عصام عبد القادر يكتب:مثلث تدمير الشعوب..فساد مرتكزات الإلحاد المعاصر.. لايعبأون بقيم الخير وأفعال الشر لكن تحكمهم المنفعة والمصلحة..والأخلاق المقبولة لديهم ما تحقق المتعة وتفي باحتياج الغريزة مهما كانت النتائج

الجمعة، 20 سبتمبر 2024 02:08 م
عصام عبد القادر يكتب:مثلث تدمير الشعوب..فساد مرتكزات الإلحاد المعاصر.. لايعبأون بقيم الخير وأفعال الشر لكن تحكمهم المنفعة والمصلحة..والأخلاق المقبولة لديهم ما تحقق المتعة وتفي باحتياج الغريزة مهما كانت النتائج عصام عبد القادر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إن النظرية التي يؤسس عليها الملحدون فكرتهم في إطارها المعاصر تقوم فلسفتها على إنكار وجود خالق لهذا الكون وأن الطبيعية تعد متحكمة في مجريات الأمور وبالتالي تنبري سلوكياتهم على عدد من المرتكزات يبنون عليها فلسفتهم الفكرية، ومن ثم فإن المرتكز الأولي الذي يؤسس عليها الملحدون الجدد فكرتهم أنه لا خالق لهذا الكون ولا دليل مادي على ذلك؛ حيث يؤكد ملاحدة هذا العصر أن الإله مجرد فكرة تبناها من ليس لديهم أي دليل علمي أو عملي؛ لذا تدحض الفكرة في ضوء تلك المسلمة من وجهة نظرهم البحتة؛ فما يقدم بدون دليل يتم رفضه بلغة العقل والمنطق، ومن ثم يشكل هذا الأمر مبدأ ومرتكزًا رئيسًا في معتقداتهم الفاسدة؛ فقد وصل حد المغالاة والتشدق بزوال ماهية الإيمان بوجود إله من الأصل.

وفي ضوء هذا المرتكز يؤمن الملاحدة المعاصرون بأن نشأة الكون لا صناع له، وأن المصادفة هي سر الطبيعة بمكوناتها المختلفة، وأن العشوائية سر الأحداث التي نعيشها والتقلبات التي نمر بها، ومن ثم فالعالم أزلي من وجهة نظرهم وكل من المادة والطاقة يتحولان من صورة لأخرى، وأن الغيب مستنكر جملة وتفصيلًا ولا تقبله العقول؛ فما تشاهده العيون وما تستشعره الحواس يقبله ويصدقه العقل، وما دون ذلك من سرمديات لا محل لها في وجدانياتهم البالية.

ومن المرتكزات التي يؤسس عليها الملحدون الجدد فكرتهم أن العلم التجريبي أو ما يدعي بالإمبيريقى مصدر المعرفة التي يرتكن عليها العقل دون غيره، وهذا ما جعل الملاحدة المعاصرين يعتمدون على ما تراه العين وتلاحظه وترصده المعينات المادية وثبته التجربة العملية؛ فمن خلالها تتشكل الرؤى والآراء؛ فلا إيمان غيبي بوحي أو رسالات سماوية، وفي هذا الإطار صار الدين عدوًا لدودًا للملحدين الجدد، وأضحت وجدانياته وروحانيته تمثل مصدر التهديد والشرور للإنسانية قاطبة من وجهة نظرهم المحدودة.

وفي خضم هذا المرتكز نجد أن التطرف العلمي بات نزعته جليه؛ فالعلم له مستويات أدناها الكشف عن حقائق جراء تجريب قائم على متغيرات تحتمل الصواب والخطأ مع تكرار المحاولات لتثبت جدواها؛ لذا يعد تجاوز حدود التجربة العلمية التي تسفر عن نتائج ملموسة تخضع لعديد ومزيد من التجريب وفق قوانين محسوبة في فروع العلوم الطبيعية هي الأساس الذي تقوم عليه أفكار الملحدين المعاصرين، وفي المقابل لا مكان ولا مقر ولا تقبل لمشاعر وأحاسيس وروحانيات وعاطفة؛ فمنطق العقل يقوم على تطور مشهود ومرصود تحكمه قوانين ومتغيرات فقط، كما أن النسق الخلقي بالنسبة لهم نسبي في ضوء المنفعة التي تعود منها، وما عدا ذلك لا يؤخذ بعين الاعتبار، وعليه يعد منهج الملاحدة مشوب في جملته.

ووجهة نظر الملاحدة المعاصرين ترفض التمسك بالقيم الخلقية؛ حيث إن فكرتهم تقوم على نسبية الأخلاق؛ فيرى الملحدون في هذا العصر أنه لا مطلق ثابت في الكون؛ فلا ميزان ولا مرجعية تُعاد وتحسب الأمور في ضوئها، وأن جميع ما بالكون يخضع للنسبية بمعنى التغير والاختلاف حوله وفق طبيعة الموقف، وهذا ما يقره الملحدون الجدد، كما أن هناك تباينًا في الأخلاق من مجتمع لآخر ومن شخص لآخر في ضوء معيار المنفعة المحضة، من ثوابت فكر الملحدون في هذا الزمان.

ومسألة استنكار خلق ذميم واستحسان خلق قويم لا يؤمن به الملاحدة الجدد؛ فالمحك لديهم قائم على صورة المنفعة والمصلحة دون سواها من اعتبارات أخرى، كما أن قيم الخير وأفعال الشر لا يعبأ بها الملحدون الجدد؛ لكن الإيمان والمعتقد قائم على الثمرة المتحصل عليها في نهاية المطاف، ومن ثم فإن إطلاق الأخلاق يسبب مفاسد لا حصر لها من وجهة نظر الملحدين المعاصرين.

إن الخلق المقبول لدى الملحدين الجدد يحقق المتعة ويفي باحتياجات الغريزة مهما ترتب عليها من نتائج ومعطيات آنية أو مستقبلية، وعليه فإن تقييم الخلق يخضع للذوق الشخصي في المقام الأول؛ فالحسن منه ما يحقق المنفعة ومن ثم يقره العقل والمنطق، وهذا فكر الملاحدة المعاصرون في مطلقه؛ فقد المتعة ملاذ الملحد وقراره الذي يحوله سلوكه لخلق مقبول بالنسبة له، مهما ترتب عليه من نتائج سلبية حيال الآخرين.

وندرك أن النسبية الأخلاقية فتحت باب تلبية الشهوات والنزوات ومن ثم حفزت الملحدون ومن على شاكلتهم إلى تبني إنكار الخالق عز وجل؛ فلا ثوابت يعمل بها، ولا إطلاق يتبع، كما أن نسبية الأخلاق عند الملحدون الجدد تحض الفرد والمجتمع على السواء إلى عدم الخوف أو الخشية من ممارسة أي شيء يربون فيه؛ فلا رقيب ولا مطلع ولا رادع من وجهة نظرهم، وقد وصل الأمر أن من يقيم الخلق من وجهة نظر الملاحدة المعاصرون هو منطق العقل دون غيره؛ فيحدد الخير والشر والحسن وغير الحسن وفق ما يقره الهوى وتجلبه المصلحة.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة