خبير بيئي: 152 مليار دولار حجم الأضرار المباشرة عن الحرب في أوكرانيا

السبت، 07 سبتمبر 2024 10:23 ص
خبير بيئي: 152 مليار دولار حجم الأضرار المباشرة عن الحرب في أوكرانيا الدكتور تحسين شعلة
كتب ــ أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أكد الدكتور تحسين شعلة، رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية والبيئة، أن تداعيات الحروب تتسع لتشمل مختلف القطاعات في مناطق النزاع، حيث تهيمن آثارها الاقتصادية والسياسية على اهتمامات الجميع، وتحتل مكانة بارزة في أولويات الحكومات المحلية والدولية.

وأضاف "شعلة"، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن تأثير الحرب على البيئة وتغير المناخ لا يزال يُعتبر من القضايا المهمشة، رغم خطورته وأضراره الجسيمة، كما أن النزاعات المسلحة تؤدي إلى تعطيل الجهود المتعلقة بالمناخ، مما يزيد من نقص الموارد اللازمة لمواجهة تحدياته، ويعوق القدرة على تطوير مشاريع استراتيجية تهدف إلى حماية البيئة وتلبية احتياجات السكان المتنوعة، خاصة في ظل تفاقم آثار تغير المناخ.

وأوضح رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية والبيئة، أن المركبات العسكرية تستهلك كميات هائلة من الوقود الأحفوري، حيث أسفرت العمليات العسكرية في مناطق النزاع عن انبعاث مئات الآلاف من الأطنان من أول أكسيد الكربون، وأكاسيد النيتروجين، والهيدروكربونات، وثاني أكسيد الكبريت، بالإضافة إلى ثاني أكسيد الكربون، وأدى تلوث الهواء الناتج عن هذه المركبات والأسلحة إلى تأثيرات سلبية على الصحة العامة لكل من المدنيين والعسكريين في مناطق النزاع، كما تسهم الحروب والصراعات في زيادة انبعاثات غازات الدفيئة، التي تُعتبر من العوامل الرئيسية المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.

وأشار إلى أن الحرب تستهلك موارد هائلة وغالبًا ما تؤدي إلى أضرار بيئية جسيمة تشمل التكاليف البيئية للعمليات العسكرية تدمير البنية التحتية والاضطرابات التي تحدثها في مشاريع وسياسات الطاقة الخضراء، وهي جوانب لا يمكن إغفالها عند تقييم التأثير الشامل للحروب، حيث إن الاقتصاد الإسرائيلي يتكبد خسائر يومية تقدر بحوالي 80 مليون دولار نتيجة النزاع في غزة، فيما بلغت الأضرار المباشرة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا ما يقرب من 152 مليار دولار حتى الآن، وتُشير التقديرات إلى أن تعطيل الناتج الاقتصادي والتجارة، بالإضافة إلى تكاليف إزالة الأنقاض، ستُضيف 499 مليار دولار أخرى إلى إجمالي الخسائر، بينما بلغت الخسائر الروسية أربعة وثلاثين مليار دولار.

وأكد أن الجيوش والحروب والصراعات في العالم تسهم بنسبة 5.5% من انبعاثات غازات الدفيئة، كما أن الأشهر السبعة الأولى من الحرب الروسية الأوكرانية وحدها تسببت في انبعاث ما لا يقل عن 100 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وقال إنه عند دراسة الممارسات العسكرية التي تؤدي إلى انبعاثات كربونية مرتفعة في مناطق النزاع والأزمات، يتضح أنها تتسبب في تدمير المخازن الطبيعية للكربون، مثل الغابات والأشجار، بالإضافة إلى تدمير مستودعات الكربون التي أنشأها الإنسان، مثل البنية التحتية للطاقة وآبار النفط، كما تلحق الأضرار بأنظمة الطاقة المتجددة في تلك البلدان.

وأشار إلى أنه في أوكرانيا، توقفت 90% من طاقة الرياح و50% من قدرة الطاقة الشمسية منذ بداية الحرب، وفقًا لتحليل أجرته مؤسسة باور تكنولوجي، كما تؤدي الحروب إلى تدمير التنوع البيولوجي وزيادة التلوث، مما يسهم بشكل كبير في تدهور البيئة، بينما في حالة أوكرانيا، وثق الصحفيون والنشطاء العديد من الجرائم البيئية والإبادة التي لحقت بالطبيعة، بدءًا من الهجمات على المنشآت الصناعية التي تلوث مصادر المياه الجوفية، وصولًا إلى القصف المتعمد لملاجئ الحياة البرية وغيرها من النظم البيئية الحيوية. يمكن أن تؤدي الأضرار الجانبية للنزاع إلى قتل ما يصل إلى 90% من الحيوانات الكبيرة في مناطق الحرب.

وقال تحسين شعلة، إن منطقتي شمال أفريقيا والشرق الأوسط يعتبران من أكبر المناطق في العالم من حيث عدد المهاجرين داخليًا، حيث تشكل نسبتهم 23% من إجمالي المهاجرين على مستوى العالم، بحلول نهاية عام 2023، بلغ عدد المهاجرين داخليًا 16.2 مليون شخص، مع تصدر اليمن وسوريا قائمة الدول الأكثر تأثرًا بالهجرة الداخلية في هذه المنطقة، كما أصبح المناخ عاملًا شائعًا يدفع للهجرة، مما زاد من تفاقم الأوضاع الناتجة عن الهجرة الداخلية التي نشأت أساسًا بسبب الصراعات والحروب الأهلية في اليمن وسوريا.

وأشار إلى أن التغيرات والفوضى المناخية تؤدى إلى زيادة المخاطر في المناطق الريفية، حيث تفتقر الحلول المستدامة للأزمة، مما يدفع السكان إلى الانتقال إلى المدن، وقد زاد تأثير تغير المناخ على الوضع المتدهور للهجرة الداخلية في سوريا واليمن، حيث تعاني الدولتان من تغيرات مناخية حادة تشمل ارتفاع درجات الحرارة، التصحر، ندرة المياه، وتدهور النظم البيئية البحرية والساحلية، بالإضافة إلى مستويات مرتفعة من تلوث الهواء.

أكد رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية والبيئة، أن الفيضانات تُعتبر من أبرز المخاطر المناخية في اليمن، حيث إنها تؤدى تدمير المساكن والبنية التحتية الإنتاجية، بالإضافة إلى إصابة أو وفاة أو الأفراد حيث أدت إلى نزوح حوالي 174 ألف شخص في عام 2023، وقبل عشر سنوات، في عام 2013، لم يتجاوز عدد النازحين بسبب الفيضانات 10 آلاف شخص، مما يُظهر الزيادة الملحوظة في حالات الهجرة نتيجة التغيرات والفوضى المناخية، ولكن خلال الفترة من يناير إلى مايو 2024، شهدت اليمن أكبر موجات هجرة، حيث تجاوز عدد النازحين 1000 شخص بسبب الفوضى المناخية، بينما كانت حالات الهجرة الناتجة عن النزاعات تؤثر على مئات الأفراد في كل حالة، وفي عام 2023، كانت حالات الهجرة الناتجة عن التغيرات المناخية والفوضى تفوق تلك الناتجة عن الصراعات، ومن بين المخاطر المناخية الرئيسية التي يواجهها السكان، تبرز حرائق الغابات، والأعاصير، والفيضانات، والجفاف، وبين 17 و22 أبريل 2024، تم تسجيل هجرة 2875 شخصًا إلى المخيمات في عدة محافظات يمنية، وكانت معظم حالات الهجرة الداخلية نتيجة الفيضانات.

وأشار إلى أن منطقة النزاع بين روسيا وأوكرانيا واحدة تعد من أبرد وأقسى المناطق النائية على وجه الأرض، وطالما كان مناخها القاسي ودرجات الحرارة المنخفضة عائقًا طبيعيًا أمام التنمية والاستغلال، لكن يبدو أن هذا الوضع بدأ يتغير بشكل سري، حيث إن اليوم، لم تعد هذه البرية النائية في القطب الشمالي كما كانت قبل عقود، وأدت التأثيرات الكارثية للاحتباس الحراري إلى ذوبان القمم الجليدية القطبية، مما جعل الوصول إلى الموارد التي تقدر قيمتها بعشرات التريليونات من الدولارات أكثر سهولة للروس مقارنة بالآخرين.

وأكد "شعلة"، أن روسيا تعد رابع أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم، حيث تمثل 4.6% من إجمالي الانبعاثات العالمية، كما أن نصيب الفرد من الانبعاثات في روسيا يعد من بين الأعلى عالميًا، إذ يتجاوز بنسبة 53% ما هو موجود في الصين، وبنسبة 79% ما هو في الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من أن روسيا تمتلك إمكانيات هائلة في مجال الطاقة المتجددة، إلا أن حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الروسي تظل ضئيلة وهي أقل من 0.1% من طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية، ولا توجد خطط واضحة للاستثمار بشكل كبير في تطويرها، موضحا أن الحروب تؤثر سلبا على كل الملفات المتعلقة بالتغيرات المناخية مما يعطل حركة التحول الى الاقتصاد الأخضر ويزيد من النتائج السلبية الناجمة عن الفوضى المناخية وتبعاتها.

وأوضح أن غزة تواجه تداعيات خطيرة لتغير المناخ تتطلب استجابة عاجلة، لكن الحرب والحصار يعيقان تنفيذ مشاريع التخفيف والتكيف مع الفوضى المناخية، كما تتعرض البيئة في غزة لتأثيرات سلبية نتيجة استخدام أسلحة كيميائية محظورة، مثل الفسفور الأبيض، مما يؤثر على التربة والمياه والكائنات البحرية، كما أن السلطات الإسرائيلية تمنع دخول مواد ضرورية لحماية السواحل من التآكل، مما يزيد من خطر الفيضانات، وتعاني غزة من بنية تحتية متهالكة ونظام كهربائي ضعيف، مما يصعب مواجهة موجات الحر الناتجة عن تغير المناخ ويؤثر سلبًا على الحياة اليومية والاقتصاد.

وقال إن التغيرات المناخية تؤدي على المدى الطويل إلى ظهور توترات اجتماعية بين المهاجرين والمجتمعات المضيفة نتيجة التنافس على الموارد الأساسية مثل المياه والأراضي، موضحا أنه يمكن اعتبار أن المخاطر المناخية الرئيسية التي تواجه الدول التي تعاني من صراعات داخلية وفوضى مناخية تتجلى في تأثيرات هذه التغيرات والفوضى على الزراعة وسبل العيش، بالإضافة إلى تفاقم مشكلة انعدام الأمن الغذائي.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة