داست الوقائع الثقيلة على وجه غزة. شوهت ملامحها وطحنت عظامها، وتركتها على قارعة المجهول، لا ترجو شيئا سوى الإنقاذ مهما كانت التكلفة. نسى الناس فيها كيف تكون الحياة، ولا يعرفون للأمل طريقا أو وصفة مضمونة للأسف.
وهُم الآن مُخيّرون بين يأسهم المقيم، وأحلامهم العابرة فى وجبة ساخنة ونومة مطمئنة. وما عادت المفاضلة بين الجيد والردىء؛ بل بين السيئ والأسوأ.
هُزِمَت حماس بطوفانها، ولا يُفيد الإنكار. وتعاظمت الهزيمة مع المكابرة ورفض الاعتراف. وضعت نفسها فوق القضية؛ فزادتها ترديا عما كانت فى السابق، وليس فى مقدورها اليوم إلا أن تتمسك بالشعارات فوق أطلالٍ دارسة، أو تعفى بيئتها من أعباء الحساب عن خطايا الحركة والذين من خلفها.
قد تبدو الصورة كئيبة للغاية، وهى ظالمة من دون شك؛ لكنه العالم وقوانينه المعروفة سلفا، والتى قد تغفر للشخص كل شىء تقريبا؛ إلا أن يكون غبيا أو مفتونا بالذات والماضى، ومقيما فى فقاعة مُعقَّمة بالأيديولوجيا والأوهام.
حتى أسابيع خلَت كان المُتاح أفضل، نظريًّا على الأقل. انطوت ورقة ويتكوف على شروط قاسية؛ لكنها أبقت الأمور فى نطاق التفاوض الثنائى، مع إمكانية استدعاء السلطة الوطنية تحت ستار إدارة انتقالية، تكنوقراطية وغير فصائلية. والمُقابل: الرهائن وانحلال سلطة حماس.
اليوم تتوسّع الورشة لتضُمّ لاعبين إقليميين ودوليِّين. الخسائر ازدادت خلال الشهور الماضية، وازداد العدوّ زهوًا وتجبُّرًا، وموجة الاعترافات المتوالية بالدولة الفلسطينية، جاءت مشمولة بالنصّ على نزع السلاح وإنهاء حُكم الحركة الأصولية للقطاع، وفوق كل هذا صار المطروح أقرب إلى صيغة الوصاية الخارجية الكاملة.
يقف نتنياهو على جبلٍ من الجماجم والعظام، يحرث تربة القطاع بالجرافات، ويصهرها بالبارود والنار. أما العودة إلى ما قبل «طوفان السنوار» فصارت حلمًا مستحيلاً، والإبقاء على الوضع الحالى يزيد الضعيف ضعفًا، ويُعظّم شراسة القوّى وأطماعه التى لا تُحَدّ. والبحث إنما ينحصرُ فى فسحة للتنفس، وليس عن مُتّسع لاستدراك ما طمرته الأيام، وصار مستحيلاً أن يعود.
لا ظلّ للحماسيين اليوم؛ إلا ما ينطبع على وجوه الغزيين جميعًا. بثِقَل الشمولية المُستبدة بمصيرهم، أو خِفّة التصدّى للمسائل الوجودية بنوازع شخصية خالصة، وإمضاء ما تبقّى من فواعل القوّة ضد المنكوبين، كحال المُطاردات وعمليات التهديد والإعدامات الميدانية، بداعى الخيانة حينًا، وسرقة المساعدات حينًا، وإملاء الإرادة المتغطرسة فى كل الأحيان.
البشر والحجر فى غزّة يكرهون الاحتلال، ولا يمقتون أحدًا أكثر من الصهاينة، ونتنياهو على وجه التحديد. إنهم رُسل الخراب وصُنّاع مآسيهم، أمس واليوم وإلى أن تتبدّل الأحوال وتنتظم على معيار العدالة والقانون.
إنما لا دليل على أنهم يُوفّرون حماس من الانتقادات، أو يُبعدونهم عن مرمى الاتهام بالمسؤولية عمَّا آلت إليه الأحوال. ولو خُيِّروا بين موت تحت راية خضراء أم فى ظل نجمة داود؛ سيختارون الحياة قطعًا؛ لأنه لا عِزّة ولا وطن أصلاً مع الإفناء المجانىّ.
فشلت الحركةُ سِلمًا وحربًا. ما حقّقت وعود الرخاء ودولة الرفاه الراشدة طوال عقدين من الحُكم، ولا حرّرت بقيّة الأرض من النهر للبحر، أو أبقت المُحرَّر منها على حاله. استجلبت العدوّ فى أشد حالاته سطوة، وأشد حالاتها ضعفًا، وأفقدت خزّانها البشرىّ إيمانه بالشراكة على مُرتكزات وطنية وأخلاقية، يكون فيها الربح للجميع، ولا تُحال الخسائر لطرفٍ دون الآخرين.
المُشكلة ليست فى سلوك الصهاينة المُعتاد، ولا أن العالم يتعثّر فى غيبوبته الطويلة، والغرب بين الانحياز والحياد المُرّ. كلُّها من بديهيات السياسة، ويعرفها الصغير فى فلسطين قبل الكبير. الأزمة أن تيّارًا ينتدب نفسه من دون الناس؛ ثم يصير قيِّمًا عليهم، ثم يفرض أن يُلاقوه على خياراته دون استشارة أو اختيار. وعندما تتعقّد الخيوط لا يُشركهم فى الحل، ولا يعتنى بسماعهم، كما لا يفترض أصلاً أنه ربما يكون على خطأ.
اختبرت إسرائيل جدار ردعها مع سقوطه عند الغلاف. وبالمثل؛ استوثقت كتائب القسام من صفرية حربها بعد الرصاصة الافتتاحية. وفيما عملت الأولى على الترميم وإعادة البناء بالإرعاب والبطش وكىّ الوعى، ما أبدت الثانية رغبة فى الانسحاب التكتيكى، ولا استشعرت أنها تخوض مُنازلة خاسرة، وراهنت على أن تُحصّل عائد الدم فى السياسة؛ ولو أودت المُقامرة بالقطاع ومستقبله إلى الهلاك.
مُقاربات الهُدنة طيلة الشهور الماضية لم تكن تطوّعًا عن غير حاجة؛ بل نشأت من سياق إبادىٍّ تتحدّد أولوياته وجوبيًّا بالناس والقضية وصالحهما العام. وبقدر مسؤولية نتنياهو عن إفساد عِدّة جولات؛ فقد تنطّح مفاوضو الفنادق وأفسدوا غيرها، ورأوا أن التداعى أمام الغُزاة، أهون عليهم من التسليم للسلطة ورؤية للاعتدال، ولشعبهم فى المقام الأعلى وقبل كل شىء.
وبالمنطق نفسه؛ فإن الولايات المتحدة على دعمها الفجّ للدولة العبرية، ما تقدّمت إلى تصوّرها الأخير للحل إلا عن انغلاق يُحرَس بالبنادق والشعارات الصاخبة. ويطمئن إلى تُرّهات المُمانعة؛ بأكثر مِمَّا يتحسّب من احتيال الصهاينة، أو يرعى ثوابت فلسطين وأصولها الراسخة. وأهمها البشر؛ لأن بهم عادت القضية بعد موات، وبغيرهم لا دولة من الأساس ولو تجمّعت نثائر الجغرافيا فى جسد واحد.
أعلن ترامب مؤخرًا عن خُطّته لوقف الحرب. كانت المسوّدة قد ترددت بعد لقائه قادة ومُمثّلى ثمانى دول عربية وإسلامية، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. أما النسخة النهائية فطُرِحَت بالتزامن مع استقباله رئيس الحكومة الإسرائيلية فى البيت الأبيض، وبدا بطبيعة الحال أن واشنطن تتكلّم بلسان تل أبيب، ولم يكُن مُتوقّعًا ولا مُنتظرًا منها خلاف هذا بالمناسبة.
الاختلاف بين النسختين ضئيل للغاية. بدأت بـ21 بندًا؛ ثم تقلّصت إلى 20 فقط، وباستثناء إطالة مُهلة إطلاق الرهائن ليوم إضافى، وتعديل تسمية السلطة الانتقالية الدولية لغزة إلى «مجلس السلام»، مع النص على قيادة ترامب لها بمُعاونة تونى بلير، فربما لا يُمكن الوقوع على فروق جوهرية بين الأولى والثانية.
ولا إنكار لأنها ليست مثالية، بل أقرب إلى الرداءة إن شئت وصفها بذلك. لكن الطرح لا ينطلق من أرضية مُستقرّة، ولا تحت الأوضاع الطبيعية. يُسأل الحماسيون والمُمانعة فى الوصول إلى تلك النقطة، وفى تعريض المسألة الفلسطينية لامتحان لا تقدر عليه، وخارج أى ظرف مُناسب، وبما يمدّ الذرائع للعدو الُتربص أن يفعل بهم الأفاعيل.
تقف الخطّة على الخطّ المُستقيم بين فوز نتنياهو بكل شىء، وخسارة غزّة لكل شىء. تتزحزح قليلاً جهة الخيار الأول على حساب الثانى؛ لكنها على الأقل تُحافظ على تصوُّر واضح لفلسطينية القطاع، وأنه لا تهجير أو احتلال، وسيكون إنهاء الحرب بداية لمسارٍ سياسى يُحتَمَل أن يُفضى لدولة مُستقلة. صحيح أنه احتمال غير مضمون؛ لكنه غير مطروح من الأساس فى الحال الراهنة.
يمكن الوقوف على سلبيات عِدّة؛ أهمها أنه لا ذِكر لحل الدولتين كمبدأ راسخ وقائم بذاته. المدى الزمنى سائل تمامًا، ومُعلّق على عناوين عمومية عريضة وفضفاضة. ومُهلة التنفيذ نفسها مفتوحة؛ لحين استقرار الأوضاع وإصلاح السلطة، من دون تحديد آجال مُلزمة.
وبقدر ما تبدو مُنقطعة عن مشروع «الريفييرا الشرقية» الذى عرضه ترامب فى وقت سابق؛ فإنها تحمل ظلالاً باهتة منه. فيما يخص آلية التطوير والإحياء العمرانى عبر لجنة دولية يُشكّلها الرئيس الأمريكى ويرعاها، أو الحديث عن منطقة اقتصادية خاصة بتعريفات تفضيلية.
وجوهر الفكرة باختصار؛ أن تُنتَشَل غزّة من ميدان الحرب؛ لتُوضع على سكّة السلام الاقتصادى. وربما الرهان أنه بعدما تتعافى وتختبر نموذجًا اقتصاديا ومعيشيًّا أكثر تطوّرًا وإغراء، بالتزامن مع تعقّد أوضاع الضفة الغربية وإضعاف هياكل حُكمها ومعيشة الناس فيها، قد ينفصل الغزّيون أنفسهم عن الفكرة ارتضاء بالجزيرة المُنعّمة.
ولا يخلو الطرح من رومانسية تُقارب السذاجة، لا سيما ما يتّصل بالحوار بين الأديان وصولاً إلى التعايش وتغيير السرديات؛ لأنه أقرب إلى مُحاولة تقليب القلوب من كراهية المُحتل إلى محبّته، دون القضاء على بواعث الكُره، أو الاهتمام باستيفاء أسباب المحبّة. كما أن الكلام عن المُساكنة الهادئة دون دولة وحلٍّ نهائى، كما لو أنه يضع العربة أمام الحصان، ويُحاول المُزاوجة بين الثلج والنار، وافتراض أنهما يُمكن أن يتقاربا دون أن يفقد كل منهما خصائصه الأصلية.
كانت المُهلة 48 ساعة؛ فأصبحت 72. والعِلّة ربّما فى إفساح مجال للوسطاء أن يتدارسوا الأمر مع الفصائل، ويتوصّلوا إلى قرار بشأن العرض. إذ تنص الخطة على إطلاق الرهائن فى غضون الأيام الثلاثة بعد إعلان إسرائيل عن قبولها علنًا، وهو ما حدث فى لقاء ترامب ونتنياهو فعلاً.
والأخير خرج من الاجتماع ليقول عبر تليجرام إنه لم ولن يوافق على دولة فلسطينية، والخطّة تُلبّى أهدافه الخمسة السابقة، مع بقاء سيطرته الأمنية على القطاع. وهو غالبًا يُخاطب بيئته، وخصوصا حُلفاءه من الأحزاب التوراتية المتطرفة؛ لأن البنود تتحدث عن انسحاب مُتدرّج فعلاً؛ لكنه كامل، ولن تتخطّى قوات الاحتلال وضعية المُراقبة المُحيطية، أى من خارج حدود غزّة، وكما كان الوضع قبل الطوفان.
الولايات المُتّحدة ستكون ضامنًا للشِقّ الإسرائيلى من الطوفان، وقد نصّت على أن يكون الشركاء الإقليميين ضامنين للتفاصيل الخاصة بحماس وبقيّة الفصائل. بمعنى أن تلتزم بإلقاء السلاح وعدم المشاركة فى الإدارة التنفيذية. وهو ما ينتهى عنده دورها تمامًا، بالضبط كما انتهى بعد رصاصتها الأولى على الغُلاف.
باختصار؛ لا يخص الحركة من الطرح الأمريكى إلا صفقة التبادُل، ومن بعدها لن تعود طرفًا فى بقيّة مُجريات التفاوض، ولا فى التفاصيل العملية لليوم التالى. حتى أن احتمال انقلابها على التفاهمات موضوع فى الاعتبار ومنصوص عليه؛ بأن يستمر إنفاذ البنود المُتّفق عليها فى بقية المناطق الواقعة تحت سلطة الاحتلال، وتُنقَل للسلطة الانتقالية وجهازها الأمنى.
ما يعنى عِزل فلول الفصائل لحين اختناقها أو تبدّل مواقفها، وهو ما يُهدِّد ضمنيًّا بجعل الحماسيين سببًا فى تقسيم القطاع، بعدما كانوا الفاعل المباشر فى الانقسام الوطنى بين غزة والضفة.
أُحيل الأمر إلى عُهدة الوفد المفاوض، وقالت مصر وقطر إنهما سلّمتا الخطة لفريق الحركة، والأخيرة أكّدت أنها ستدرسها بموضوعية وتجرّد. لكنها عبرت عن موقف أوّلى على لسان أحد قادتها، طاهر النونو، قال فيه إن سلاحها مُلازم للاحتلال، وإنهم لم يكونوا طرفًا فى الاتفاق على البنود.
وبعده، أصدرت حركة الجهاد بيانًا يرفض ورقة ترامب، ويعتبرها مشروعًا إسرائيليا بالكامل، ووصفة لتفجير المنطقة. وبديهىّ أن زياد النخّالة أقرب حلفاء حماس، ولا ينطق عن هواه الخاص غالبًا.
الردود المُبكّرة جاءت سلبية وناقدة، وستتصاعد على الأرجح فى الساعات المُقبلة؛ لكن المُهلة الزمنية يُفترض أن تنتهى غدًا؛ وبعدها يُمكن أن يصطبر نتنياهو لو أراد، أو أن يعتبر الصمت رفضًا من جانب حماس، ويستكمل المهمّة بالقوّة العارية كما قال فى مؤتمر البيت الأبيض.
ربما ترفض الحركة لأجل المُناورة وتحسين الشروط؛ لكنها لا تملك وفرة من الخيارات، ولا هامشًا للالتفاف وتمرير الوقت. لا شىء تُراهن عليه مُستقبلاً، وقد استنفد العالم كل أدواته، وأبدت الولايات المتحدة موقفها النهائى، وصار الموقف من حماس أقرب إلى الإجماع؛ حتى داخل القطاع وبين ساكنيه.
الحرب تمضى فى اتجاه واحد، والهبّة الدولية توقّفت عند الاعتراف مشمولاً بإطاحة الفصائل وسلاحها، والمُمانَعة تجثو على ركبتيها أو تزحف على بطنها فى لبنان واليمن وإيران نفسها. وما يُرفَض اليوم سيُقبَل به غدًا، أو بأسوأ منه، وهكذا جرت العادة للأسف.
ليقُل القائل إنها خطة سيئة ومُنحازة وتُلامس حدود الإذعان؛ ولكن ما البديل؟ لا تصوّر لدى الفصائل منذ شهور، وقد اشتركوا بإرادتهم فى إضعاف السلطة الوطنية وتجنيبها، واستمرار الأوضاع على حالها يخصم من صورة إسرائيل طبعًا؛ لكنه لا يُضيف إلى فلسطين وقضيتها، بل على العكس يأكل مزيدًا من الأرواح وفرص تطبيع الحياة، ويُدفّع الخرائط والتوازنات إلى مجال أسوأ كثيرًا.
لا سبيل لاستطلاع آراء الغزّيين حاليا؛ لكن أجواء حضورهم على منصّات التواصل تقطع بأنهم يوافقون على أية خطّة تُبقيهم على قيد الحياة والأمل. حماس لم تكن معنيّة بهم طوال الشهور الماضية، ولن ترى تلك الآراء خارج نطاق العمالة والتآمر على المقاومة، ما يقطع بأنها لم تعزل غزّة عن مجالها الحيوى فحسب؛ بل انعزلت هى نفسها فى داخلها، حتى ما عادت تُقيّم الأمور إلى من منظورها الخاص، وعلى معيار الأيديولوجيا والحسابات التنظيمية حصرًا.
يكفى من الخطّة حاليًا أن تُوقف المقتلة، وتُبقى الناس على أرضهم. بقيّة التفاصيل ستظهر تباعًا، وتتكشّف ملامحها بالممارسة العملية. أوسلو كانت مثالية وأفضت إلى أوضاع سيئة، والانتفاضة الأولى كانت دامية لكنها قادت إلى تجسّد السلطة الوطنية على أرضها للمرة الأولى منذ النكبة.
نوايا إسرائيل معروفة سلفًا، أما حدود الاشتباك الأمريكى معها فتحتاج للاختبار، مع مواكبتها بإجراءات فلسطينية وعربية تحرس البنود، وتسعى إلى تطويرها أو ضمان ألا تنقلب فى التطبيق إلى تدابير أقل من المُتّفق عليه.
لولا الضمير لانفضت بقيّة الحاضنة العربية عن الفصائل، ولا حاجة للتدليل على أن دولاً عِدّة فى المنطقة تضع حماس على قدم المساواة مع الصهاينة، والغرب كلّه ينتقد سلوك الاحتلال؛ لكنه يرفض الحركة إجمالاً.
وهى اليوم فى مواجهة مُركّبة للغاية؛ لا تستطيع أن تواصل التصلّب بعدما تآكلت إمكاناتها الفعلية، ولا سبيل لديها إلى مُجابهة موجة دولية عارمة تدفع باتجاه عَزلها عن المشهد، ولا يقل عنها انعكاس المشاعر والأفكار بين الغزيين فى القطاع.
ستمرّ الخطّة بإرادة حماس أو من دونها، والأفضل أن تكون ظهيرا للتصوُّر الإنقاذى الداعم للسلطة؛ على أن تكون عبئًا على الحل الوحيد المُتاح، وخاصمًا من محاولات إعادة بناء الإجماع وتوحيد القيادة؛ لا سيما أن خسائر السلطة لا تصبُّ فى صالحها، وخسائرها لا تُضيف إلا للعدو المشترك.
لم يكن نتنياهو أحسن حالاً فى أى وقت من مسيرته السياسية أكثر من اليوم: علاقة صلبة مع البيت الأبيض، وانتصارات عسكرية على امتداد المنطقة، وحرب لن يخسر باستدامتها؛ بل يستبقى ائتلافه مُتماسكًا، ويضغط على أعصاب خصومه السياسيين، ويُناور القضاء فى قضايا فساده المفتوحة.
اللحظة التى تنطفئ فيها النار سيتنفّس الغزّيون، ويبدأ اختناق قاتلهم فى بيئته، وسيخرج القطاع من واقعه الأسود ليُواجه احتمالات المُستقبل، وهى ليست أشدّ سوادًا من حالها اليوم. والأهم أن هذا أقصى ما هو متاح للأسف؛ وإلا فعلى الرافضين أن يأتوا بالبديل!
حازم حسين
احتمال النجاة من ثقب إبرة.. عن خطة ترامب فى غزة بين الضرورة وانعدام البدائل
الأربعاء، 01 أكتوبر 2025 02:00 م