منى فهمى

هل تَملُك الشجاعة للتصالح مع مشاكلكَ بالماضى؟!

الأربعاء، 01 أكتوبر 2025 12:00 ص


لو اعترفَتْ لكَ حبيبتكَ أنها تَخون ولا تصلُح للارتباط لأنها خائنة بطبعها، هل ستُخاطِر وترتبط بها؟!.. سؤال آخر.. لو اعترف لكِ حبيبكِ أنه تَرَكَ خطيبته السابقة لسبب تافِه، لأنه استيقظ يومًا ما وأدرَكَ أنه أصبح لا يحبها ويريد الانفصال بهدوء.. هل ستوافقى على الارتباط بهذا الشخص؟!..

هذه الأسئلة يطرحها الفيلم الأمريكى A Big Bold Beautiful Journey «رحلة كبيرة جريئة جميلة»، الذى تم طرحه فى السينمات خلال سبتمبر الماضى، وهو فيلم رومانسى خيالي، عن ثنائى من الغرباء، يلتقيان صُدفة، ويخوضان سويًا رحلة خيالية لا يمكن تصوُّرَها، تربطهما الرحلة معًا، يعودان إلى الماضى، للتعلم منه، والتصالح مع الماضى، للوصول إلى واقع ومُستقبَل أفضل..

الفيلم يبدأ عندما ذَهَبَ ديڤيد - رجُل عازب تخطى الأربعين - لمكتب تأجير سيارات، لاستئجار سيارة لحضور حفل زفاف، وينصحه رجل وسيدة فى المكتب أن من خلال التمثيل قد تَصِل إلى الحقيقة، المقصود أن الرحلة الخيالية التى سيعيشها بسبب السيارة المُستأجَرة ستأخذه للواقع الذى يتمناه، سيحقق حلمه، وهو أن يجد شريكة لحياته، لتكوين الأسرة التى كان يحلم بها منذ أن كان طفلًا صغيرًا.

بعد استئجار السيارة، سيكتشف ديڤيد وجود "چى بي إس" ناطق، يُوَجِّهَهُ، ينصحه خذ هذا الطريق، إفعل كذا، نفِّذ كذا، ثم يلتقى سارة - فتاة جميلة جذابة تحب الفن والجمال والاستمتاع بالأعمال الفنية فى المعارض والمتاحف - يلتقيان خلال حفل زفاف، بعد انتهاء حفل الزفاف وخلال طريق العودة، سيَجِد ديڤيد وسارة "باب" فى غابة، من خلاله سيعودان إلى الماضى، سيعودان إلى لحظات شكَّلَتْ شخصياتهما، سيعودان للماضي للتصالح مع مشاكلهما فى فترات سابقة.. خلال الفيلم يؤدى كل باب إلى ذِكْرى، للتعلم من الماضى، وإنقاذ مستقبلهما..

سَيَجِد ديڤيد نفسه فى مدرسته الثانوي، وسيلتقي الفتاة التى كان يحبها لكنها رَفَضَتْهُ، هنا تتدخل سارة ليتجاوز ديڤيد مشاعر الحُزن بسبب الفراق، ويتصالح مع الماضي..

خلال الفيلم، تلتقى سارة والدتها التى توفِّيَت، تقول لها إشتقتُ إليكِ يا أمى، وتؤكد حبها لها، وأنها لم تقصِد يومًا أى تقصير، ولم تقصِد أن تتركها وحيدة.. تقول الأم لإبنتها عليكِ أن تختاري السعادة.. أنتِ قادرة على أن تكونى سعيدة.. وستنصحها والدتها أن ترضى بالمتاح لتشعر بالسعادة.. تؤكد لها أن بالقناعة والرضا ستكون حياتها أجمل.. ولن تسقُط فى حفرة الخيانة، طالما أنها قنوعة راضية بالمتاح..

ويلتقى ديڤيد والِدَهُ، بعد ولادة ديڤيد مباشرة، يجِد والِدَهُ منهارًا باكيًا، يسألهُ لماذا كل هذا البكاء؟!، يرُد عليه أن إبنهُ وُلِدَ بمشاكل فى القلب، وأكد الأطباء أنه لن يعيش فترة طويلة، فيؤكد له ديڤيد أن إبنهُ سيعيش عمرًا طويلًا بصحة جيدة، وهنا يُدرِك ديڤيد أن والده يحبه جدًا..

ثم يلتقى ديڤيد حبيبته السابقة، وتلتقى سارة حبيبها السابق، يُدرِك ديڤيد وسارة عيوبهما، أنه فى العلاقات السابقة يوجد تخلى بسهولة عن الشريك، نكتشف أن سارة شخصية سامة، تعترف أنها لن تستطيع الزواج لأنها تخون، تعترف لـ"ديڤيد" أنها خائنة، وفى البداية تتهرب من الارتباط بـ"ديڤيد"، وتؤكد أن الأمر لا يستحق المخاطرة، تؤكد سارة لـ"ديڤيد" أن قَدَرَها أن تكون وحيدة.. وتقول له مهما حدث سينتهى الأمر بأن أؤذيك، يتساءل ديڤيد: لِمَ أنتِ مقتنعة بأننا سنؤذى بعضنا؟! من الممكن أن نحاول لإنجاح هذه العلاقة..

ديڤيد يعترف أنه تَخَلّى عن حبيبته السابقة بسهولة، لأنه شَعَرَ فجأة أنه أصبح لا يحبها، وأصبح غير متحمس للاستمرار فى هذه العلاقة، لكن ديڤيد وسارة يقرران المخاطرة، واتخاذ قرار الارتباط..

الفنان المحترف "كولين فاريل" المرشح لجائزة الأوسكار، قدّمَ شخصية "ديڤيد" الرجُل الهادئ الصبور اللطيف ببراعة وإتقان، رجُل مُتقبِّل عيوب حبيبته بشجاعة، ظَلَّ يقنعها فى العديد من المشاهد، كرّر كثيرًا جملة "هيا بنا نحاول.. الأمر يستحق المخاطرة"..

الفنانة الجميلة "مارجو روبى" المرشحة لجائزة الأوسكار، قدّمَت شخصية صعبة بإحترافية، وهى "سارة"، إمرأة تعترف بعيوبها بشجاعة بدون أى تزييف أو كَذِب، تعترف أنها شخصية سامة خائنة مؤذية، لم تَخَفْ أن يتركها ديڤيد، لذلك تمسَّكَ بها ديڤيد على أمل ألا تعود للخيانة مرة أخرى، لإكتفائها به..

الفيلم مُختلِف.. فريد من نوعه.. تجربة حياتية مهمة.. فيلم رومانسي.. مليء بالأمل.. يستطيع العديد من الأشخاص رؤية أنفسهم خلال هذه الشخصيات.. الفيلم يدفَعَكَ للشعور بمشاعر مختلفة، مثل الصدمة، والحُزن، والرغبة فى البكاء، والسعادة، جميعها فى فيلم واحد!!.. من خلال الرحلة الخيالية اكتشفَ ديڤيد وسارة أنفسهم، ووصلوا إلى الحقيقة، التى لم يستطيعا رؤيتها والوصول إليها فى السابق بمفردهما..

رسالة الفيلم أن الحياة مليئة بالمخاطرة والمفآجات، فلا يُمكِن اتخاذ قرارات متشددة، والتمسك بها، وأن يُمرِّن الإنسان نفسه أن يكون مَرِنًا وشُجاعًا للفوز بالسعادة والوَنَس، والاستقرار مع شريك الحياة الطيب المسالم..

يطلُب الفيلم من المُشاهِد أن يعيش الماضى من جديد، لتغيير مستقبَلَك، يؤكد الفيلم أنه شعور جميل أن تشارِك الماضى مع أحد مرة أخرى.. قد تكون هذه البداية.. مهما كانت حياتك، فأنت بحاجة لمن يشاركها معكَ.. غَيِّر مُستقبلكَ بالشجاعة والأمل والتفاؤل والتصالح مع الماضي..

فى نهاية الفيلم، ستجِد أمامك سؤالًا واضحًا، وهو: هل تملُك الشجاعة للتصالح مع مشاكلكَ بالماضى؟!.. يجب أن تكون الإجابة (نَعَم)، وأن تدَع كل مُر يَمُر، لِتَنْعَم بحياة أفضل مليئة بالسلام والمحبة..




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة

اللهُم ارزقنا صبر الغَزّاوِية

الجمعة، 12 سبتمبر 2025 01:03 ص

عيد ميلاد نيلسون مانديلا الـ107

الجمعة، 18 يوليو 2025 12:00 ص

رسالة أم لابنها فى الحرب

الأربعاء، 25 يونيو 2025 12:00 ص

الحب والرحمة فى حياة المريض النفسى

الأربعاء، 19 فبراير 2025 05:00 ص

الإعدام مصير داعِم العُشاق!!

الجمعة، 31 يناير 2025 12:00 ص