من خيول النبي إلى أكاديمية الشرطة قصة أصالة لا تنتهي.. خيالة الداخلية يعيدون إحياء تراث الفروسية.. سلاح ناعم في يد الأمن.. الفنان صلاح ذو الفقار أشهر ضباط الخيالة.. وهذه قصة "حسان" أشهر الخيول الأصيلة

السبت، 11 أكتوبر 2025 06:00 م
من خيول النبي إلى أكاديمية الشرطة قصة أصالة لا تنتهي.. خيالة الداخلية يعيدون إحياء تراث الفروسية.. سلاح ناعم في يد الأمن.. الفنان صلاح ذو الفقار أشهر ضباط الخيالة.. وهذه قصة "حسان" أشهر الخيول الأصيلة خيالة كلية الشرطة

كتب محمود عبد الراضي

في احتفالية تخريج دفعة جديدة من طلاب كلية الشرطة، خطفت عروض الخيالة أنظار الحضور، حيث أظهرت وزارة الداخلية جانبًا من اهتمامها المتزايد بالفروسية وتقاليدها المتجذرة داخل المؤسسة الأمنية.

هذا الاهتمام ليس جديدًا، بل يعود إلى تاريخ طويل من تأسيس شرطة الخيالة، والتي انطلقت رسمياً عام 1942 ضمن مدرسة البوليس، ومنذ ذلك الحين، أصبحت الخيالة جزءاً لا يتجزأ من الأداء الأمني والاحتفالي في مصر.

كانت فرق الخيالة قديما تؤدي دوريات راكبة تعرف بالركائب، تتكون من ضابط واثنين من الأفراد، يجوبون الشوارع والطرقات الوعرة كل ساعتين للحفاظ على الأمن، في وقت كانت فيه البنية التحتية محدودة وتتطلب وسائل تنقل مرنة كالأحصنة لعبور الحواجز المائية والمناطق الرملية.

كما ارتبطت هذه الفرق بالاحتفالات الملكية ويوم وفاء النيل ومراسم تنصيب الملوك، فكانت العروض تُقدَّم في جميع محافظات الجمهورية من الإسكندرية حتى أسوان.

من رحم هذا الكيان الأمني نشأت أسماء لامعة في التاريخ الشرطي، مثل اللواء سعيد الألفي واللواء كمال الحديدي، كما مر بها فنانون وشخصيات بارزة مثل صلاح ذو الفقار، الذي كان من أهم ضباط الخيالة.

ولا يمكن إغفال دور النقيب مصطفى رفعت، أحد أبطال المقاومة في معركة الإسماعيلية ضد الاحتلال البريطاني يوم 25 يناير، الذي تحول إلى عيد رسمي للشرطة المصرية تخليدًا لتضحيات رجالها.

في الوقت الراهن، تتفرع شرطة الخيالة إلى إدارتين رئيسيتين، الأولى تابعة لأكاديمية الشرطة، وتعرف باسم إدارة الخيالة، وهي تطوير طبيعي للكتيبة الأصلية التي تأسست قبل أكثر من 80 عامًا، تضم هذه الإدارة ثلاث كتائب وناديًا للفروسية، وتركز على تدريب الطلاب على ركوب الخيل بهدف تعزيز الشجاعة والثقة بالنفس واللياقة البدنية، فضلاً عن إدارة المواقف الطارئة، ويتم اختيار الطلاب المميزين للمشاركة في العروض أمام ضيوف الأكاديمية، ضمن فرق الفروسية والترويض والتقاط الأوتاد.

أما الإدارة الثانية فتتبع قطاع التدريب العام، وتشرف على تدريب كافة أفراد ومجندي وزارة الداخلية في وحدات الخيالة بمختلف مديريات الأمن، ومن أبرز تطبيقات عملها الميداني، الدوريات الراكبة التي تنتشر في أماكن سياحية وتاريخية مثل شارع المعز واستاد القاهرة أثناء الفعاليات الكبرى.

رغم تطور الوسائل الأمنية واستخدام العربات المدرعة، لا تزال الخيالة تحظى بأهمية خاصة، خصوصًا في المناطق ذات الطبيعة الجغرافية الصعبة، التي تعجز السيارات عن اختراقها. لذلك تم تجهيز أماكن إعاشة للخيول داخل أكاديمية الشرطة بمستوى عالٍ من الرعاية، تشمل حظائر مجهزة ونظام تغذية دقيق.
وتُشرف إدارة بيطرية متخصصة على تقديم الأدوية والفيتامينات بانتظام، ويتناول الخيل العربي الأصيل نحو 15 كيلو من العليقة يوميًا، بينما يحتاج الخيل البلدي أو الأجنبي إلى 18 كيلو، من دون فروق تُذكر في نوعية الطعام.

التاريخ المصري في تربية الخيول العربية الأصيلة لا يقل ثراءً عن الحاضر، إذ يُعد نجل الخديوي توفيق أحد أبرز من أسسوا مملكة الخيل المصرية الحديثة، وأسهم في إنشاء جمعية الزهراء لتربية الخيول، التي كانت مركزًا لتجميع أفضل السلالات من مختلف البلدان العربية.
وتمتاز الخيول العربية الأصيلة بصفات جمالية وجسدية متميزة، أبرزها الرأس الصغير والجبهة العريضة والعينان الواسعتان المليئتان بالبريق، بالإضافة إلى الذيل المرفوع والجلد الرقيق الذي يُظهر العضلات والعروق بوضوح.

وتعد هذه الخيول نموذجًا مثاليًا لحصان الركوب، وهي منتشرة في مصر والجزيرة العربية وسوريا، وتمتلك وزارة الداخلية عددًا كبيرًا من الخيول الأصيلة، التي تتميز بالرشاقة والقوة والبهاء، وتعد من بين الأغلى والأعرق عالميًا.
وفي هذا السياق، تلعب منظمة "الواهو" ومقرها بريطانيا دورًا رئيسيًا في الحفاظ على نقاء سلالات الخيول، من خلال اختبارات الحمض النووي (DNA) لتوثيق نسبها، بناءً على عينات من شعر الجواد.

محطة الزهراء للخيول العربية، التابعة لوزارة الزراعة، تمثل المرجعية الأولى في مصر في هذا المجال، حيث تشرف على جميع الخيول وتصدر شهادات النسب بالتعاون مع منظمة الواهو، التي تحتفظ بالسجلات العالمية، من خلالها يمكن تحديد نسب الحصان حتى خامس جد، وتوثيق ذلك بختم رسمي يوضع على رقبته.

في مصر تنتشر الخيول العربية الأصيلة في عدة مواقع، أبرزها محطة الزهراء، ومزرعة الخيول الخاصة بكلية الشرطة، التي تُعد الأكبر في الشرق الأوسط من حيث الأقدمية، إلى جانب وجود خيول أوروبية تُستخدم في مسابقات الفروسية ويمتلكها هواة ومؤسسات مثل اتحاد الشرطة الرياضي.

من بين أشهر الخيول التي امتلكتها أكاديمية الشرطة، حصان عربي أصيل يُدعى "حسان"، ولا تزال سلالته قائمة حتى اليوم وتحظى بنفس القدر من الأصالة والنسب.

وتضم الأكاديمية حاليًا عددًا من أغلى الخيول العربية في العالم، تعود أصولها إلى خيول النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ما يمنحها قيمة تاريخية وروحية إلى جانب النسب الراقي.

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب