بين أحضان الطبيعة الخلابة وسط نهر النيل فى جنوب مصر، يعيش أبناء النوبة على هذا الجمال الربانى للبيئة المحيطة ويتوارثون منذ زمن الموروثات والعادات والتقاليد المختلفة جيلًا بعد جيل بهدف حمايتها من الاندثار لأنها تمثل رمز النوبى القديم فى الحضارة الكبيرة التى يفتخر بها أبناء "كوش".
وفى الوقت الحاضر، هناك بعض التراث المتعلق بالفن النوبى والذى يسعى الآباء والأجداد تعليمة للأبناء وخاصة الأطفال الصغار، من هذه الفنون هو "فن العزف على الطنبور" وهى آلة موسيقية قريبة الشبه بالربابة والسمسمية، إلا أنها تختلف فى بعض الشكل ومكونات التركيب ولها صوتها المميز عن غيرها من الآلات الموسيقية الأخرى.
وفى منطقة تعرف باسم "الكامب" بالجزر النيلية الواقعة بمنطقة الكرور جنوب مدينة أسوان، يجلس رجل عجوز ومن حوله أطفال النوبة يتعلمون العزف على الطنبورة، إنه العم أحمد عبد الماجد، الذى يعلم الصغار إيقاع العزف المختلف بحسب الانتماء الداخلى لأبناء النوبة سواء كان "فاديجكى أو كنزى"، ثم يشرح لهم خطوات تركيب وتصميم الطنبور والأدوات المستخدمة فى صناعتها والتى هى فى الأساس من الطبيعة المحيطة، كما كان يفعل أهل النوبة قديمًا وكان يعتبرونها الفن التراثى الأصيل لهم قبل دخول أدوات الموسيقى الحديثة على الفن النوبى.
تحدث أحمد عبد الماجد لـ"اليوم السابع"، عن تعليم الأطفال العزف على الطنبور، قائلًا: "بدأت رحلتى تلميذ يتعلم العزف على الطنبور وأنا سنى 6 سنوات والآن أصبح عمرى 66 سنة، أعلم الأطفال والكبار وأيضًا السائحين الأجانب فن العزف على هذه الآلة النوبية والتى أصنعها بيدى من الطبيعة".
وتابع العم أحمد النوبى، أنه رغم بساطة المظهر، إلا أن الطنبور تحمل عمقًا ثقافيًا هائلًا، فهى الآلة التى رافقت الأغانى النوبية القديمة والقصائد الدينية، لافتًا إلى أن الطنبور لا يحتاج آلة مساعدة، فهى لديها القدرة على الإيقاع الخاص بها، وصوتها يخاطب الوجدان مباشرة.
وأوضح عازف الطنبور، أنه أطلق مبادرة بالتعاون مع أهل النوبة، لتعليم الأطفال والمهتمين العزف على الطنبور فى أسوان، بهدف إحياء التراث النوبى وحماية هذا الفن من الاندثار، مؤكدًا أنه يريد أن يخرج جيلًا يدرك قيمة التراث النوبى القديم، ويتعلم السلم الموسيقى لتنمية المواهب الصغيرة بالعناصر الأساسية لأهل النوبة.
وعن صناعة الطنبور، أوضح "عبد الماجد"، أنه تعلمه لصناعة الطنبور لم تكن سهلة فى بداية الأمر وأخذ سنوات حتى يتعلمها وكان يشترى خصيصًا لها، جلود الجمال من الجزارين ثم يجهزها للتصنيع، الذى يمر بمراحل "نقع" الجلد فى المياه والملح لمدة ثلاثة أيام ثم يضيف لها الحناء حتى تذهب عنها الرائحة الكريهة وتضيف لها رائحة ذكية ويضاف لهذه المكونات "القرض" الذى يزيد الجلد خشونة، بعدها يتم تجفيفها تحت أشعة الشمس لفترة ثم يكون جاهز لتوصيل الأوتار وآلات الإيقاع الموسيقى.
واختتم حديثه: "رغم أن التكنولوجيا غزت عالم الموسيقى، إلا أن روح الطنبور لا يمكن أن تموت، لأنها تمثل هوية وذاكرة النوبة".

أوتار الآلة

جانب من التعليم

عازف الطنبور مع أطفال النوبة

عم أحمد أثناء العزف

عم أحمد عبدالماجد مع أطفال النوبة

أحمد عبدالماجد عازف طنبور نوبى

أطفال النوبة

الأطفال يتعلمون الطنبور

العزف على الطنبور