في الوقت الذي يعد فيه الكشف المبكر عن السرطان مفتاحًا رئيسيًا لإنقاذ الأرواح، لا يزال كثير من الناس يتجاهلون بعض الأعراض التي قد تبدو بسيطة لكنها تخفي وراءها أمراضًا خطيرة، وقد حذر أخصائي الأورام الدكتور ميكائيل أ. سيكيريس، في حوار مع صحيفة واشنطن بوست، من مجموعة من العلامات الصامتة التي قد تشير إلى الإصابة بالسرطان، مشددًا على ضرورة الانتباه لأي تغيرات مستمرة أو غير طبيعية في الجسم وعدم الاستخفاف بها، وفقا لموقع تايمز ناو.
أكد الطبيب أن معظم هذه الأعراض قد تكون ناتجة عن أسباب عادية أو مؤقتة، مثل العدوى أو الإرهاق أو اضطرابات في الجهاز الهضمي، إلا أن استمرارها لفترة طويلة أو تزايد شدتها يستدعي استشارة الطبيب فورًا وإجراء الفحوصات اللازمة، لأن التشخيص المبكر يضاعف فرص الشفاء.
تضخم الغدد الليمفاوية
تُعد الغدد الليمفاوية جزءًا أساسيًا من جهاز المناعة، وتعمل كنظام إنذار مبكر عندما يحارب الجسم العدوى لكن الطبيب يشير إلى أن الغدد الليمفاوية المرتبطة بالسرطان تختلف تمامًا عن تلك الناتجة عن الالتهابات. فهي عادةً غير مؤلمة، وصلبة، وتستمر في النمو دون أن تختفي.
وقد أوضحت دراسة هولندية أن حوالي 1% فقط من حالات تضخم الغدد الليمفاوية يكون مرتبطًا بالسرطان، بينما تكون النسبة الأكبر ناتجة عن التهابات أو أمراض بسيطة ومع ذلك، فإن تورم العقدة الليمفاوية لأكثر من بوصة واحدة أو استمرارها لأكثر من أسبوعين أو زيادتها السريعة في الحجم يستدعي مراجعة الطبيب وإجراء خزعة للتأكد من السبب.
تغيرات في عادات الأمعاء
يُعتبر الجهاز الهضمي من أكثر أجهزة الجسم حساسية تجاه التغيرات الصحية وأي اضطراب في نشاط الأمعاء قد يكون مؤشرًا لمشكلة أعمق فقد أظهرت دراسة حديثة على مرضى سرطان القولون والمستقيم دون سن الخمسين أن أكثر من نصفهم لاحظوا تغيرات واضحة في عادات الأمعاء قبل التشخيص، تمثلت في الإسهال أو الإمساك المتكرر أو الشعور بعدم إفراغ الأمعاء بشكل كامل.
كما أبلغ أكثر من نصفهم عن نزيف شرجي، واشتكى ما يقرب من نصفهم من آلام مزمنة في البطن.
وأكدت الدراسة أن ظهور عرضين أو أكثر من هذه الأعراض لمدة تزيد على شهرين يستدعي إجراء فحوصات متخصصة للكشف عن الأسباب المحتملة.
فقدان الوزن غير المبرر
يبدو فقدان الوزن دون اتباع حمية غذائية أو جهد بدني مكثف أمرًا إيجابيًا للوهلة الأولى، لكنه في الحقيقة قد يكون علامة خطيرة فبحسب دراسة تابعت بيانات أكثر من 150 ألف أخصائي رعاية صحية على مدى ثلاثين عامًا، تبيّن أن الأشخاص الذين فقدوا 10% أو أكثر من وزن أجسامهم دون سبب واضح ارتفعت لديهم احتمالية الإصابة بالسرطان بنسبة 37% خلال العام التالي.
ويشير الأطباء إلى أن فقدان الوزن المفاجئ قد يكون مرتبطًا بسرطانات المعدة أو البنكرياس أو الرئة أو القولون، مؤكدين أن أي انخفاض كبير وغير مبرر في الوزن يستوجب فحصًا طبيًا شاملاً لمعرفة السبب الحقيقي.
السعال المزمن والمستمر
السعال الذي يستمر لأكثر من ثمانية أسابيع يعتبر من العلامات التي تستحق الانتباه، خاصة إذا لم يكن مرتبطًا بنزلات البرد أو الحساسية الموسمية.
ويوضح الطبيب أن السعال المزمن قد يكون من أبرز الأعراض المبكرة لسرطان الرئة.
ففي دراسة شملت نحو 10 آلاف مريض بسرطان الرئة، تبين أن السعال المستمر كان العرض الأول والأكثر شيوعًا الذي أدى إلى التشخيص، حيث وجد لدى ما يقرب من ثلث المرضى. ويضيف الدكتور سيكيريس أن استمرار السعال حتى بعد التعافي من نزلة البرد أو بعد استخدام العلاج لفترة طويلة يجب أن ينبه المريض لمراجعة الطبيب، خاصة إذا ترافق مع ألم في الصدر أو خروج دم مع البلغم أو ضيق في التنفس.
أهمية الفحص المبكر
يشدد الأطباء على أن السرطان لا يبدأ فجأة، بل يرسل إشارات مبكرة عبر الجسم يمكن ملاحظتها بسهولة إذا كان الإنسان منتبهًا لتغيراته الجسدية. ولهذا، فإن الفحوصات الدورية ومراجعة الطبيب عند ظهور أي عرض غريب هما الوسيلة الأنجح لاكتشاف المرض في مراحله الأولى، حيث تكون فرص الشفاء مرتفعة جدًا.
تجاهل الأعراض أو الاعتماد على العلاج الذاتي خطأ شائع وخطير، لذا فإن الوعي والاهتمام بصحة الجسم هما السلاح الأول لمواجهة السرطان وإنقاذ الأرواح قبل فوات الأوان.