من لم يمت بالقصف مات بالبرد.. الفلسطينيون يتجمدون تحت خيام غزة.. شهادات من داخل القطاع تكشف الواقع المؤلم مع المنخفضات الجوية والأمطار.. والأهالى: لا زلنا بملابسنا الصيفية

الجمعة، 17 يناير 2025 02:16 م
أثار الشتاء على غزة

كتب أحمد عرفة


<< انتشار نزلات الشعب الهوائية والالتهاب الرئوى بين الأطفال واستشهاد 8
<< الاحتلال رفض إدخال المستلزمات الشتوية للقطاع منذ 4 شهور
<< خيام النايلون لا تحمى النازحين من صقيع الشتاء والتجمد مصير الآلاف
<< انعدام المشروبات الدافئة نتيجة عدم توافر غاز الطهي
<< مياه الأمطار وطفح الصرف الصحي يغرق آلاف الخيام
<< تدمير غالبية المحال والأسواق الخاصة ببيع الملابس وتقييد تنسيقات إدخال البضائع للتجار
<< ما يدخل من شاحنات لا يتجاوز 6% من الاحتياجات ولم يتعد ما يخص الملابس والأحذية 0.001 %
<< مياه الأمطار تغمر أكثر من 100 خيمة في خان يونس
<< 500 أسرة فلسطينية تعيش على سواحل غزة يعانون ظروفا صعبة
<< تدمير الاحتلال لمقدرات البلدات يعجزها عن نزح مياه الأمطار

 

تحتضن لميس الأقرع ابنها مراد محمود صالحة، الذي بلغ منذ شهور ثلاث سنوات، لمحاولة تدفئته بعد أن وجدت ابنها يرتعش من برودة الجو، هذا الطقس الذي يزداد سوءا في المكان الذي نزحوا له لاقترابه من البحر وتعرض القطاع لمنخفض جوي شديد لا تتحمله أجسام الأطفال الهشة، قبلها بساعات تمزقت عدد من الخيم التي تتواجد بجانبها نتيجة العواصف الشديدة، طوال اليوم تحاول الأم تجفيف الفرشات التي تبللت بسبب الأمطار الغزيرة حتى لا يصاب ابنها بأي مرض، خاصة أنه لتو قد شفى من التهاب الكبد الوبائي بعد رحلة معاناة شديدة نتيجة نقص الطعام والأدوية، بينما تخشى من كابوس ارتفاع أمواج البحر مما قد يغرق خيمة أسرتها.

 

اقرأ أيضا:
 

الموت البطيء(3).. مرضى السرطان يكافحون من أجل الحياة في غزة.. المنظومة الصحية عاجزة عن تقديم العلاج الكيماوى والإشعاعي والأدوية.. تدمير مستشفى الصداقة زاد من أوجاعهم.. و12500 ينتظرون العلاج خارج القطاع

الشتاء يلتهم النازحين والأمطار تغرق الخيام

هذه واحدة من نماذج معاناة سكان غزة النازحين، سواء في الخيام أو مراكز الإيواء في ظل المنخفضات الجوية المتتالية والأمطار الغزيرة والعواصف الشديدة التي تضرب القطاع بشكل مستمر منذ بداية حلول الشتاء، مما زاد من الكارثة الإنسانية، تسبب في وفاة عدد من الفلسطينيين متجمدين داخل القطاع، مما يكشف حجم المأساه التي يعيشها السكان الآن بعدما دمر الاحتلال البنية التحتية بالكامل، ولم يعد هناك منازل تأويهم من برودة الشتاء وأسقف تحميهم من الأمطار، ونقص حاد في البطاطين والفرشات للتدفئة، فالخيمة تطل مباشرة إما على البحر أو مياه تغمر الأرض التي تتواجد فيها الخيمة نتيجة طفح الصرف الصحي في الشوارع وعدم قدرة الفلسطينيين على منع وصول مياه السيول إلى خيمتهم.

لميس الأقرع مع طفلها في إحدى مخيمات الشاطئ
لميس الأقرع مع طفلها في إحدى مخيمات الشاطئ

 

من خلال حديثنا مع 12 فلسطينيا ما بين نازحين تعرضت خيامهم للغرق وأصيب أفراد عائلتهم بالأمراض نتيجة الطقس السيء وبين مسئولين داخل القطاع، بجانب حصولنا على عدد من الفيديوهات والصور التي تكشف كارثة السيول على النازحين، نسلط الضوء على مشهد إنساني صعب وصل له سكان القطاع بعد ما يقرب من عام و4 شهور على عدوان إسرائيلي ما زال مستمرا حتى الآن.

معاناة ابن لميس الأقرع في مخيم الشاطئ نتيجة البرد

لميس الأقرع، هي إحدى النازحات في مخيم الشاطئ، خيمتها بالقرب من البحر المتوسط، وتزداد معاناة أسرتها مع قسوة الطقس، خاصة أن لديها طفلا يرتعد كل يوم من البرد والانخفاض الحاد في درجة الحرارة، ومع ارتفاع أمواج البحر والأمطار الغزيرة بشكل شبه يومي والمنخفضات الجوية أصبح احتمال غرق خيامهم أكثر خطرا.

هنا تؤكد لميس الأقرع، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، تفاصيل المعاناة مع اشتداد سوء المناخ في طقس الشتاء، قائلة إن المعاناة تبدأ من طريقك في النزوح إلى أن تصل إلى مكان للنازحين، خاصة أن النزوح يكون في خيمة من القماش أو النايلون، ومع أول مطرة أو جو عاصف يتمزق قماش الخيمة، لأن النايلون لا يحمي ولا يدفي، الأمر الذي يدفع أبنائنا للمرض مع دخول الأمطار للخيمة.

المعلن رسميا .. 8 وفيات نتيجة صقيع الشتاء

في بيان صادر عن المكتب الإعلامى الحكومى بغزة في 30 ديسمبر الماضي، أكد فيه ارتفاع عدد الوفيات بسبب البرد القارص وموجات الصقيع في الخيام إلى 8 وفيات – وهذا المعلن بشكل رسمي والمسجل بوزارة الصحة الفلسطينية -، لافتا إلى أن العدد مُرشح للزيادة بسبب الظروف المأساوية التي يعيشها النازحون الذين دمر الاحتلال منازلهم وباتوا يسكنون الخيام، قائلا :"حذّرنا أكثر من مرة من خطورة قدوم المُنخفضات الجوية وفصل الشتاء وموجات الصقيع بالتزامن مع الواقع المأساوي الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني الذي يتعرض للقتل والإبادة والتدمير للمنازل والقطاعات الحيوية، ويتعرض للتشريد والتهجير".

الأمطار تغرق مخيمات النازحين
الأمطار تغرق مخيمات النازحين

 

بيان المكتب الإعلامى الحكومي أشار إلى نقطة مهمة للغاية تشكل خطورة كبيرة على سكان القطاع خلال فصل الشتاء، عندما أكد أنه من المتوقع أن تستمر كميات غزيرة من الأمطار في الهطول، وكذلك استمرار موجات الصقيع وبرودة الشتاء، مما يوقع خطرا كبيرا يُشكّل تهديداً حقيقياً على حياة النازحين الذين يعانون معاناة مأساوية، مدينا بأشد العبارات هذه الممارسات الإجرامية التي طالت المدنيين الأبرياء ودفعتهم إلى هذه المعاناة المستمرة بفعل الاحتلال " مما أوصل الشعب الفلسطيني إلى هذه الدرجة القاسية من المعاناة.

"فراش الخيمة يتعرض للبلل ولا يمكن تجفيف الفراش لأن الجو عاصف وممطر والمنخفض الجوي يستمر لأيام وبالتالي طوال أيام المنخفض تكون المعاناة، ويزداد معدلات انتشار المرض والفيروسات"، هنا تشرح لميس الأقرع تأثير الطقس السيء على أسرتها خاصة أطفالها، لافتة إلى أنه لا يوجد دواء ولا صيدليات تبيع الدواء، وإن لجأنا لطب الأعشاب، نجد صعوبة في توفير الماء الساخن لعمل المشروبات الدافئة نظرا لعدم وجود غاز الطهي ومنع دخوله من قبل الاحتلال.

الأمطار في مخيمات النازحين
الأمطار في مخيمات النازحين

 

وحول الطريقة التي يتبعونها من أجل توفير الماء الساخن، تقول :"نشعل كأهالي النار في الخشب أو أي مادة قابلة للاشتعال لطهي مشروب دافئ، وهذه المواد التي تشتعل تبعث الغازات السامة في الهواء ومن ثم في المشروب".

وتتحدث عن إصابة ابنها بعدة أمراض نتيجة الطقس السئ، قائلة "ابني أصيب بصفار الريقان وهو التهاب الكبد الوبائي نتيجة التلوث في الماء وعدم شربه المياه المفلترة من الشوائب وبالتالي هذا المرض كان يحتاج لأكل الحلويات حتى يتم القضاء على هذا المرض، ونظرا لشح الطعام والمأكولات، عانيت كل المعاناة لأحصل على السكريات واطعامها لإبني، والحمد لله بفضله تم شفاؤه".

النازحون في إحدى المدارس في غزة
النازحون في إحدى المدارس في غزة

 

الأونروا تحذر من عدم كفاية مستلزمات الشتاء لتوزيعها على سكان غزة

لعل أحد أسباب تفاقم معاناة سكان غزة في الشتاء هو الانخفاض الشديد في المساعدات التي يسمح الاحتلال بدخولها، مما جعل مستلزمات الشتاء هذا العام غير كافية لتوزيعها على النازحين، وهو ما تؤكده إيناس حمدان، مديرة إعلام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في غزة، أن الوكالة ما زالت رغم كل التحديات تقدم مستلزمات الشتاء ضمن المساعدات الإنسانية التي تقدمها باستمرار لسكان غزة، موضحا أن تلك المستلزمات تتضمن الأغطية وقطع النايلون من أجل بناء الشوادر وفي بعض الأحيان يكون هناك قطع من الخيام توزع على النازحين.

الأمطار في مخيمات النازحين
الأمطار في مخيمات النازحين

 

وتضيف مدير الإعلام بوكالة الأونروا في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه خلال الأشهر الأربعة الماضية انخفضت معدلات تدفق المساعدات إلى أدنى نقطة لها وبالتالي لا يوجد ما يكفي من الإمدادات الضرورية لتلبية الاحتياجات الأساسية اليومية لسكان القطاع خلال فصل الشتاء.

وتوضح "حمدان"، أن هناك عدد من الأطفال الذين فقدوا حياتهم بسبب البرد، خاصة أن حياة الخيام تجعل فصل الشتاء أكثر قسوة على السكان وبشكل خاص الأطفال مع انعدام وسائل التدفئة وقلة المساعدات المتعلقة بلوازم الشتاء.

المخيمات أمام البحر
المخيمات أمام البحر

 

"الاحتياجات الخاصة بسكان غزة في ظل هذا الطقس السيء كثيرة وضخمة وما يصل شحيح للغاية وهذه المعضلة"، هنا تشرح متحدثة الأونروا الفارق بين ما يدخل القطاع من مستلزمات الشتاء وما يحتاجه القطاع، متابعة :"نحتاج إلى تدفق المساعدات بكميات كبيرة وبشكل متسارع وعاجل حتى نتمكن من حل هذه الأزمات خاصة أنه في هذه الأثناء لا يوجد ما يكفى من مستلزمات الشتاء لتوزيعها على النازحين الذين يواجهون ظروف قاسية ".

وفي 31 ديسمبر، أعلنت الأونروا، أن مياه الأمطار غمرت أكثر من 100 خيمة في خان يونس، مؤكدة عبر حسابها الرسمي على "تويتر" أن 500 أسرة فلسطينية تعيش على سواحل غزة يعانون ظروفا صعبة، ونشرت الوكالة الأممية فيديو يظهر المياه وقد أغرقت عدد كبير من الخيام مما يجعل من الصعب العيش فيها مرة أخرى.


فيديو الأونروا

 

تحذيرات من منع الاحتلال دخول الأغطية والملابس الشتوية والأحذية لغزة

وفي تقرير صادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بتاريخ 26 نوفمبر الماضي، حذر فيه من أن إسرائيل تمنع منذ أكثر من عام إدخال الأغطية والملابس والأحذية إلى قطاع غزة، بما يشمل احتياجات الأطفال، في ظل دخول موسم برد قارس وظروف إنسانية كارثية.

النداءات التحذيرية للمرصد الحقوقي خرجت قبل بداية الشتاء بما يقرب من شهر ولكنها لم تسمع آذان صاغية، خاصة عندما أشار إلى دخول فصل الشتاء الثاني منذ بدء إسرائيل حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، في ظل نقص شديد في الملابس والأحذية التي مُنع دخولها من معابر القطاع منذ اليوم الأول للحرب، ما عدا بعض الكميات التي دخلت كجزء من المساعدات الإنسانية، والتي تم توزيعها على جزء صغير من النازحين الذين يبلغ عددهم نحو مليوني شخص.

تقرير المرصد الأورومتوسطى عن أزمة الشتاء في غزة
تقرير المرصد الأورومتوسطى عن أزمة الشتاء في غزة
 

المرصد أكد أيضا أنه لا يوجد أي مبرر أو ضرورة عسكرية في القانون الدولي تسمح بمنع إدخال هذه الأساسيات إلى السكان المدنيين، خاصة أن إسرائيل تفرض قيودًا على دخولها في إطار سعيها لفرض ظروف معيشية قاسية على الفلسطينيين تؤدي إلى هلاكهم الفعلي، كاشفا أن إجمالي ما يدخل إلى قطاع غزة من شاحنات لم يتجاوز 6% من الاحتياجات اليومية للسكان، وأغلب ذلك يتعلق بمواد غذائية، ولم يتعد ما يخص الملابس والأحذية 0.001 %، وهو ما تسبب بأزمة حقيقية، في ظل أن إسرائيل دمرت ما لا يقل عن 70% من منازل القطاع وغالبية المحال التجارية والأسواق، بما فيها الخاصة ببيع الملابس، فضلًا عن تقييد تنسيقات إدخال البضائع للتجار.

الاحتلال يتحمل مسئولية توفير الاحتياجات الأساسية لسكان غزة وفقا للقانون الدولي

هنا تؤكد ليما بسطامي، مديرة الدائرة القانونية فى المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن خيام النازحين تعرضت إما للغرق أو الدمار أو طارت بفعل العواصف المصاحبة للأمطار الغزيرة، مشيرة إلى أن إسرائيل تتحمل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، وفقًا للقانون الدولي، مسؤولية توفير الاحتياجات الأساسية لبقاء السكان المدنيين في قطاع غزة على قيد الحياة، بما يشمل الكساء والفراش والمأوى والمساعدات الغذائية والطبية، وفي حال عجزها عن توفير هذه الاحتياجات أو كان هناك نقص فيها، تكون دولة الاحتلال مُلزَمة بالسماح بعمليات الإغاثة الإنسانية لصالح هؤلاء السكان، وتوفير جميع التسهيلات اللازمة لها بقدر ما تسمح به وسائلها.

النازحون في غزة
النازحون في غزة

 

وتضيف "بسطامى"، في  تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه من غير المنطقي توقع التزام إسرائيل بهذه المسؤوليات نظرًا لتاريخها الطويل والمليء بالانتهاكات ضد الفلسطينيين، وتحديدًا الآن كونها ترتكب جريمة الإبادة الجماعية ضدهم في قطاع غزة.

وتوضح أن قوات الاحتلال هندست بشكل متعمد كافة الطرق والظروف المؤدية إلى قتل الفلسطينيين بطرق مباشرة وغير مباشرة، بما في ذلك إخضاعهم لظروف معيشية كارثية تفضي إلى هلاكهم الفعلي، لافتة إلى أن تدمير غالبية المنازل وتهجير أكثر من 90٪ من سكان القطاع بشكل متكرر، وتركهم بلا مأوى في العراء أو في الخيام لفترات طويلة.

أوضاح النازحين في غزة
أوضاح النازحين في غزة

 

وتشير إلى أن مسؤولية إنقاذ السكان المدنيين ووقف جريمة الإبادة الجماعية لا تقتصر على إسرائيل وحدها، بل وفقًا للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي العرفي واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وتقع هذه المسؤولية على عاتق جميع الدول، سواء منفردة أو مجتمعة، وبدون أي استثناء، حيث يُعد منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها التزامًا ذو حجية مطلقة تجاه المجتمع الدولي بأسره وذا طبيعة مطلقة، لا يجوز التحلل منه تحت أي ظرف أو مبرر.

 

180 خيمة بمركز إيواء ملعب فلسطين مهددة بالغرق

فيما يستعرض محمود بصل المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، الوضع المأساوي في مركز إيواء ملعب فلسطين في مدينة غزة والذي أغرقته مياه الأمطار أيضا، قائلا إن مركز الإيواء يحتوى على أكثر من 180 خيمة، ويتواجد فيه العائلات التي نزحت من شمال القطاع إلى مدينة غزة، حيث عاشت ظروف مأساوية وصعبة للغاية.

غرق الخيام الفلسطينية
غرق الخيام الفلسطينية

 

ويقول خلال فيديو من داخل مركز الإيواء :"المواطن هنا يعيش في ألم وضنك شديد نتيجة المرض وانتشار الأمراض والأوبئة والحرب بشكل عام والبرد القارس، حيث تدخل مياه الأمطار داخل الخيام وتتجدد المعاناة التي يعيشها المواطن حيث النزوح ثم خيمة ثم قصف ثم برد قارس ولذلك هذا المواطن يعيش بكل فصول حياته في معاناة لم تتوقف حتى هذه اللحظة".

آثار الشتاء على سكان غزة
آثار الشتاء على سكان غزة

 

ويسلط المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة الضوء على الصمت الدولى على تلك المأساه التي يعيشها الفلسطينيين، قائلا :العالم حتى الآن يشاهد وبلا مجيب، في ظل هذا الواقع الصعب والمأساوي يتطلب منه أن يقف أمام مسؤولياته نهاء هذه المعاناة التي يعيشها هؤلاء المواطنين، ولابد للعالم أن يتحرك والمؤسسات الدولية أن تقف أمام مسؤولياتها".

منخفض جوى يهدد حياة سكان بلدية غزة بعد تدمير شبكات مياه الأمطار

تواصلنا مع المهندس عاصم نبيه المتحدث باسم بلدية غزة، ليضعنا على واقع تفاصيل حياة النازحين بالمدينة التي أصبحت تعج بالنازحين بعد أن لجأ لها سكان شمال غزة بعد العملية العسكرية الإسرائيلية فيها، حيث يؤكد أن المواطنون يعيشون حاليا من ظروف مأساوية للغاية بسبب تدمير الاحتلال البنية التحتية خلال الأشهر الماضية وأيضا قدوم موسم الأمطار، حيث بدأ منخفض جوى قاسي منذ نهاية عام 2024 وبالتالي العواصف الشديدة والأمطار أصبحت تشكل تهديدا على خيم المواطنين ومراكز الإيواء .

أوضاح النازحين في غزة
أوضاح النازحين في غزة

 

ويضيف في تصريح لـ"اليوم السابع"، أن هناك طفح لمياه الصرف الصحي ومياه الأمطار وصلت إلى منازل المواطنين ومراكز الإيواء والعواصف أصبحت تقتلع الخيام في ظل الدمار الكبير في البنية التحتية، مشيرا إلى أن تدمير الاحتلال أكثر من 175 ألف متر طولي من شبكات الصرف الصحي وأكثر من 15 ألف متر طولي من شبكات مياه الأمطار.

ويوضح المتحدث باسم بلدية غزة، أن جميع تلك الأضرار أدت إلى تعميق المعاناة وطواقم البلدية غير قادرة على معالجة كل هذه الإشارات بسبب الدمار الهائل والكبير الذي طال البنية التحتية وكذلك قلة الإمكانيات وتدمير المقدرات التابعة للبلدات في غزة.

 

آثار الشتاء الصقيع على قطاع غزة
آثار الشتاء الصقيع على قطاع غزة

 

شهادة فلسطيني تكشف وفاة أطفال لعدم تحمل أجسادهم البرد بمخيم النصيرات

على بعد عدة كيلو مترات قليلة من بلدية غزة، يعيش محمود بكر واقعا مأساويا أيضا في مخيم النصيرات بجوار مستشفى العودة، اشتكى عبر حسابه على فيس بوك بأنه وأسرته تجمدوا نتيجة المنخفض الجوي الأخير الذي ضرب القطاع، خاصة أنهم يعيشون في خيمة من النايلون لا تقيهم من صقيع الشتاء، حيث كتب تدوية مقتضبة عبر صفحته على فيس بوك قائلا :"تجمدنا من البرد، تجمدنا في الخيام".

تحدثنا مع محمود بكر، ليحكى تفاصيل واقعه المأساوي قائلا :"نحن نازحين ونعيش في خيمة بجوار مستشفى العودة وبالتحديد في الشارع الترابي، وتعرضنا كما تعرض جميع النازحين للمنخفض الماطر والمياه أغرقتنا وتحملنا وللأسف مياه المجاري المنبعثة من عبارة تطل على مستشفى العودة زادت الأمور تعقيدا، ومشهد المجاري بجوار المستشفى الوحيد بالنصيرات مشهد ينده له الجبين ومقزز خاصة أنها تملئ الشارع الرئيسي الخاص بالمستشفى وتعيق حركة الإسعافات والمرضى والمصابين والمراجعين وحتى الزوار".

بقايا طعان النازحين في الخيام
بقايا طعان النازحين في الخيام

 

"مياه الأمطار دخلت للخيام وأغرقتها، والخيمة أصبحت متهالكة ومهترأة وممزقة بفعل مرور أكثر من عام على الحرب، ولا أحد من ساكني الخيام نام منذ يومين بفعل المنخفض"، هنا يشرح محمود بكر في تصريح لـ"اليوم السابع"، تأثير المنخفضات الجوية على أسرته النازحة في النصيرات، قائلا :"الكل منشغل تارة بمحاولة إنقاذ الأطفال والنساء والآباء والأمهات إلى خارج الخيمة بفعل ارتفاع منسوب المياه وتارة أخرى بمحاولة يائسة لإخراج المياه من الخيم وللأسف لم ننجح".

ويضيف :"شدة البرد والصقيع في ظل المنخفض الماطر الذي يتعرض له قطاع غزة أدى إلى العديد من الوفيات خاصة الأطفال الذين لم يتحملوا البرد بأجسادهم الصغيرة فماتوا، بالإضافة لفقدان المأكل والمشرب الصحي كلها عوامل أدت لصعوبة واستحالة مواجهة الأمطار في الخيام، بالإضافة إلى سرعة الرياح التي اقتلعت الخيام من أماكنها وطارت بالهواء وبقى العديد من النازحين بالشارع تحت الأمطار الغزيرة".

ويصف محمود بكر حال سكان مخيم النصيرات في ظل برودة الطقس قائلا :" من لم يمت بفعل الصواريخ سيموت بفعل البرد الشديد، نحن نموت بالبطئ ودخول مياه الصرف الصحي إلى الخيام يشكل خطرا كبيرا على حياة الأطفال والنساء وكبار السن".

خيام غارقة
خيام غارقة

 

في 12 يناير الجاري، أعلن محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني، أن اللجنة الرئاسية للمساعدات تمكنت من إيصال مساعدات عاجلة تشمل كسوة الشتاء لأطفال من قطاع غزة، ضمن حملة اللجنة تحت عنوان "شتاء دافئ" للأسر المعوزة والمحتاجة لمساعدتها على مواجهة برد الشتاء، والأجواء الصعبة التي يعاني منها سكان الخيام والنازحون بقطاع غزة على وجه الخصوص.

وفاة عفاف الخطيب بمخيم المواصي بجلطة دماغية نتيجة البرد

في 7 يناير الجاري ، خرجت هالة البتساني، الموظفة في وزارة التربية والتعليم العالى الفلسطينية، عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك، لتعلن وفاة عطاف الخطيب نتيجة البرد الشديد وهي نائمة في خيمتها في مواصي بمدينة خان يونس، حيث وجدوها متجمدة والدم ينزف من أنفها، متابعة : "هذا ما فعله البرد بامرأة بالغة، فما بالكم بما يفعله بالأطفال والرضع والمسنين".

شهادة فلسطينية بوفاة سيدة في غزة نتيجة البرد
شهادة فلسطينية بوفاة سيدة في غزة نتيجة البرد

 

لم تتحدث هالة البتساني عن تفاصيل وفاة عطاف الخطيب، وحياة أسرتها داخل مخيم المواصى، إلا أننا خلال تواصلنا معها أوصلتنا بزميلة عفاف الخطيب، المعلمة الفلسطينية نجوى العرقان، والتي أكدت لنا في تصريح خاص، بأن السيدة عطاف – التي تعمل طبيبة صيدلانية - توفت نتيجة جلطة دماغية بسبب صعوبة الطقس خاصة على الخيام.

وتحكى نجوى العرقان لـ"اليوم السابع"، تفاصيل الأيام الأخيرة للشهيدة عطاف الخطيب التي كانت تنزح في الجنوب بينما صديقتها "نجوى" تنزح في الشمال لكن كانا يحرصان على التواصل اليومي للاطمئنان على بعضها حتى وفاة الطبيبة الصيدلانية ، قائلة : "لم تكن مريضة بشئ على الإطلاق بل كانت طبيعية وكل يوم تحدثني عن أمنيتها بالعودة لبيتها في شمال غزة، وكانت تتأذى كثيرا من الخيمة وبردها، حتى أصيبت جلطة دماغية مفاجأة توفيت على إثرها، وتواصلت مع ابنها الذي قال لي إنها كانت مكتئبة طوال الليل قبل وفاتها".

وتطرق إلى معانتها مع الشتاء الحالي وهي نازحة في شمال القطاع، وتعيش مع أسرتها في بيت متهالكة بمدينة غزة، حيث لا شبابيك ولا أبواب وتقول عن معانتها :"لم يكن هذا الشتاء وسابقه كالعادة لنا، فأربعينية الشتاء قضيناها نزوحا في مجمع الشفاء الطبي بغزة، وسكنا غرفة في قسم العلاج الطبيعي ما يقارب ثلاثين فردا من أهلي وعائلتي خلال ديسمبر، ويناير، وأيام البرد القارس الشديد نبحث عن الكرتون لنجعل منه فراشات تحت أجسامنا المتعبة ولا نجد غطاء سوى شراشف المرضى، وما لنا أي وسيلة لإشعال النار سوى البحث في أكوام القمامة عن قطع بلاستيك أو نايلون، بينما ننتظر المطر لنجمع الماء لنغسل به ما استطعنا توفيره من أدوات بدائية لتوفير الطعام ، وبالليل برد شديد ورعب وقهر ونلتصق ببعضنا بعضا لنعطي أجسامنا دفئا وشعورا بالحياة، وباتت أجسادنا خاوية لا تقدر على الصمود، ونسكن خيام وبيوت متهالكة لا تحمي من تسريبات المطر، ويبكينا حتى نقص وغلاء الخشب لإشعال النار للتدفئة".

تحدثنا أيضا مع أحد النازحين في هذا المخيم ويدعى محمد أبو لولي، والذي لم يستطع شرح تفاصيل المعاناة بشكل مستفيض نظرا لصعوبة الأوضاع هناك، لكنه اكتفى بالحديث قائلا: " في أي دين أطفال تموت بردا؟! حسبي الله ونعم الوكيل لم أستطيع وصف شعورى حول هول ما نراه من حياة صعبة نتيجة البرد والقصف"، ولكن في تدوينة له بتاريخ 31 ديسمبر عبر صفحته على فيس بوك قال "غرقنا".

تغريدة محمود أبو لولي
تغريدة محمود أبو لولي

 

دراسة بريطانية تكشف ارتفاع حصيلة الشهداء عن المعلن عنها رسميا بنسبة 40 %
 

ووفقا لما ذكرته هالة البستاني، فإن عدد الوفيات نتيجة البرد والتجمد هو أعلى من الأعداد المعلنة سواء من قبل المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أو وزارة الصحة الفلسطينية، في أخر تحديث لهم وهو ثماني شهداء، وهو ما تأكده دراسة بحثية نشرتها مجلة "لانسيت" الطبية البريطانية في 10 يناير الجاري، أن حصيلة الشهداء في غزة أعلى بنحو 40 % مقارنة بأرقام وزارة الصحة في القطاع.

الدراسة الجديدة التي نشرتها المجلة الطبية البريطانية، استندت إلى بيانات لوزارة الصحة، واستطلاع عبر الإنترنت وبيانات نعي على مواقع التواصل الاجتماعي خلصت إلى تقديرات تفيد بأن حصيلة الشهداء أكبر من المعلن عنها بنسبة 40 %، وأن هناك وفيات لا يتم تسجيلها نظرا لصعوبة الوصول للمستشفيات.

غرق مخيمات النازحين
غرق مخيمات النازحين

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ورد المكتب الإعلامي الحكومى في غزة على دراسة المجلة الطبية البريطانية في بيان أصدره في نفس اليوم، دعا فيه المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختلفة لدعم جهود إحصاء الضحايا وانتشال آلاف الجثامين في قطاع غزة.

وأعرب المكتب في بيانه، عن قلقه البالغ إزاء نتائج الدراسة البريطانية التي نُشرت في مجلة "ذا لانسيت"، والتي تشير إلى أن عدد الوفيات الناتجة عن الإصابات العنيفة في قطاع غزة يزيد بنسبة كبيرة عن الرقم المعلن من قبل وزارة الصحة الفلسطينية.

وأكد أن هذه الفجوة ناتجة عن العجز القائم في تسجيل كافة الضحايا الذين يقلتهم الاحتلال في جميع المحافظات، وفي ظل الظروف الإنسانية الكارثية والمعايير المقيدة التي تلتزم بها وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع ، موضحا أن استمرار القتل والحصار واستهداف الطواقم الطبية وتدمير المستشفيات ومنع عمل فرق الدفاع المدني؛ يُعرقل جهود انتشال آلاف الجثامين ودفنها، مما يجعل الإحصاءات الواردة تعكس جزءا محدودا من الواقع المرير.

تأثير الشتاء على أصحاب الأمراض المزمنة

هذا الواقع السيء الذي يعيشه سكان القطاع مع صقيع الشتاء ونقص الفرشات والأغطية يؤثر بشكل خطير على أصحاب الأمراض المزمنة، من بينهم إبراهيم عبد الله مريض نقص الدم، والمقيم في شمال قطاع غزة، والذي يضطر للذهاب إلى المستشفيات المتاحة للحصول على وحدات دم، فيما تؤثر الأمطار والبرودة على جسده الضعيف، مما يهدد حياته.

هنا يؤكد إبراهيم عبدالله في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن طقس الشتاء الصعب وانتشار الأمراض يشكل خطرا كبيرا على حياته، خاصة أن العملية العسكرية الإسرائيلية على شمال القطاع لا زالت مستمرة حتى الآن، ومع عدم توافر البطاطين والملابس الشتوية، مع المنخفضات الجوية التي تضرب القطاع فإن الوضع يزداد كارثية، معقبا على هذا الوقع الصعب الذي يعيشه قائلا :"عايشين حتى يأخذ ربنا أمانته والأمر لم يعد يتحمله أحد في الشمال".

غرق المخيمات
غرق المخيمات

 

قبل نهاية العام بيوم واحد، تعرضت مخيمات النزوح في غزة لموجة من الأمطار الغزيرة، ما أدى إلى غرق العديد من الخيام التي يأوي فيها النازحون، حيث ناشد السكان الجهات المعنية بتوفير المساعدات العاجلة والدعم الإغاثي للمتضررين من هذه الكارثة الطبيعية في ظل الظروف الاستثنائية التي يمرون بها.

فيديو لأثار المطر على سكان غزة

هذه النداءات سبقها تحذير أيضا من المكتب الإعلامي الحكومي بعزة، بشأن مُنخفض جوي عالي الفعالية ضرب القطاع، وأثر عليه بشكل كبير، حيث تسبب في هطول كميات غزيرة من الأمطار تتراوح بين 60-80 ملم في السيناريو الأعلى، و25-50 ملم في السيناريو الأدنى، مما مثل خطرا كبيرا وتهديدا حقيقيا لخيام النازحين الذين يعانون معاناة مأساوية، تزامن ذلك مع حدوث هبات قوية من الرياح، مع ارتفاع الأمواج إلى أكثر من مترين، وزاد ذلك من تأثيرات المنخفض على المناطق الساحلية الممتلئة بخيام النازحين.

 

من جانبه أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية " أوتشا " أن سلطات الاحتلال لم تسمح سوى بمرور 10 من أصل 21 حركة إنسانية مخططة من قبل الأمم المتحدة في شمال غزة، بينما تم رفض سبع منها بشكل قاطع، وإعاقة ثلاث منها، وإلغاء واحدة، معربا عن قلقه تجاه التأثير الذي يخلفه تناقص إمدادات الوقود على الخدمات الأساسية في القطاع.

 

أعداد الضحايا مرشحة للزيادة

في هذا السياق يؤكد إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامى الحكومى في غزة، أن هناك ضحايا كثر من سكان غزة نتيجة الطقس السئ في فصل الشتاء، وتواجد مئات الآلاف في الخيام التي لا تقى من العواصف والأمطار الغزيرة، مشيرا إلى أن العدد مرشح للزيادة ، لأننا في بداية المنخفضات وبداية موجات الصقيع.

ويقول مدير المكتب الإعلامى الحكومى في غزة، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن الاحتلال يغلق المعابر ويمنع إدخال المساعدات الإنسانية ذات العلاقة بالمأوى للأسر الفلسطينية، مثل الخيام وغيرها يمنع الاحتلال إدخالها.

مخيمات النازحين تحت المطر
مخيمات النازحين تحت المطر

 

ويوضح "الثوابتة"، أن هذا الأمر عمل على تأزيم الواقع الإنساني بشكل كبير ومتواصل، لافتا إلى أن 81%  من الخيام غير صالحة للاستخدام، وكذلك هناك انتشار للأمراض، خاصة نزلات البرد والانفلونزا، والكارثة أن هذه الأمراض لا يوجد لها أدوية وعلاجات لأن الاحتلال يغلق المعابر ويمنع إدخال الادوية والعلاجات.

وبشأن وضع النازحون في مخيم الشاطئ القريب من البحر، وخطر ارتفاع الأمواج في فصل الشتاء يقول :" من الصعب نقل عشرات الآلاف من النازحين في مخيم الشاطئ إلى أي مكان أخر لأن كافة الأماكن في قطاع غزة غير مهيئة على الإطلاق لاستقبال هذا العدد الكبير من النازحين ووضعهم أصبح صعبا للغاية في ظل هذا الطقس السئ ومع استمرار القصف والعدوان الإسرائيلي".

استغاثات أهل غزة من الشتاء

 

لا توجد أنظمة صرف صحي وتصريف أمطار

في 27 ديسمبر الماضي، أعلنت وزارة الصحة في غزة، وفاة الطبيب أحمد الزهارنة، الذي كان يعمل في مستشفى غزة الأوروبي ومستشفى الصليب الأحمر الميداني، نتيجة البرد القارس، حيث تم العثور عليه جثة هامدة داخل خيمته في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس.

هذه الواقعة تشير إلى أن الأطباء أصبحوا أيضا ضمن ضحايا هذا الطقس السئ، وهو ما يؤكده الدكتور عائد ياغي، مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة، بأن كافة الفئات وبينهم القطاع الصحي هم ضحايا صقيع الشتاء، حيث يتوقع تزايد التوقعات بموجات انخفاض أخرى في درجات الحرارة في قطاع غزة، سيجعل أعداد الضحايا من سكان غزة نتيجة الطقس السئ كبيرة.

مخيمات النازحين في غزة
مخيمات النازحين في غزة

 

ويضيف مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن غالبية الضحايا من البرد والطقس هم من الأطفال، وكافة المناشدات من أجل التحرك الدولى وقف انتهاكات الاحتلال وتوفير المساعدات الإنسانية ذات العلاقة بالمأوى لم تعد ذات جدوى.

وبشأن استشهاد أحد الأطقم الطبية متجمدا داخل خيمته، يقول مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة،  :"المتوفي حسب ما أعلنت وزارة الصحة هو ممرض، والطواقم الطبية مثلها مثل بقية ابناء شعبنا يتعرضون لنفس الظروف من قتل و استهداف و انعدام ابسط وسائل الحياة من سكن ومأكل ومشرب".

ويتابع "ياغي" :"في ظل هذه الأجواء الباردة نحن نتخوف على حياة المئات من المواطنين وخاصة الأطفال الرضع وكبار السن، بالإضافة إلى أن منطقة الخيام وما بين الخيام هي منطقة رملية وغير مهيئة للسكن والحياة وتكون الخيام معرضة لدخول مياه الأمطار فيها، وتضرر جميع ممتلكات السكان من فراش وأغطية، علما بأنه لا توجد في هذه المناطق أنظمة صرف صحي وتصريف أمطار".

أطفال غزة يواجهون البرد بملابس صيفية
 

شهادة خرجت من روزاليا بولين، مسؤولة الاتصالات الرئيسية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" بغزة في 23 ديسمبر الماضي، عن الوضع الكارثي لأطفال القطاع الذين يواجهون الشتاء، مؤكدة أن تلك الفئة تواجه البرد القاسي وهم حفاة الأقدام، والكثير منهم يرتدون ملابس الصيف، لافتة إلى أن الأطفال يبحثون بين الأنقاض عن قطع بلاستيكية ليحرقوها، وأن الأمراض منتشرة في قطاع غزة في ظل انعدام الخدمات الصحية وتعرض المستشفيات للهجوم بشكل مستمر.

مخيمات غزة
مخيمات غزة

 

وطالبت مسؤولة الاتصالات الرئيسية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة بغزة، بضرورة إجلاء الأطفال المصابين بجروح خطيرة وآبائهم للعلاج خارج القطاع والبحث عن رعاية طبية منقذة للحياة في أي مكان آخر، خاصة أن كل يوم يمر دون عمل يسرق يوما آخر من أطفال غزة وكل تأخير يكلف مزيدا من الأرواح.

تصريحات روزاليا بولين، يؤكدها الكاتب الفلسطيني عاهد فروانة، أمين سر نقابة الصحفيين الفلسطينيين، والنازح بإحدى خيم القطاع، بأن الكثير من السكان لا زالوا لا يجدون ملابس للشتاء، ولا يستطيعون شراء الصوف لأبنائهم الأطفال أو لأسرهم في ظل رفض الاحتلال إدخال المساعدات والمستلزمات الطبية، موضحا المخيمات القريبة من البحر وضعها صعبا للغاية بسبب ارتفاع الأمواج والتي تسبب في غرق هذه الخيام بشكل كبير.

ويضيف أمين سر نقابة الصحفيين الفلسطينيين في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الخيام وضعها صعبا للغاية، خاصة مع مرور أكثر من عام على هذه الخيام وتأثير العوامل الجوية عليها واستمرار هذه المخيمات في هذا الطقس السيء سيؤدي إلى المزيد من الوفيات وخاصة بين الأطفال وكبار السن، حتى أن أحد الممرضين توفي قبل عدة أيام بسبب البرد.

الصحة العالمية توضح خطورة الشتاء على صحة الأطفال والنازحين

تصريحات مهمة أيضا صادرة عن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس في منشور على منصة X في 6 يناير الجاري، كشف فيها تأثير صقيع الشتاء على الأطفال، قائلا إن️ أطفال غزة يدفعون حياتهم ثمنا للحرب، خاصة أن  7 من الأطفال الذين ولدوا في القطاع خلال ديسمبر 2024، توفوا بسبب انخفاض حرارة الجسم، وفقا للمعلومات الأولية.

تغريدة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية حول تأثير البرد على أطفال غزة
تغريدة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية حول تأثير البرد على أطفال غزة

 

فيما كشفت منظمة الصحة العالمية عبر بيان لها في اليوم التالي مباشرة، خطورة المنخفضات الجوية على النازحين، موضحة أنه ️مع انخفاض درجات الحرارة، فإن الأمطار الغزيرة والطقس البارد يجعلان البقاء على قيد الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للعائلات النازحة، خاصة أن العديد من الأشخاص يواجهون مشاكل في المأوى بسبب دخول المياه إلى الخيام وتضررها، كما أن ️ظروف الشتاء الباردة تزيد أيضًا من انتشار الأمراض في القطاع.

فيديو غرق الخيام بسبب المطر

 

طبيعة إصابات الأطفال بسبب الشتاء الواردة لمستشفيات غزة

من جانبه يتحدث الدكتور خالد السعيدني طبيب بمستشفى شهداء الأقصى، عن طبيعة الأمراض التي تنتشر بين أطفال غزة في ظل ضرب المنخفضات الجوية للقطاع، وبرودة الجو، مشيرا إلى أن أغلب الحالات التي تتردد على المستشفى لأطفال مصابين بنزلات شعب هوائية خاصة أطفال الحضانة وهو ما يزيد خطورة المرض عليهم لأن مناعتهم ليست قوية لمواجهة أمراض الشتاء.

ويضيف "السعيدني"، لـ"اليوم السابع"، أن أغلب الخيام تتواجد في منطقة ساحلية وعلى البحر وهناك مخفضات جوية وأمطار غزيرة مما تؤثر على حياة النازحين بالسلب خاصة بالأطفال، وبعض الخيم إما غرقت أو طارت والمياه أصبحت تتسرب إلى الخيام.

ويقول طبيب الأطفال الفلسطيني، إن أمراض نزلات شعب هوائية والتهابات الرئوية والانفلونزا والرشح هي الأمراض المنتشرة الآن بين الأطفال وأسباب وفيات الأطفال هو عدم توافر العلاج وانهيار المنظومة الصحية، بجانب موجود بعض التلوث وعدم النظافة بطريقة صحيح مما زاد من انتشار التهابات الرئوية وأصبحنا نرى صور أشعة خاصة بتلك الأمراض على الصدر لم نكن نراها منذ فترة كبيرة، ولكن نراها الآن بصورة متكررة وكثيرة.

أطفال غزة بدون أحذية وأغطية في الشتاء

منذ بداية العدوان، وأطلقت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني حملة بعنوان "حملة الشتاء الدافىء"، لمحاولة استيعاب احتياجات النازحين الذين أصبحوا بمئات الآلاف في الخيام وتوفير البطاطين والفرشات لهم لتقيهم من الطقس السيء، ولكن زادت الأمور سوءا في ظل تعنت الاحتلال في غلق المعابر، مما جعل الآلاف من الأسر الفلسطينية بدون مستلزمات الشتاء، وهو ما تؤكده نبال فرسخ المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، من خلال تأكيدها أن كثير من الأسر في غزة بدون أغطية وفرشات في ظل حياتهم القاسية في المخيمات.

وتقول المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إنه مع حلول فصل الشتاء والمنخفض الجوي الذي يضرب قطاع غزة تتضاعف معاناة النازحين جراء وضع الخيم المتهرئة ونقص الملابس ووسائل التدفئة وبعض الأطفال بدون أحذية حتى فضلا عن نقص الأغطية.

وتشير "فرسخ إلى خطورة استمرار إغلاق معبر رفح البري، لليوم الـ 240 على التوالي، في ظل منع الاحتلال إدخال الوقود والإمدادات الطبية والمساعدات الغذائية والبضائع التجارية عبر المعبر، وهو ما يُعرض حياة آلاف المرضى والأطفال والنساء لخطر الوفاة.

احتياجات غزة لمواجهة الشتاء.. ربع مليون خيمة لإنقاذ السكان
 

فيما يكشف الدكتور خليل دقران المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، المستلزمات التي يحتاجها القطاع لمواجهة الطقس المنخفض وبرودة الجو، مؤكدا أنه إذا لم يتم إرسال مساعدات من مستلزمات شتوية نخشى أن يكون أعداد الشهداء مرشح للزيادة، في ظل تكدس مستشفيات القطاع عن بكرة أبيها بالمرضى والمصابين، خاصة المرضى الذين انتقلت بينهم الأمراض المعدية نتيجة البرد القارس واختلاط مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي.

"نحن بحاجة إلى ربع مليون خيمة كي نستطيع أن نقدم الجزء اليسير من المحافظة على حياة الأطفال"، حيث يوضح المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، في تصريح لـ"اليوم السابع" حجم المساعدات التي يحتاجها القطاع الآن لمواجهة المنخفضات الجوية المتتالية ومنع زيادة عدد الشهداء بسبب تجمد أجسامهم نتيجة البرد الشديد، قائلا: "نطالب المجتمع الدولى والمنظمات الدولية على رأسها منظمة الصحة العالمية بضرورة التدخل الفوري والقوي للضغط على الاحتلال لإرسال الخيام الموجودة على مداخل ومعابر غزة وكذلك إرسال ملابس شتوية".

ويوضح "دقران" طبيعة الأمراض المنتشرة في الفترة الراهنة والتي أدت لتكدس المستشفيات، مؤكدا أن معظم الخيام غرقت مما أدى إلى انتقال الأمراض بين الأطفال خاصة أمراض النزلات المعوية وأمراض التهاب الجهاز التنفسي وأمراض الجلدية، خاصة أن المناعة عند الأطفال ضعيفة وهو ما يستدعي الإسراع في إغاثة الموطنين في القطاع قبل فوات الأمان.

ورغم مرور عدة أسابيع من حلول الشتاء في 21 ديسمبر الماضي، إلا أن العالم لا زال صامتا تجاه كافة استغاثات غزة لمواجهة هذا المناخ القاتل، وإرسال مستلزمات تقيهم من الموت المحقق، وهنا يتدخل متحدث الصحة في غزة، موجها رسالة عاجلة للمجتمع الدولى قائلا: "لابد من تدخل المنظمات الدولية لتقف أمام مسئولياتها للضغط على الاحتلال لإرسال حليب خاصة للأطفال ومستلزمات الشتاء لأن القطاع منذ 16 شهرا لم يصل له أي نوع من الملابس والنازحين عندما دمر الاحتلال منازلهم على رؤوسهم دمر معها جميع المحتويات من ملابس وفراش وأغطية ومستلزمات خاصة بهؤلاء الأطفال".

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة