بين انتصاره فى انتخابات الرئاسة الأمريكية فى نوفمبر 2024 وتنصيبه فى يناير 2025، استطاع دونالد ترامب أن ينسب لنفسه الفضل فى وقف دمار الحرب فى الشرق الأوسط، ففي 26 نوفمبر تم الإعلان عن وقف إطلاق النار فى لبنان بعد غزو إسرائيلى برى لها وضربات مدمرة لأسابيع وأشهر سابقة. وأمس الأحد، وقبل يوم واحد فقط من تنصيبه، بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة ليتوقف نزيف الدماء المستمر فى القطاع جراء حرب إسرائيلية وحشية استمرت على أكثر من 15 شهرا.
والآن، ومع عودته إلى البيت الأبيض، يتبقى أمام ترامب حرب كبرى عليه أن يطفئ نيرانها التي أشرف على إشعالها سلفه جو بايدن خلال توليه الحكم، وهو الصراع بين روسيا وأوكرانيا المستمر منذ قرابة ثلاث سنوات، ولم يتمكن فيه طرف أن يحسم الأمر لصالحه.
وكان ترامب قد وعد خلال حملته الرئاسية بإنهاء الحرب فى أوكرانيا خلال 24 ساعة، وأنه سينجز اتفاقا خلال يوم واحد. وقال ترامب فى فعالية فى يونيو الماضى: قبل أن أصل إلى المكتب البيضوى، وبعد فترة قصيرة من الفوز بالرئاسة، سأقوم بتسوية الحرب المريعة بين روسيا وأوكرانيا، وسأقوم بتسويتها حتى قبل أن أصبح رئيسا.
هذا الزعم بدا غير واقعيا، كما تقول شبكة يورو نيوز فى تقرير لها، حتى بالنسبة لترامب. وقد عاد ترامب نفسه وحدث عن جدول زمنى مدته 6 أشهر لإنهاء الحرب، باعتباره خيارا أكثر واقعية، وهو الأمر الذى تلقته كييف بمزيد من الارتياح. فقد قال وزير الاقتصاد الأوكرانى السابق تيموفى ميلوفانوف إن أسوأ سيناريو محتمل سيكون استسلام أوكرانيا، وسيناريو الـ 24 ساعة فى ظل حقيقة أن الولايات المتحدة لديها نفوذ على أوكرانيا والاتحاد الأوروبى بينما لا تملك نفوذا على روسيا، يعنى القبول بمطالب موسكو وفرض ضغوط على أوكرانيا لقبول المطالب الروسية.
ويقول السيناتور الديمقراطى ريتشارد بلومنثال تعليقا على موقف ترامب، إن الصلة الغائبة فى تفكير الرئيس الجيد هي فشله فى فهم أن الأوكرانيين لن يصلوا إلى تسوية إلا إذا كانوا على طاولة التفاوض فى موضع قوة. وهو يقوض موقفهم، وهذا هو أحد الأسباب وراء عدم التوصل إلى حل قبل التنصيب.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن أوكرانيا تعد قضية أكثر صعوبة لترامب من غزة لأنه سيتعين عليه أن يبدأ من الصفر. فعلى العكس من غزة، لا يوجد خطة سلام موجودة بالفعل من سلفه، مع كل اللوجستيات المعقدة والجداول الزمنية والصيغ التي تم وضعها بالعفل لكى يتبناه ترامب ببساطة ويدفع بها إلى خط النهاية.
فخلال هذا الشهر، أجل مبعوث ترامب الجديد لحرب أوكرانيا كيث كوليدج خططه للسفر إلى كييف ومدن أوروبية أخرى للبدء فى استكشاف الموقف حتى بعد التنصيب. وقال فى تصريحات لفوكس نيوز إن يأمل حل المسألة خلال 100 يوم، أي أكثر من 100 ضعف الوقت الذى حدده ترامب منذ البداية.
شبكة "سى إن إن" الأمريكية تحديث عن مهادنة رئيس أوكرانيا وبعض المسئولين لترامب فى الأيام الأخيرة. فقد قال فولوديمير زيلينسكى فى خطاب بداية العام إنه لا شك لديه أن الرئيس الأمريكي الجديد يرغب ويستطيع أن يحقق السلام وينهى عدوان بوتين.
وبعدها قال فى تصريحات أخرى إن ترامب فاز لأنه كان مرشحا أقوى بكثير من منافسته هيلارى كلينتون، وأثبت أنهه يستطيع أن يفعل هذا فكريا وجسديا.
بعض الخبراء أشار إلى أن ثناء زيلينسكى على ترامب كان صادقا. وأشارت أوريشيا لوتسيفيتش، الخبيرة فى مركز شاتام هاوس البريطاني ، فى تصريحات لسى إن إن إن رئيس أوكرانيا يعتقد أن ترامب بإمكانه القيام بخطوات جريئة وهذا هو سبب أمله وأمل أوكرانيا كلها.
والسبب الأخر هو أن ترامب وعكس الإدارات الأمريكية السابقة لديه، علاقات جيدة مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وطالما أبدى إعجابا به.
بوتين أيضا قدم بادرة إيجابية وهنأ ترامب على تنصيبه وأكد انفتاح موسكو على الحوار مع الغدارة الجديدة بشأن أوكرانيا. وقال إن الأمر الأاكثر أهمية هو إزالة الأسباب الجذرية للازمة.
وهذه من الأسباب التي تدفع للتفاؤل بشأن إمكانية نجاح ترامب فى تحقيق وعوده، خاصة بعد أن أصبحت أوكرانيا أولوية له، على الساحة الخارجية، فى أعقاب التوصل إلى وقف إطلاق النار فى غزة.