سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 29 سبتمبر 1960.. جمال عبدالناصر يتراجع عن قراره بالتدخل عسكريا ضد الحركة الانفصالية فى سوريا ويأمر بعودة قوات المظلات والطائرات المتجهة إلى اللاذقية

الأحد، 29 سبتمبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 29 سبتمبر 1960.. جمال عبدالناصر يتراجع عن قراره بالتدخل عسكريا ضد الحركة الانفصالية فى سوريا ويأمر بعودة قوات المظلات والطائرات المتجهة إلى اللاذقية جمال عبدالناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كانت الساعة الخامسة وعشر دقائق صباح يوم 28 سبتمبر عام 1961، حين دق جرس التليفون بجوار فراش الرئيس جمال عبدالناصر ليتلقى واحدة من أكبر صدماته، وهى قيام حركة انقلابية فى سوريا ضد الوحدة مع مصر، والتى بدأت فى 22 فبراير عام 1958 كأول تجربة وحدة عربية فى التاريخ الحديث، وبحسب تعبير الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، فى كتابه «سنوات الغليان»، فإن الحدث كان «أكبر صدمة وجهت إلى الحركة الثورية العربية منذ بدأت مسيرتها من يوم 23 يوليو 1952».


يذكر «هيكل» أن عبدالناصر انتقل إلى مبنى الإذاعة فى الساعة السابعة والنصف صباحا، وتحول مكتب مدير الإذاعة إلى مقر مؤقت له لمتابعة الموقف مع دمشق، وفى الساعة الثامنة استطاعت أجهزة الإذاعة مع أجهزة القوات المسلحة توصيل خط بينه وبين عبدالحكيم عامر الموجود فى سوريا، ومن خلال ذلك عرف الرئيس أسماء قادة الانقلاب.


يضيف «هيكل»، أنه وعبر اتصالات متتابعة طوال اليوم تابع جمال عبدالناصر الموقف وأذاع خطابا مرتجلا حتى يضمن أن ضباط الانقلاب يعرفون منه الموقف مباشرة، ويكشف: «كان هناك انقسام فى الجيش السورى، وعبر الانقسام عن نفسه بطريقة أوضح عندما بدأت إذاعة حلب تذيع بيانات معارضة لانقلاب دمشق، وتعلن أن قواتها سوف تزحف على العاصمة لتطهيرها من المتمردين، وللحفاظ على الوحدة، ثم أعلنت قيادة هذه القوات فى اللاذقية أنها تطلب مددا من الجمهورية العربية المتحدة لتقوم بواجبها المقدس».
قرر جمال عبدالناصر الاستجابة وشرح ذلك تفصيلا فى خطاب له ألقاه فى «ميدان الجمهورية» فى 29 سبتمبر، مثل هذا اليوم 1961، ووفقا للجزء الرابع من «جمال عبدالناصر - الأوراق الخاصة» قال عبدالناصر: «قررت أن ألبى هذا النداء، وقررت أن أساند الشعب السورى الذى ساند المبادئ وساند الوحدة، وأصدرت الأوامر بنقل لوائين مظلات إلى اللاذقية، وأصدرت الأوامر إلى القوات البحرية كلها أن تتحرك، فتحركت فى الحال، وأصدرت الأوامر بمصادرة كل سفننا واستخدامها فى نقل القوات، هذا الموقف كان أمس بعد الظهر، وبدأت القوات تتحرك، وتحرك الأسطول، وتحركت الطائرات تحمل 2000 من جنود المظلات، لكى ينزلوا فى اللاذقية».


أضاف جمال عبدالناصر: «كان الموقف يستدعى التفكير، هل يسفك دم العربى بيد العربى؟ هل يتقاتل العربى ضد العربى؟ ولمصلحة من سفك الدماء؟ ولمصلحة من نحارب بعضنا البعض وهناك الأعداء يتربصون بنا؟


طرح عبدالناصر هذه الأسئلة كمدخل للقرار الذى توصل إليه وهو حسب نص ما جاء فى خطابه: «أصدرت الأوامر قبل منتصف الليل بقليل بالأمس، بأن تعود جميع الطائرات التى كانت متجهة فى اللاذقية، ولكن كان قد صدر الأمر بعد أن أسقط 120 فردا بالباراشوت فى اللاذقية، ولكن باقى الألفين، أعطيناهم أوامر بالرجوع أو عدم التحرك، وكانت قوة المظلات التى تحركت بالأمس فيها مصريون وسوريون، لأنه توجد هنا كتيبة مظلات سوريون».


أضاف عبدالناصر: «أصدرت الأوامر للقوات التى نزلت قبل منتصف ليل أمس فى اللاذقية بألا تطلق طلقة واحدة، وبأن تسلم نفسها إلى قائد المنطقة البحرية هناك، وكانت القوات البحرية قد وصلت إلى مشارف اللاذقية، فماذا حدث؟ أصدرت لها الأوامر بأن تعود».


وقال عبدالناصر فى خطابه: «ونحن نواجه هذه اللحظات الحاسمة فى تاريخ الوطن العربى، فإنه ليس هناك وقت يدعونا إلى التمسك بعروبتنا أكثر من هذا الوقت، إننى أعرف أن فى النفوس هنا مرارة، وأن فى النفوس هنا ألم، ولكن يجب ألا نجعل الشعور بالمرارة يغلب العقل أو يغلب الحكمة، هناك من يقول: هل نحنا طلبنا وحدة، هم الذين طلبوا الوحدة، وهذا حقيقى، ولكنا أمة عربية واحدة.


«قلت لكم كثيرا إن بتتنكس المبادئ والثورات والانتفاضات وحركات التحرير، ولكن الشعوب الحية لا يمكن أن تموت، وشعوبنا شعوب حية، الشعب العربى شعب حى لا يمكن أن يموت بأى حال من الأحوال، أطلب الآن من هذه الأمة أن ترتفع على جراحها، وأن ترتفع على شعورها بالألم، وإننى لأشعر الآن بأحاسيس كلها تتجه مع الشعب العربى فى سوريا، إن الوحدة هى إرادة شعبية، ولن أرضى من جانبى أن أحول الوحدة إلى عملية عسكرية، وهذا هو السبب فى إصدار الأوامر بإلغاء العمليات العسكرية بالأمس».







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة