وتُرمم أمامك داخل المتحف المصري الكبير، وهي أقدم وأثر عضوي موجود على الأرض.
الدكتور عيسى زيدان والزميل محمد أسعد
ما وضع القطع الأثرية التي لم تُنقل بعد، وعلى رأسها قناع توت عنخ آمون؟
بالفعل تم نقل وتثبيت جميع القطع الأثرية تقريبًا، ولم يتبق سوى عدد محدود جدًا من القطع الخاصة بتوت عنخ آمون، مثل القناع الذهبي، والتوابيت، وكرسي العرش، والأواني الكانوبية.
هذه المجموعة الصغيرة باقية في متحف التحرير مؤقتًا، حتى يتم تجهيزها للنقل خلال الأيام المقبلة.
كان الهدف أن نتيح لزوار متحف التحرير من مختلف أنحاء العالم فرصة رؤيتها قبل انتقالها، لكنها ستكون بإذن الله ضمن المجموعة الكاملة في قاعات العرض بالمتحف المصري الكبير قبل الافتتاح الرسمي.
بعد كل هذه السنوات من العمل الشاق، ما أكثر لحظة شعرت فيها بالفخر داخل المتحف؟
كل لحظة كنا ننقل فيها قطعة أثرية أو نثبتها في مكانها كانت لحظة فخر وسعادة.
عملنا في المتحف منذ سنوات طويلة، ولكن حتى عام 2016 كانت نسبة الإنجاز لا تتعدى 16%.، عندما تدخّل فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وأسند الملف إلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، تحولت وتيرة العمل بشكل مذهل، فخلال سبع سنوات فقط ارتفعت نسبة الإنجاز إلى نحو 98%.
منذ ذلك الوقت شعرنا أن الحلم بدأ يتحقق، وأننا نقدم للعالم إنجازًا يليق بمصر وحضارتها.
الدكتور عيسى زيدان والزميل محمد أسعد أمام الدرج العظيم
في الختام، ما رسالتك مع اقتراب الافتتاح الرسمي؟
أقول بكل فخر إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى، بل هو مشروع وطني وثقافي وسياحي متكامل، الدولة كلها تتكاتف لإنجاح هذا الصرح، من تطوير الطرق والكباري وحتى إنشاء مطار سفنكس القريب منه.
هذا المتحف سيكون مصدر فخر لكل مصري، ودليلًا على قدرة المصريين على صناعة المعجزات، نتمنى أن يرى العالم كله هذا الإنجاز في أبهى صوره خلال الافتتاح الرسمي .
الدكتور عيسى زيدان والزميل محمد أسعد أمام الدرج العظيم