محمد كمال

مصر وأمريكا بدون مشروطية

الإثنين، 23 سبتمبر 2024 08:19 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

‏شهدت العلاقات المصرية الأمريكية تطورات مهمة فى الأسبوعين الأخيرين، كان أولها إسقاط الولايات المتحدة لأى مشروطية فى تقديم المساعدات العسكرية لهذا العام، التى تسببت فى السنوات الماضية فى حجب جانب منها، وأوضح وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن أن هذا الإجراء جاء استنادا إلى «مصلحة الأمن القومى الأمريكى».


أعقبت ذلك زيارة بلينكن لمصر، ورغم الانشغال الداخلى الأمريكى بحملة الانتخابات الرئاسية، وتفجر الأوضاع الإقليمية فى الشرق الأوسط، فإن بلينكن جاء للقاهرة لبدء جولة جديدة من الحوار الاستراتيجى بين البلدين، أى أن الجانب الثنائى فى العلاقة كان الهدف الأساسى لهذه الزيارة.


زيارة بلينكن فى هذه الظروف واستئناف الحوار الاستراتيجى بين مصر والولايات المتحدة بعد توقف ما يقرب من ثلاث سنوات يؤكد على أهمية مصر للجانب الأمريكى وأهمية العلاقات بين البلدين.


‏أهمية مصر جاءت على لسان بلينكن، عندما استخدم عبارة «أن مصر لا تزال شريكا لا يمكن الاستغناء عنه»، وأشار على وجه الخصوص إلى سعى مصر للوصول لهدنة فى غزة، ودورها فى العديد من القضايا الإقليمية الأخرى مثل ليبيا والسودان، وجهودها فى مكافحة الإرهاب، والمشاركة فى قوات حفظ السلام فى مناطق متعددة بالعالم.


‏حديث بلينكن جاء ردا على بعض الأصوات الأمريكية التى رددت فى السنوات الأخيرة أن مصر فقدت أهميتها الاستراتيجية، ورد بلينكن لم يكن على سبيل المجاملة الدبلوماسية، ولكن كان تعبيرا عن حقيقة وواقع أثبتته الأزمات الأخيرة فى المنطقة، ودور مصر كشريك أساسى فى التعامل معها.


إلا أن أهم ما يميز الجولة الجديدة للحوار الاستراتيجى بين البلدين أنها لم تتناول فقط الشراكة فى الجهود الدبلوماسية وحل الصراعات بالمنطقة، ولكن ركزت بشكل أكبر على التعاون فى عدد الملفات الثنائية المرتبطة بعملية التنمية.


على سبيل المثال، تم التباحث بشأن قضايا تتعلق بمساندة برامج الإصلاح الاقتصادى، والشراكة فى مجالات التعليم والبحث العلمى، وتقديم المزيد من المنح لمبتعثين للدراسة بالولايات المتحدة، وقضايا المناخ والمياه والطاقة المتجددة، والآثار، وريادة الأعمال، وغيرها.


هذا التطور فى العلاقات المصرية الأمريكية يعكس عددا من المعانى، أولها الإدراك الأمريكى لأهمية مصر كقوة للاستقرار والرشادة فى المنطقة، وأن دورها لا يمكن الاستغناء عنه فى العديد من القضايا الملتهبة بالشرق الأوسط، وأن المشروطية تساهم فى تعكير مياه العلاقات مع مصر.


كما أنه يعكس الإدراك المصرى، بأنه رغم التغيرات التى يشهدها هيكل النظام الدولى وترتيبات القوى به والسعى لتنويع الشراكات الدولية، فإن الولايات المتحدة لا تزال دولة كبرى لها وزنها الاقتصادى والاستراتيجى والتكنولوجى فى العالم، ولا تزال تقود المعسكر الغربى، بالإضافة لتأثيرها فى العديد من ملفات المنطقة.


إلا أن الأهم فى الأمر، هو إدراك كل من مصر والولايات المتحدة أن الشراكة الاستراتيجية لا تمنع أن الرؤية من القاهرة قد تختلف أحيانا عن الرؤية من واشنطن بحكم الجغرافيا، وبحكم المصالح الوطنية.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة