تعتبر مهنة "قصاص الأثر"، واحدة من المهارات الفطرية التى تتميز بها مناطق الصحراء الشرقية، وتحديدًا فى حلايب وشلاتين، حيث يمتلك عدد من الأشخاص القدرة على تتبع آثار الأقدام على الرمال الصفراء التى تمتد لمسافات طويلة.
تلك المهنة التى لا تدرس فى المدارس أو الأكاديميات، بل تُكتسب عبر الخبرة والممارسة والتعلم من الأجداد، وتظل جزءًا من التراث المحلى الذى تمور به هذه المناطق، وعلى الرغم أنها قد تبدو غريبة للبعض، إلا أن قصاصى الأثر باتوا يشكلون ركيزة أساسية فى حل المشكلات العائلية والقبلية هناك.
من بين هؤلاء المتخصصين فى مهنة قص الأثر، يبرز محمد طاهر أحمد، أحد أشهر قصاصى الأثر فى مدينة حلايب، ينتمى طاهر إلى قبائل البجا، وهى إحدى القبائل التى تواصل ممارسة هذه المهنة عبر الأجيال، وقال "طاهر"، إنه ورث هذه المهنة عن والده وجده، وهو الآن يعتبر من المحترفين الذين يجيدون تحديد آثار الأقدام بدقة بالغة.
وأضاف قصاص الأثر أن ما يميز هذه المهنة هو أن القصاص لا يتبع الأثر من تلقاء نفسه أو لمجرد الفضول، بل يتلقى طلبات من سكان المنطقة لتتبع آثار الأقدام فى حال حدوث سرقة أو ضياع ماشية، وعادةً ما يلجأ الأهالى فى الصحراء إلى قصاصى الأثر لحل مشكلات سرقة الجمال أو الحيوانات أو الممتلكات الأخرى.
وأوضح: فى معظم الأحيان، عندما تفقد الجمال فى الصحراء، يأتينا أهلها ليطلبوا مساعدتنا فى تتبع آثار الأقدام"، ويمكن للقصاص أن يحدد بسهولة إذا كانت الجمال قد سُرقت أو إذا كانت قد ضاعت، كما يمكنه أن يكتشف إذا كان هناك شخص قد قاد هذه الجمال إلى مكان آخر.
وكشف: عندما يتتبع قصاص الأثر الآثار، يمكنه تحديد ما إذا كانت قد تم تركها من قبل شخص مشكوك فيه، حتى لو كانت قد اختلطت مع العديد من الآثار الأخرى فى نفس المنطقة.
من المهارات الفائقة التى يمتلكها قصاص الأثر هى القدرة على تحديد آثار الأقدام حتى وسط جماعة من الناس، وكذلك حتى إذا كان صاحبها قد غيّر حذاءه، مؤكدا انهم يستطيعون تحديد الأثر من بين آلاف الأقدام إذا كان الشخص محل شك، ووتعد هذه الميزة واحدة من الأسباب التى تجعل قصاصى الأثر فى حلايب يملكون أهمية كبيرة فى حل النزاعات والمشكلات اليومية، خصوصًا تلك التى تتعلق بالسرقات.
ومهنة قص الأثر لم تعد مجرد مهارة تقليدية، بل أصبحت ضرورة لحل العديد من القضايا اليومية فى حلايب وشلاتين، وفى مناطق أخرى فى الصحراء، قد لا يكون للقصاصين نفس التأثير أو القدرات نفسها، ولكن فى هذه المنطقة بالذات، اكتسبت هذه المهارة مكانة خاصة، حيث يعتمد عليها السكان فى استعادة حقوقهم وحل مشكلاتهم، ومهما تغيرت الأزمنة أو تقدمت التكنولوجيا، يظل فن قص الأثر جزءًا من الحياة اليومية فى هذه الصحراء، يربط الأجيال الجديدة بما ورثوه عن أسلافهم، ويؤكد أهمية البصمة الفردية فى عالم من الرمال المفتوحة.

آثار القدم

قصاص اثر بحلايب

قصاص الاثر،فى الصحراء الشرقية

يدقق فى القدم ويعرفون من السارق

يعرفون صاحب القدم ويستطيع تحديده