سمير حسنى

انحدار الذوق العام

الأربعاء، 01 أكتوبر 2025 12:00 ص


لا يخفى على أحد ما شهده المجتمع من تطور ملحوظ في شتى المجالات، غير أن هذا التطور صاحبه للأسف تراجع غير مسبوق في الذوق العام، بداية من النقاشات اليومية بين الأفراد، وصولًا إلى ما يعرف بأغاني «المهرجانات» التي حاولت مرارًا وتكرارًا فهم موسيقاها، أو بالأدق خليط الأصوات والضجيج الناتج عن تشغيل عدة آلات موسيقية معًا دون تناغم، أما الكلمات، فأتمنى من كل قلبي أن تنقرض إلى الأبد.

الانحدار في الذوق العام لم يقف عند حدود الموسيقى فقط، بل امتد ليشمل طريقة الحديث والتخاطب بين الناس، فاليوم، عندما تتحاور مع أي شخص، ستجد أن عبارة «يا أسطى» قد تسللت إلى الحوار بشكل ثابت وعجيب، حتى أنني أكاد أصاب بـ«أرتيكاريا» كلما سمعتها، خصوصًا حين تخرج من فم شخص لا تتوقعه.

الأغرب أن الكلمة أصبحت مستخدمة على نطاق واسع، بين فئات عمرية واجتماعية مختلفة، وكأنها أمر عادي لا حرج فيه، مما يثير دهشتي أكثر فأكثر.

أتحسر على الزمن الجميل، حين كانت الكلمات تنتقى بعناية وتوزن بميزان الذهب، وحين كانت الأغاني تكتب على يد كبار الشعراء والأدباء، وكان التعامل بين الناس يتم برقي واحترام لا مثيل له.

كنت أتمنى أن يظل المجتمع المصري الذي تميز دومًا بطباعه وثقافته ولهجته مختلفًا عن باقي محيطه العربي، مميزًا بلغته، وفنه، وأسلوبه الخاص، لكن للأسف، اجتاحت المصطلحات السوقية معظم الطبقات والفئات بشكل مرعب.

المشكلة لم تعد فقط في عبارة "يا أسطى"، بل في نمط تطور سلبي جعل المجتمع يتخلى عامًا بعد عام عن أصالته، وينسلخ تدريجيًا من هويته المصرية التي طالما تفاخرنا بها أمام العالم.

إن «سرسجة» المجتمع ليست مجرد ظاهرة لغوية أو ثقافية، بل خطر حقيقي قد يؤدي إلى تشكيل مجتمع جديد تمامًا، ظاهره كلمات دخيلة، وباطنه غياب تام للهوية.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب