"لعنة الخواجة" لـ وائل السمرى ضمن القائمة الطويلة لجائزة أبى القاسم الشابى.. رواية أزاحت الغبار عن ذاكرة مجهولة.. إبراهيم عبد المجيد: سيرة للزمن.. أشرف العشماوى: مغامرة معرفية.. وأحمد حسن عوض: تعيد تأويل الماضى

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2025 09:00 م
"لعنة الخواجة" لـ وائل السمرى ضمن القائمة الطويلة لجائزة أبى القاسم الشابى.. رواية أزاحت الغبار عن ذاكرة مجهولة.. إبراهيم عبد المجيد: سيرة للزمن.. أشرف العشماوى: مغامرة معرفية.. وأحمد حسن عوض: تعيد تأويل الماضى رواية لعنة الخواجة

محمد عبد الرحمن

فى إنجاز أدبى لافت وصلت رواية "لعنة الخواجة" للكاتب والروائي وائل السمري إلى القائمة الطويلة لجائزة أبي القاسم الشابي للأدب العربي لعام 2025، وهي الرواية التي حققت حراكا نقديا وثقافيا واسعا حول العلاقة بين التاريخ والخيال، وبين الحقيقة والسرد، ونال مؤلفها إشادة كبيرة بعدما قدم رواية قادرة على أن تعيد اكتشاف الذات والتاريخ بروح فنية وجمالية عالية.

الرواية التي وصفها صاحبها بأنها "مستوحاة من أحداث واقعية"، استندت إلى وثائق نادرة عثر عليها السمري بالمصادفة، بعد أن ظلت طيّ النسيان لعشرات السنين، لتكون الشرارة الأولى التي انطلقت منها فكرة العمل، ومن خلال تلك الوثائق النادرة، نسج السمري روايةً تمتدّ على محورين زمنيين متوازيين، حيث تتداخل أحداث الماضي مع الحاضر في حبكة متصاعدة تكشف الكثير من المسكوت عنه في التاريخ، ومن الانكسارات والتناقضات في النفس الإنسانية، ومن الأزمات العميقة في واقع الأبطال المعاصرين.

يتحدث وائل السمري عن عمله قائلاً إن الرواية "وُلدت في الإسكندرية"، لأن بطلها الأساسي هو المهندس المصري اليوناني أدريان دانينوس، صاحب الفكرة الأولى لإنشاء السد العالي، دانينوس الذي وُلد في الإسكندرية لأبٍ كان مشرفًا على أملاك الخديوي إسماعيل، هو الشخصية التي اختارها السمري لتكون محور العمل، معتبرًا أن من الظلم أن يظل اسمه غائبًا عن ذاكرة المصريين رغم إسهاماته الجليلة.

وأوضح السمري أنه عثر على الوثائق التي تكشف الدور الحقيقي لدانينوس في بناء السد، وكيف كرّس الرجل كل ما يملك من أجل تحقيق حلمه، حتى أنفق كل أمواله، وبلغ به الإصرار حدّ بيع ممتلكات بيته ليستكمل مشروعه، وأشار إلى أنه أراد من خلال الرواية تخليد اسم هذا الرجل الذي لم ينل التكريم الذي يستحقه، رغم مرور أكثر من نصف قرن على رحيله.

من جانبه كان كتب الروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد كلمة الغلاف التي وصف فيها تجربة السمري الأولى بأنها "دهشة سردية كاملة"، قائلًا: "التهمتني هذه الرواية في ثلاثة أيام، كيف يصبح هذا الكم من المعرفة والمعلومات والوثائق والتاريخ لبنات بناء فني فائق الروعة؟".

وأضاف: "هي الرواية الأولى لوائل السمري، لكني شعرت أنه كتب قبلها عشر روايات، فموضوعها جديد، استخرجه من وثائق حقيقية، وتتحرك الرواية بين عالمين في بناء فني لا يملّ القارئ من ابتكاراته في السرد أو اللغة أو المشهدية التي تجعلك لا تترك الرواية من يدك رغم كبر حجمها".

وختم عبد المجيد كلمته قائلاً: "هذه ليست رواية فحسب، بل سيرة للزمن، يتشابك فيها التاريخ بالإنسان والوطن، فتتجاوز حدود التصنيف الروائي إلى البناء الملحمي في موضوعها ودرامتها، سواء في شخصية البطل الحقيقي أدريان دانينوس أو الصحفي المتخيل الذي يروي الأحداث".

وأضاف ممازحًا الكاتب: "سألته بعد أن قرأتها، هل أنت الذي كتبتها وحدك، أم أنك مجموعة مجانين يقفون الآن سعداء بعد أن أنجزوها؟".

وخلال لقاء مفتوح حول الرواية، قدم الناقد أحمد حسن عوض رؤيته النقدية للرواية، معتبرًا أنها تكشف ببراعة سردية مدهشة عن التصدعات النفسية العميقة التي يعانيها البطل الموازي ناصر الحسيني، لكنها في الوقت نفسه لا تتوقف عند حدود التحليل النفسي، بل تفتح أمام القارئ مدخلًا مدهشًا لفهم لحظة مأزومة في التاريخ المصري الحديث، من خلال شخصية أدريان دانينوس.

وأضاف عوض أن السمري لا يقدم دانينوس كشخصية تاريخية فحسب، بل يحوله إلى رمز للأمل والمثابرة، في مفارقة سردية ذكية، تجعل منه الناصر الحقيقي لناصر الحسيني، البطل المعاصر في الرواية، في بنية سردية تتشابك فيها مستويات السرد الفني والمعرفي الذاتي والجمعي، لتقدّم تجربة روائية ذات طموح جمالي ومعرفي نادر.

وفي اللقاء ذاته وجّه الكاتب أحمد عزت سؤالًا إلى وائل السمري حول مدى تشابهه مع بطل الرواية "ناصر الحسيني"، فرد السمري بابتسامة قائلاً: "وهل الأبله بطل رواية ديستوفيسكي هو ديستوفيسكي؟ وهل كمال عبد الجواد في الثلاثية هو نجيب محفوظ؟".

وأضاف: "كل رواية تحمل شيئًا من كاتبها، لكن الشخصيات تخضع لقوانين الفن، وقد تقترب أو تبتعد عن الكاتب، لكنها في النهاية لا تغادر مقعد الخيال".

وفي قراءة أخرى، قدّم الروائي المستشار أشرف العشماوي رؤيته للرواية، قائلاً: "لعنة الخواجة لوائل السمري ليست مجرد رواية تاريخية مُسلية، لكنها مغامرة معرفية وروحية تتنقل بالقارئ بين دهاليز التاريخ ومرايا الذات. ينجح السمري في صياغة عمل أدبي ملحمي يختلط فيه الخيال بالوقائع التاريخية وبواقع اجتماعي يستند إلى قدرٍ من التخيل أيضًا، لتبدو فيه الشخصيات كما لو كانت أطيافًا تتقاطع على جدران الزمن. في هذا النص تُستعاد وقائع منسية، ويُعاد تركيب سرديات خفية بين سطور التاريخ الرسمي".

وتابع العشماوي: "لا يقف السرد عند بناء السد العالي بوصفه مشروعًا هندسيًا، بل يغوص في رمزيته القومية كجسرٍ بين إرادة فردٍ وحلم أمة. غير أن السد العالي هنا ليس فقط جغرافيا مائية، بل استعارة لفكرة المقاومة، لفيض الهوية حين تُحاصر، ولحتمية أن يُبنى المستقبل على أساسٍ من تحدي الأسئلة الصعبة لا سهولة الأجوبة الجاهزة. وطوال صفحات الرواية الضخمة يتنقل السرد بخفة شاعر وصرامة باحث وسلاسة روائي، تتداخل فيه العامية مع الفصحى، في حوارٍ يعكس تعدد الأصوات في المجتمع المصرى".



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب