هل تنبأ نجيب محفوظ بطعنه قبل محاولة اغتياله بيومين؟

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2025 02:30 م
هل تنبأ نجيب محفوظ بطعنه قبل محاولة اغتياله بيومين؟ نجيب محفوظ

محمد عبد الرحمن

قبل يومين فقط من محاولة اغتياله فى 14 أكتوبر 1994، كتب الأديب العالمى نجيب محفوظ مقالًا فى عموده الأسبوعى بصحيفة الأهرام تحت عنوان "صباح الخير أيها العالم"، وكأنه كان يتحدث للعالم بنظرة حزينة قبل أن تمتد السكين إلى رقبته.

في ذلك المقال، الذي نُشر يوم 12 أكتوبر 1994، رسم محفوظ صورة قاتمة للعالم المليء بالعنف والإرهاب والفساد والبطالة، وقال: "العالم يحفل بما يسيء، ونادرًا ما تعثر فيه على ما يسر"، ومع ذلك، أنهى مقاله بنبرة تفاؤل لافتة: "افتح صحيفتك ولا تيأس من استقبال ما هو أفضل وأجمل".

كلمات عادية في ظاهرها، لكنها اليوم تُقرأ كأنها نبوءة مدهشة أو وداع هادئ قبل لحظة الغدر.

محفوظ ينتقد الإرهاب قبل حادث محاولة اغتياله بومين

وبحسب ما أورده د. رشيد العناني في مقال له تحت عنوان "نجيب محفوظ كتب عن محاولة اغتياله قبل وقوعها"، فإن قراءة مقال 12 أكتوبر أشبه بـ"العد التنازلي لطعنة الرقبة"، فبعد يومين فقط، وأثناء خروجه من منزله بالعجوزة لركوب سيارة صديقه، تلقّى محفوظ الطعنة التي كادت تودي بحياته، على يد شاب متطرف لم يقرأ له سطرًا واحدًا، لكنه أطاع فتوى تكفيرية غاشمة.

ويقول د. العناني إن المفارقة المؤلمة أن محفوظ كان في ذلك المقال يتحدث عن الإرهاب نفسه، وعن قبح العالم الذي يزداد عنفًا، دون أن يدري أنه سيكون هو أحد ضحاياه بعد 48 ساعة فقط.

ويضيف: "يا للمفارقة! لقد كتب محفوظ تحية الصباح للعالم، والعالم ردّ عليه بطعنة في المساء".

المثير أن مقالتين أخريين لمحفوظ نُشرتا بعد الحادث أثناء وجوده في المستشفى، كانتا قد كُتبتا مسبقًا. في الأولى بعنوان "الإرهاب والعدالة الاجتماعية"، وضع محفوظ إطارًا فكريًا لظاهرة التطرف، معتبرًا أنها "مرض اجتماعي لا يُعالج أمنيًا فقط، بل بالفكر والإصلاح والعدالة".

وفي الثانية "توترات مرضية"، تحدث عن ضيق الصدور بالرأي الآخر وهيمنة العنف على النقاش العام، كأنه يصف الجو الذي أفرز محاولة اغتياله.

محاولة قتل نجيب محفوظ لم تكن فقط جريمة ضد أديب، بل ضد العقل ذاته. ومع مرور السنوات، يظل مقاله الأخير شاهدًا على بصيرته، حين كتب عن عالمٍ مريض بالإرهاب، ولم يكن يعلم أن المرض نفسه سيصل إليه بعد يومين فقط.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة