انطلقت أولى ندوات الملتقى الفكرى الذي يقام ضمن فعاليات مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، بعنوان "العروض القصيرة ومناهج التدريب المسرحي" وشارك فيها الممثلة والمخرجة المصرية نادين خالد، والباحثة والناقدة السورية لينا الرواس، والناقد التونسي حسام المسعدي.
وفي البداية، قالت المخرجة نادين خالد، إن عملية تدريب الممثلين الهواة لابد ألا تبدأ أولا بالنص المسرحي لأنه لن يدركه ولن يعرف التعامل معه، مشيرة إلى أنه على المدرب وقتها أو المخرج أن يتعامل أولا مع وعيه وتعريفه على أدواته كممثل والمطلوب تأديته في الدور، وضروري في البداية أن يتعلم كيف يتحكم فيه ويطوع أدواته في تمثيل شخصيات مختلفة، والتحكم في حركة جسده وأهميتها في التأثير على تأدية الشخصية - كيفية خلق الشخصية المسرحية - تنمية الخيال والتفكير الإبداعي.
وأضافت "نادين خالد" أن عملية التدريب يكون بها نصين أحدهما ظاهر وهو النص المسرحي الذي يتم تقديمه، وآخر خفي من الممكن يكون فكرة أو موقف أو جملة في عقّل الممثل، مشيرة إلى أنها لا تقصد من ذلك عدم أهمية النص، لكنه يأتي في البداية في مرحلة تالية بعد مراحل أخرى مهمة مثل تأسيسية مثل تمارين الأداء، ثم يأتي بعد ذلك النص، وستكون النتيجة مختلفة عما إذ حصل عليه في البداية لأنه لن يستوعبه، لكن الوضع يختلف بالتأكيد للممثل المحترف، نتيجة الخبرات والممارسة العملية التي قاموا بها.
وتري "خالد" أن التدريب المسرحي لا يحتاج إلى نص كبير بالضرورة في كل الأحيان، بل أحيانا يمكن الاعتماد على الفكرة فقط أو جملة بسيطة أو لا نص من الأساس، بمعني أن لو كان التدريب عن لغة الجسد أو المايم أو التعبير الحركي أو مسرح العرائس، هذه أنواع من المسرح ليس بالضروري وجود نص فيها، وبالتالي يمكن عمل تدريب مسرحي عنها بدون وجود نص مكتوب لكن بالضرورة يوجد أفكار يمكن تطويرها إلى مواقف لمعرفة كيفية التعبير عنها. وهذه المواقف لتكون تتابع مفهوم داخل الممثل او المؤدي اثناء تعبيره عنها.
من جانبها قالت الناقدة والباحثة السورية لينا الرواس، أنه مع تطور فن المسرح، أصبح التدريب المسرحي عنصرًا أساسيًا لصقل مهارات الممثلين والمخرجين، وهنا برزت المناهج، واختلفت الطرق وتعددت الأساليب، ومن بينها تبرز برامج التدريبات المسرحية من خلال النصوص القصيرة، مشيرة إلى أن استخدام صيغ أدائية مثل المونولوج القصير أو مسرحية من فصل واحد يساعد في تجسيد الخطط التدريبية واختبار نتائجها في وقت وجيز، فالنصوص القصيرة توفر بيئة مثالية للتطبيق العملي في برامج التدريب المسرحي.
وأضافت الرواس، أنه عندما نعمل على نص قصير، سواء كان ذلك في سياق ورشة تدريبية أو ضمن عرض مسرحي، نُجبر على التركيز على الحركة، والإيقاع، والصوت، والتفاعل الفوري. وهذا ما يجعل تجربتنا متكاملة، تتظاهر فيها قوى الغخراج والتمثيل والكتابة لغاية إيصال المعنى، وهو هدفنا الأسمى في هذه العملية، لافتة إلى أن النصوص القصيرة توفر مادة تدريبية يمكن تنفيذها ومراجعتها بشكل سريع، بدلًا من الخوض في نصوص طويلة، غير أن النصوص القصيرة تسمح بالتجريب وتتيح المرونة الإبداعية، مما يجعلها مناسبة جدًا لورش التدريب التي تهدف إلى استكشاف أشكال جديدة من الأداء المسرحي.
وأتمت الناقدة السورية، أن النصوص القصيرة ليست مجرد وسيلة تدريبية، بل هي أداة للتعلم والابتكار المسرحي. فهي تدفعنا إلى البحث عن الجوهر والمعنى الكامن، وتُعلمنا كيف نستغل كل لحظة لنقل الرسالة الفنية بوضوح وفعالية.
في السياق نفسه، قال الباحث التونسي حسام المسعدي، إن الاشتغال على نص قصير يدفع بالممثل إلى تحريك ذاكرته الانفعالية والجسدية حتى يستطيع التحرر من قوالب النص الضيقة، ويفتح مدرات الارتجال لديه على عوالم ومناخات أخرى بهذا المعنى فإن الاشتغال على النصوص القصيرة أثناء التدريبات المسرحية هي عملية تدخل من باب تكوين الممثل وفتح أفق التمثيل لديه على مدارات أرحب وأوسع. وبالتالي فهي عملية تمكنه من اكتشاف قدراته الجسدية والحركية والحسية والنفسية، والوجدانية. فالممثل هنا يواجه ذاته ويجابهها ويتصارع معها من أجل أن يخلق جسدية أخرى ولغة حركية مختلفة، ولكنها نابعة منه ومن ذاته.
وتقام فعاليات الدورة الحادية عشرة من مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، خلال الفترة من27 سبتمبر الحالي إلى الأول من أكتوبر المقبل، وذلك تحت رعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، ويمثل منصة لاكتشاف وتأهيل وإبراز هواة "أبو الفنون" في المنطقة الشرقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة