فرسان الهيكل.. هل انتهوا تمامًا فى العصر الحديث؟

الإثنين، 13 أكتوبر 2025 04:00 م
فرسان الهيكل.. هل انتهوا تمامًا فى العصر الحديث؟ فرسان الهيكل

محمد عبد الرحمن

فرسان الهيكل، أو "فرسان المعبد"، جماعة مسيحية تأسست في القدس بين عامي 1118 و1119 بعد الحملة الصليبية الأولى، بهدف حماية الحجاج الأوروبيين المتجهين إلى الأراضي المقدسة. سرعان ما اكتسب الفرسان شهرة واسعة باعتبارهم قوة قتالية من النخبة، تميّزت بالانضباط الصارم والثروة الطائلة.

نشأت الفكرة في زمنٍ كانت فيه الإمبراطورية البيزنطية تفقد أراضيها، فدعا الإمبراطور ألكسيوس الأول البابا أوربان الثاني لشن حملة لاستعادة الأماكن المقدسة. وهكذا انطلقت الحملة الصليبية الأولى عام 1096، التي انتهت بسيطرة الصليبيين على القدس وتأسيس مملكة جديدة فيها. لكن مع عودة أغلب الصليبيين إلى أوروبا، برزت الحاجة إلى قوة دائمة تحمي الأراضي المقدسة، فظهرت جماعة فرسان الهيكل بقيادة النبيل الفرنسي هيو دو باين، واتخذت من الحرم القدسي مقرًا لها.

في البداية، كان نشاطهم دفاعيًا، يحرسون طرق الحج من اللصوص، لكنهم سرعان ما نالوا اعتراف ملك القدس بالدوين الثاني عام 1120، ثم اعتراف الكنيسة عام 1129، ما منحهم نفوذًا وامتيازات واسعة. خضع أعضاؤهم لقواعد صارمة تنظم حتى طعامهم وشعرهم وتعاملهم مع النساء، وكانوا مثالًا للطاعة والنظام العسكري والديني.

بمرور الوقت، تحوّل فرسان الهيكل إلى قوة مالية ضخمة؛ أنشؤوا شبكات إقراض وتأمين للحجاج والتجار، ما جعل ملوك أوروبا مدينين لهم بمبالغ هائلة. هذا الثراء أثار حسد القوى السياسية، وعلى رأسها ملك فرنسا فيليب الرابع، الذي كان غارقًا في الديون لهم. فقرر القضاء عليهم، وبالتعاون مع البابا كليمنت الخامس، شن حملة ضدهم عام 1307، ووجهت إليهم تهم بالهرطقة والفساد،  وتحت التعذيب، أُجبروا على الاعتراف بتهم مختلقة، ليصدر قرار بحل التنظيم عام 1312، ثم أُعدم قادتهم وعلى رأسهم جاك دو مولاي عام 1314، منهية بذلك مرحلة من أكثر الحركات غموضًا وتأثيرًا في التاريخ.

لكن إرث فرسان الهيكل لم ينتهِ تمامًا. فقد عادت ذكراهم لتثير الجدل في العصر الحديث، إذ أعلنت مجموعات تدّعي أنها الوريثة الشرعية للتنظيم، سعيها لاسترداد الاعتبار والحقوق. ففي عام 2008، رفعت مجموعة دعوى ضد الفاتيكان مطالبة بتعويض مالي ضخم واستعادة سمعة الفرسان. وجاءت الدعوى بعد اكتشاف “وثيقة شينون” في أرشيف الفاتيكان، التي أكدت أن البابا كليمنت الخامس لم يعتبرهم مهرطقين، وأن اعترافاتهم انتُزعت تحت التعذيب.

وفي عام 2023، رفعت جمعية إسبانية تُعرف باسم "الفرسان السياديين لمعبد المسيح" دعوى مشابهة أمام المحكمة، طالبةً من البابا فرنسيس إعادة الاعتبار لهم والاعتراف بهم كمنظمة كنسية شرعية. كما طالبت بالحصول على أرشيف الفاتيكان المتعلق بهم، بل والتصريح بتأسيس “فيلق مسلح” للتدخل في النزاعات الدينية.

ورغم الطابع الرمزي لهذه الدعاوى، فإن الفاتيكان يرفضها لعدم وجود أدلة تثبت نسب المدّعين إلى فرسان الهيكل الأصليين. ومع ذلك، فإن حضورهم في المخيلة الغربية لم يتلاشَ؛ إذ ألهمت أسطورتهم الروايات والأفلام ونظريات المؤامرة، ليظل السؤال قائمًا حتى اليوم: هل انتهى فرسان الهيكل فعلاً، أم أن إرثهم لا يزال يتحرك في الظل؟




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة