فى مشهد دامى أعاد إلى الأذهان، انفجارات شحنة نيترات الأمونيوم فى مرفأ بيروت يوم 4 أغسطس2020، حيث فوجئ لبنان فى تمام الساعة 30: 3 عصر أمس الثلاثاء؛ وبينما كان المواطنون يمارسون حياتهم اليومية فمنهم من كانوا يتسوقون أو يجلسون فى المقاهى أو يقودون سياراتهم، بدأت انفجارات هائلة فى الأجهزة اللاسلكية المسماة "بيجر"، التى يحملونها فى أيديهم أو جيوبهم، ما نتج عنه أكثر من 2800 مصاب و12 شهديا من بينهم طفلة وطفل، و نجل على عمار، نائب حزب الله فى البرلمان اللبنانى، إضافة إلى 300 حالة حرجة فى العناية المركزة، ولا تزال أصداء الهجوم الدامى مدوية، فى تطور يعد الأخطر فى تاريخ الخروقات الاستخبارية التقنية.
وأحدثت الانفجارات زعرًا بين المواطنين فى لبنان، وتوترًا فى الداخل الإسرائيلى الذى يستعد لرد فعل حزب الله، حيث رفع جيش الاحتلال حالة التأهب فى أنظمة الدفاع الجوى والقوات الجوية تحسبًا لهجوم من "حزب الله".
5 آلاف جهاز
من جهة أخرى، كشفت مصادر أمنية فى لبنان، وفق موقع "لبنان24"، أن جهاز المخابرات الإسرائيلى (الموساد) زرع متفجرات داخل خمسة آلاف جهاز اتصال لاسلكى (بيجر) استوردها حزب الله قبل 5 أشهر من تفجيرات الثلاثاء.
وذكر المصدر الأمنى اللبناني، أن أجهزة البيجر من إنتاج شركة جولد أبوللو ومقرها تايوان، علمًا أن تلك الشركة أوضحت فى وقت سابق اليوم أنها الأجهزة التى تفجرت من إنتاج شركة بي.أيه.سى فى العاصمة المجرية بودابست، التى لديها ترخيص باستخدام علامتها التجارية.
وقالت المصادر الأمنية، إن حزب الله طلب خمسة آلاف جهاز اتصال من إنتاج شركة جولد أبوللو، وصلت إلى البلاد فى وقت سابق من هذا العام؛ لكنه لفت إلى أن تلك الأجهزة تم تعديلها "فى مرحلة الإنتاج" من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلى، مضيفةً أن "الموساد قام بوضع لوحة داخل البيجر تحوى مادة متفجرة تتلقى شفرة من الصعب جدا اكتشافها بأية وسيلة، حتى باستخدام أى جهاز أو ماسح ضوئي.
وفى السياق نفسه، قالت "سكاى نيوز عربية" أن الموساد الإسرائيلى وضع كمية من مادة "PETN" شديدة الانفجار على بطارية الأجهزة المنفجرة، كما أن زنة العبوة التى تم تفجيرها لم تتجاوز 20 جرامًا من المواد المتفجرة، مشيرة إلى أن "أجهزة الاتصال التى تعرضت للتفجير تم استيرادها قبل 5 أشهر، فيما التحقيق جارٍ فى مجموعة فرضيات حول كيفية تفعيل الشحنة المتفجرة".
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الآلية التى يمكن أن تكون سببًا فى انفجار أجهزة الاتصال التى يحملها عناصر حزب الله فى لبنان وسوريا وأدت إلى استشهاد وإصابة عدد كبير من أفراد الحزب.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها إن "أجهزة البيجر المتضررة كانت من شحنة جديدة حصل عليها حزب الله فى الأيام الأخيرة".
وقال مسؤول فى حزب الله إن "مئات المقاتلين لديهم مثل هذه الأجهزة، متوقعا أن برامج ضارة ربما تسببت فى انفجار الأجهزة"، و أن بعض من يحملون أجهزة النداء (بيجر) شعروا بسخونتها وتخلصوا منها قبل انفجارها".
ونقلت الصحيفة عن المحلل الاستخباراتى رونين سولومون قوله، أن "انفجار الأجهزة فى لبنان يشبه نوع العملية التى تنفذها وكالة الاستخبارات الإسرائيلية"، وأضاف سولومون، المتخصص فى العمليات الإسرائيلية ضد حزب الله وإيران: "ما نراه الآن فى لبنان هو جهد من جانب شيء مثل الموساد".
مفخخة مسبقًا!
وعلى صعيد متصل، أوضح العميد الركن جورج نادر الخبير العسكرى اللبنانى، لـ"اليوم السابع" أن هذه الأجهزة تم تفخيخها بشكل مسبق قبل استيرادها وتزويد عناصر من حزب الله بها، فهى شحنة أجهزة حديثة تم تزويد الحزب وعناصره مؤخرا بها، حيث تم زرع مادة متفجرة صغيرة الحجم بجانب البطاريات التى تعمل بها تلك الأجهزة بواسطة كود معين عبر الستالايت.
وأشار إلى أن هذه العملية تمثل هدفا عسكريا تعنيه إسرائيل ؛ ومحاولة لإثارة البلبلة والزعر بين صفوف حزب الله، والمواطنين اللبنانيين، خاصة أن هذه الأجهزة تم توزيعها حديثا على عناصر حزب الله كبديل للهواتف المحمولة التى قد تتعرض للمراقبة والاختراق.
وتمثل العملية خرقا أمنيا غير مسبوق لحزب الله، وضربة قوية له، ما يؤشر برد قوى من حزب الله، ولكن يصعب التكهن بطبيعة وتوقيت هذا الرد.
وهناك رسائل وصلت لحاملى هذه الأجهزة فى لحظة واحدة وجعلتهم يستخدون الأجهزة، وغالبية هذه الأجهزة تصنع فى إسرائيل.
وأكدت "نيويورك تايمز" أيضا أنه تم زرع مادة متفجرة صغيرة الحجم بجانب بطارية كل جهاز استدعاء.
توتر بحكومة نتنياهو
وفى تل أبيب التوتر سيد الموقف، فعقب الانفجارات التى وقعت فى لبنان فى أجهزة اتصال فى عناصر من حزب الله، عقد بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال، ويوآف جالانت وزير الدفاع وقادة عسكريون اجتماعا بوزارة الدفاع على خلفية التطورات فى لبنان، وفق الإذاعة الإسرائيلية.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية أن الجبهة الداخلية أبلغت رؤساء السلطات المحلية باحتمال التصعيد الأمنى دون تعليمات جديدة، مشيرة إلى مطالبة مجلس الأمن القومى من الوزراء الامتناع عن الإدلاء بتصريحات بشأن الأحداث فى لبنان، مشيرة إلى أن حزب الليكود الذى يتزعمه نتنياهو حظر على أعضائه الإدلاء بتصريحات وإجراء مقابلات بشأن الأحداث فى لبنان.
الوضع الصحى
وعلى صعيد القطاع الصحى، أعلنت وزراة الصحة أن عدد المصابين نتيجة التفجير تجاوز الـ2800 مصاب إضافة إلى استشهاد12 آخرين بينهم طفل وطفلة، وغالبية الإصابات فى اليد والوجه والعينين، وأكد أنهم لم يكن لديهم أى إنذار سابق للتفجيرات التى وقعت، وأوضح أن الإصابات تركزت على منطقة الوجه واليدين ولا تزال هناك إصابات حرجة يصل عددها إلى 300 حالة حرجة.
ونوه وزير الصحة اللبنانى، الدكتور فراس الأبيض، أن طواقم العمليات تقوم بعمليات شبه متواصلة غالبيتها للعيون، لافتًا فى الوقت نفسه إلى أن مستشفيات بيروت والضاحية الجنوبية باتت مكتظة بالجرحى سواء فى غرف العمليات أم العناية الفائقة أم الأسرّة فى الغرف العادية والطوارئ.
وأوضح الأبيض، أن وزارة الصحة العامة بدأت بتوجيه الجرحى إلى المستشفيات فى المناطق خارج العاصمة وضاحيتها الجنوبية، وذلك بالتنسيق بين مركز طوارئ الصحة التابع للوزارة والمستشفيات، وأضاف: "هذا يتطلب من المواطنين الذين ينقلون جرحاهم أن يتجاوبوا مع التعليمات والإجراءات المتبعة لحسن توزيع الجرحى وحصولهم على علاجاتهم بأسرع وقت ممكن".
وكان الأبيض تلقى اتصالات تضامن من نظرائه المصرى والسورى والإيرانى والعراقى، كما تبلغ من نظيره العراقى أن طائرة ستصل إلى بيروت محملة بالمساعدات الطبية للمصابين.
ومن جهة أخرى، أوضح الأمين العام للصليب الأحمر بلبنان جورج كتانة أن فرق الإسعاف نقلت أكثر من 143 جريحا شملت إصاباتهم العيون، الرأس، الصدر، اليدين، الخصر والساقين. جراء تفجيرات أجهزة "البيجر".
ولفت كتانة إلى أن فرق الصليب الأحمر قامت بتوزيع أكثر من 170 وحدة دم إضافة إلى نقل وحدات من مستشفى إلى آخر، بحيث كانت هناك 134 سيارة إسعاف على الأرض و150 سيارة احتياطى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة