البيت الأبيض.. حكاية مطبخ صناعة القرارات المصيرية فى العالم

تمر اليوم الذكرى الـ 233 على ضع حجر الأساس لمبنى البيت الأبيض في الولايات المتحدة ليكون مقرًا دائمًا لإقامة الرئيس الأمريكي، يعد البيت الأبيض أحد أبرز رموز الولايات المتحدة الأمريكية، ليس فقط بوصفه مقرًا رسميًا لرئيس البلاد، بل باعتباره شاهدًا حيًا على أكثر من قرنين من التاريخ السياسي والاجتماعي الأمريكي.

ومنذ تأسيسه عام 1792، ظل هذا المبنى الواقع في 1600 شارع بنسلفانيا بالعاصمة واشنطن مركز القرار الأول في البلاد، وواجهة تعكس ملامح كل حقبة رئاسية مرت على الولايات المتحدة.

تعود قصة البيت الأبيض إلى الرئيس جورج واشنطن الذي وقّع في ديسمبر عام 1790 قانونًا من الكونغرس يقضي بإنشاء مقر دائم للحكومة الفيدرالية على نهر بوتوماك. ومع المهندس الفرنسي بيير لانفان، اختار واشنطن موقع المقر الجديد، وأطلق مسابقة لتصميمه فاز بها المعماري الأيرلندي جيمس هوبان عن تصميم يجمع بين البساطة والجمال.

بدأ البناء رسميًا في أكتوبر 1792، إلا أن واشنطن لم يسكنه قط، إذ كان أول ساكن للبيت الأبيض هو الرئيس جون آدامز وزوجته أبيجيل عام 1800، ومنذ ذلك التاريخ تعاقب الرؤساء على الإقامة فيه، مضيفين إليه لمساتهم الخاصة في التصميم والديكور.

وعلى الرغم من فخامته، فإن البيت الأبيض واجه تحديات قاسية؛ فقد أُحرق جزئيًا على يد البريطانيين عام 1814 خلال حرب 1812، كما اندلع حريق آخر في الجناح الغربي عام 1929 أثناء رئاسة هربرت هوفر، قبل أن يُعاد ترميمه بالكامل في عهد هاري ترومان مع الإبقاء على جدرانه الحجرية الأصلية التي بُنيت قبل أكثر من قرنين.

تطور البيت الأبيض عبر العصور ليصبح المقر الرسمي الوحيد لرئيس دولة يُفتح للعامة مجانًا، إذ بدأ تقليد الزيارات العامة منذ عهد توماس جيفرسون الذي فتح أبوابه للزوار بعد تنصيبه عام 1805، واستمر هذا التقليد حتى اليوم، باستثناء فترات الحروب.

أما من الداخل، فيضم المبنى 132 غرفة و35 حمامًا موزعة على ستة طوابق، إضافة إلى 412 بابًا و147 نافذة و28 مدفأة، إلى جانب 8 سلالم و3 مصاعد. ويحتاج طلاء واجهته الخارجية إلى 570 جالونًا من الطلاء الأبيض، وهو اللون الذي أطلق عليه رسميًا اسم "البيت الأبيض" في عهد الرئيس ثيودور روزفلت عام 1901، بعد أن كان يُعرف سابقًا بأسماء مثل “قصر الرئيس” و“المقر التنفيذي”.

ويضم المقر أيضًا مرافق ترفيهية متكاملة، تشمل ملعب تنس ومضمار جري وحمام سباحة وصالة سينما وصالة بولينغ، مما يجعله منزلًا عائليًا بامتياز إلى جانب كونه مقرًا سياسيًا.

وفي التاريخ الرئاسي الأمريكي، يحمل البيت الأبيض سجلاً من “الأوائل”:

جيمس بولك (1845–1849) كان أول رئيس تُلتقط له صورة فوتوغرافية.

ثيودور روزفلت (1901–1909) أول رئيس يستقل سيارة ويسافر خارج البلاد بصفته رئيسًا.

فرانكلين روزفلت (1933–1945) أول رئيس يستقل طائرة أثناء ولايته.

ويعمل في مطبخ البيت الأبيض خمسة طهاة دائمين قادرون على إعداد عشاء رسمي لـ140 ضيفًا أو تقديم مقبلات لأكثر من 1000 شخص، ما يجعله أيضًا مسرحًا لأهم اللقاءات الدبلوماسية والمناسبات الرسمية في تاريخ الولايات المتحدة.