ننشر قصيدة جديدة للشاعر خالد دومة بعوان "طعنة العار".
طعنة العار
العار يلطخ بالطين وجه الأرض....
ويصبغ بالدم لون السماء ......وصوت النداء
والحريق المتطاير من جحيم القلب
يلتهم الأشياء العميقة
ووجه الحقيقة
ويوصم بالخزي سنوات الكفاح فتبدو سحيقة
...
جرعة من عار تكفي لتلويث نهر كبير
تفسد الهواء فتتنفس بالكاد العطن الصاعد من اللحم المهتريء
.....
العار مطرقة قوية
تطيح بالرؤس بلا هوادة
أحمل فوق رأسي المقطوع عاري
أعزف لحن التهتك على أنغام أوتاري
أنا المصنوع من لحم ممزق
أنا المذبوح... أنا المصلوب... أنا المقهور في زمن الدعارة
غارق أنا في همي وفي ألمي أتحسس النجاة
بلا رأس أطوف.
. أترنح كالمذبوح أمضي بلا يدين
مقطوع الشفاه
أصرخ في صمتي
...احمل بلا ذنب رأسي المقطوع
جسدي المصلوب
أحمل أشجاني
أوتار عودي
شهيق أنفاسي
شحوبي... لون عيوني
جبين الملطخ... أوردتي.... أحشائي... بطني المبقور
أشلائي المبعثرة في كل ركن
دمي المسفوك
أمضي بلا هوية
أهيم بين التلال
فوق الهضاب
أحترق بلا نار
أنا من أكون؟ أنا المسجون خلف قضباني
....
مثقل بالعار
أحني ظهري للرياح
والرياح تسلب الأرواح
وتجتاح لتكنس العفن
ولكن الجذور تمتد راسخة في الأحشاء تنبت القروح
فكرامتي خرقة قديمة .
تفوح منها رائحة العطن
تلعنها الوجوه الصامتة
وتغرس ضحكاتهم في ضلعه خنجر مسموم
فينزف كرامته تحت أقدام الزناة
يطأونها بأحذيتهم ويبتسمون ويبصقون
...
العار مهين حين يسحف بقدميه
تأتي به امرأة مفتوحة القدمين
مستباحة للذئاب والكلاب والعاطلين من الكرامة
تدور بين أفخاذ الرجال
تلعق الأثم والمهانة والسباب
وتحيل أوراق القضية إلى أخ أو زوج أو ابن لا علاقة له بالجريمة
يحملها فوق رأسه تاجا للفضيحة
الكل ينظر وهو لا يراه
تزينه بأعضاء الرجال
إكليلا لتمحو به كل ذرة من كرامة
العار صوت بركان
حمم من جحيم تثور في النفس البريئة
لتحيل أكداسا عتيقة إلى جحيم
...
أنا الذي ما عدت أحلم
فالفرار نصيب أيامي من الوجوه
من العيون من الهواء يمر يحمل في طيته لعنة ووجوم
أفر من طريق إلى طريق
من بلاد إلى بلاد
ويظل يطاردني بعلنته القوية
بوجهه الكالح
حفر العار على الجبين النقية
دروب طويلة ورحلة للشقاء
تفحم الوجه من فرط الخزلان والسقوط
أنا الأن
أحمل فوق ظهري العار أطوف به على السكارى
أقدمه علفا للجائعين وشرابا للآثمين...... أحمل العار الذي لا أراه
وينحي ظهري ويلامس رأسي الطين
أحيا للضياع وأتوه في المنفى البعيد
أرضي التي كانت... التي باتت في حضن عاشقها تُغتصب
أمام عيني
العار حمل ثقيل فوق النفوس وعلى القلوب
طعنة في العقل
نزيف للروح
العار جبل من تراب الكون
شمس تحرق الأشياء ....
خالد دومة، طعنة العار، قصيدة شعر، القصائد، الشعر