قام باحثون في جامعة بنسلفانيا، بتطوير جهاز يعمل بالذكاء الاصطناعي يحول النظارات العادية إلى جهاز مراقبة صحي ذكي وكفء في استخدام الطاقة، من خلال مراقبة رمش عينيك.
وبحسب موقع "Medical xpress"، يستخدم الجهاز، المسمى BlinkWise ، إشارات الراديو لتتبع حركات الجفون بتفاصيل غير مسبوقة، مع الحفاظ على الخصوصية واستخدام الحد الأدنى من الطاقة، وتفتح هذه التقنية آفاقًا لتقييم التعب والإجهاد الذهني ومشاكل صحة العين في بيئات واقعية، بدءًا من النقل لمسافات طويلة وصولًا إلى العمل المكتبي اليومي.
أهمية الابتكار الجديد
ويقول مينجمين تشاو، الأستاذ المساعد في علوم الكمبيوتر والمعلومات وأحد الباحثين الرئيسيين في المشروع، أنه نظرًا لأن BlinkWise يجمع بين استشعار الموجات الراديوية منخفضة الطاقة، والذكاء الاصطناعي، فإنه يمكن الاستشعار بشكل أكثر كفاءة وتشغيل مراقبة صحية متقدمة مباشرة على النظارات، مع طاقة أقل ومساحة أقل وبيانات أقل من النظارات الذكية الحالية.
وأضاف أنه بينما تُركز التطبيقات الأولية على الصحة والسلامة، يمكن أن تشكل BlinkWise أيضًا أساسًا لجيل جديد من النظارات الذكية، موضحا أنه لكي تكون النظارات "ذكية" حقًا، يجب أن تفعل أكثر من مجرد الاستجابة للأوامر الصوتية والتقاط الصور، ويجب أن تفهم مرتديها بالفعل، وتعد BlinkWise الخطوة الأولى في هذا الاتجاه.
أهمية الرمش وعلاقته بالحالة الصحية
يرمش الشخص العادي أكثر من ١٠٠٠٠ مرة يوميًا، وكل ومضة تُعطي بصمةً لحالته الفسيولوجية والنفسية ، وتسجل معلومات عن التعب والتركيز، وجفاف العين، وغيرها من الأعراض والمشكلات الصحية، لكن الأمر لا يقتصر على ما إذا كان الشخص يرمش أم لا، بل إن كيفية رمشه مهمة أيضًا.
يطلق الباحثون على هذا النمط اسم "ديناميكيات الرمش"، وهي خصائص مثل مدة الرمش، واكتمال كل رمش (كامل أم جزئي)، وتوقيت إغلاق الجفن وإعادة فتحه، وتُوفر هذه التفاصيل معلومات أكثر بكثير من مجرد تسجيل ما إذا كان الجفن مفتوحًا أم مغلقًا، لذلك فإن الرمش "كم مرة، وكمية، ومدته"، يعد نافذة على الجسد والدماغ .
على سبيل المثال، قد يشير إطالة إغلاق الجفون إلى النعاس، وهو سبب رئيسي لحوادث السيارات التي تُكلف الاقتصاد الأمريكي أكثر من 100 مليار دولار سنويًا، كما أن زيادة الرمش الجزئي قد تُشير إلى مرض جفاف العين، الذي يُصيب أكثر من 16 مليون أمريكي، ونظرًا لكونه غير جراحي وسهل المراقبة، يمكن أن يصبح تحليل الرمش أداةً فعّالة لإدارة الأمراض المزمنة وتحديد التغيرات المعرفية مبكرًا.
تحليل رمش أكثر دقة وقابلية للنقل
تتكشف ديناميكيات الوميض هذه في غضون ميلي ثانية حتى الآن، كان تتبع ديناميكيات الوميض بهذه الدقة يتطلب كاميرات ثابتة عالية السرعة ومعدات متخصصة.
يقول دونغين هو، الباحث بالمشروع، كانت الأنظمة السابقة تتطلب تجهيزًا مختبريًا. أما BlinkWise، فيُثبّت بسهولة على النظارة الطبية، ما يتيح له مراقبة الرمش في أي مكان، وبدلاً من التقاط الصور، ينعكس نظام BlinkWise موجات الراديو عن العين لاكتشاف الحركات الدقيقة للجفن، ثم يترجم النظام الإشارة إلى "درجة انفتاح العين"، وهو منحنى يُحاكي الرمش آنيًا، بدلاً من مجرد تصنيف العين إلى مفتوحة أو مغلقة.
تُقدم هذه الدقة البالغة ميلي ثانية ميزةً كبيرةً مقارنةً بالأنظمة التقليدية، موضحا أنه عادةً ما تُسجل الكاميرات بمعدل 30 أو 60 إطارًا في الثانية، وهو ليس سريعًا بما يكفي لالتقاط غمضة عين كاملة، أما باستخدام مستشعرات الترددات الراديوية، فيمكننا أخذ عينات آلاف المرات في الثانية، مما يُتيح تحليلًا أكثر تفصيلًا.
الذكاء الاصطناعي الذى يناسب وجهك
لجعل BlinkWise قابلاً للارتداء، كان على الفريق التغلب على تحدٍّ رئيسي، وهو كيفية تشغيل ذكاء اصطناعي متقدم على جهاز صغير باستخدام طاقة ضئيلة، فبدلاً من إرسال البيانات إلى هاتف ذكي أو خادم سحابي، تُعالج BlinkWise كل شيء محليًا على شريحة أصغر من طابع بريدي.
قام الباحثون بتكييف تقنيات معالجة الصور والتعلم الآلي لإنشاء نموذج مدمج قادر على تفسير إشارات الراديو آنيًا، وفي هذه العملية، أعادوا تصميم مسار الذكاء الاصطناعي بأكمله ليتناسب مع القيود الصارمة للأجهزة القابلة للارتداء وتدفق الإشارات المستمر، وهذه الأساليب الجديدة تجعل BlinkWise فعالًا للغاية.
ورغم أن BlinkWise مفيد بالفعل في تقييم التعب وجفاف العين والعبء العقلي، فإن الفريق يرى أنه مجرد البداية، حيث أن النظارات الذكية اليوم قادرة على التقاط الصور أو تشغيل الصوت، لكنها لا تفهم مرتديها حقًا، ويعتقد الباحثون أن أجهزة مثل BlinkWise هي الخطوة الأولى نحو نظارات تستجيب لحالتك الإدراكية، وليس فقط لأوامرك الصوتية.
تقدم النظارات أيضًا ميزة فريدة مقارنةً بالساعات أو الهواتف، فهي تُوضع مباشرةً أمام العينين، مما يُتيح رؤيةً واضحةً للحالة العقلية والجسدية.