سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 15 سبتمبر 1953.. الموسيقار محمد القصبجى يكتب مقالا نادرا عن أم كلثوم يكشف فيه أسرار شخصيتها القوية وصوتها الأمين وبديهتها الحاضرة

الأحد، 15 سبتمبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 15 سبتمبر 1953.. الموسيقار محمد القصبجى يكتب مقالا نادرا عن أم كلثوم يكشف فيه أسرار شخصيتها القوية وصوتها الأمين وبديهتها الحاضرة محمد القصبجى
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عاش الموسيقار الكبير محمد القصبجى إلى جوار سيدة الغناء العربى أم كلثوم ملحنا وأستاذا وعازفا وإنسانا، منذ أن تعرف عليها للمرة الأولى سنة 1924 وحتى رحيله يوم 25 مارس 1966، وفى مايو 1953 سافرت إلى أمريكا للعلاج، وعادت فى سبتمبر من نفس العام وسط احتفاء كبير، وعبر القصبجى عن احتفائه بمقال نادر كتبه بعنوان «أم كلثوم..شخصية قوية.. بديهة حاضرة وصوت أمين»، بمجلة الكواكب، عدد، 111، فى 15 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1953.


يصفها القصبجى، قائلا: «كروان الشرق، وكوكبه الغنائى اللامع»، ثم يقول: «سعدت بمصاحبتها، وسأظل كذلك إلى أن أتوسد الثرى، ولمست فيها الكثير من الصفات والسجايا مما لم تتح لغيرى من أصدقائها»، ويتذكر أول تعارفه عليها، قائلا: «تربعت على عرش الغناء والطرب منذ عام 1924، فلم يجرؤ أحد على النزول إلى ميدان منافستها حتى اليوم، وعندما تعرفت بها للمرة الأولى فى ذاك العام كانت تقطن فى شقة متواضعة فى حى عابدين، شارع «قولة»، ويسكن معها والدها ووالدتها وإخوتها جميعا، وكانت فتاة صغيرة «ضامرة» جميلة الوجه والقوام وترتدى العقال وتسير به، ولم تكن تخرج إلى الطريق أبدا، ولم تكن تغشى المجتمعات أبدا، كانت معتكفة تمرن صوتها وتؤدى ألحانها فى سكون حتى يحين موعد الحفلات التى تتعاقد لإقامتها فتخرج من شقتها إلى مكان الحفلة».


يضيف القصبجى: «عندما رأيتها للمرة الأولى أحسست بقوة شخصيتها على الرغم من صغر سنها، كانت تجلس إلى «التخت» وكأنها مارست مهنتها منذ ثلاثين عاما أو تزيد، والواقع أن أم كلثوم مرت على حياة الغناء والحفلات والطرب حوالى عشر سنوات قبل أن تنزح إلى القاهرة، وتتخذ منها مستقرا، جابت مدن الوجهين القبلى والبحرى، وأطربت الناس فى الحفلات الخاصة والعامة والموالد والمقاهى، حتى طارت شهرتها إلى القاهرة، فلما قدمت إلى القاهرة قوبلت أحسن استقبال، وفتحت الصالونات لها الأبواب، ودخلت من أوسعها وأرحبها».


يذكر القصبجى مواصفات صوتها، قائلا: «منذ أن سمعت أم كلثوم عام 1924، أيقنت أن صاحبة هذا الصوت سيخلدها التاريخ، وأعتقد بصفتى خبيرا فى الأصوات أن صوتها نسيج وحده، ومن الأصوات التى لا يمكن لغيره أن يؤدى اللحن بأمانة، فهو صوت أمين، نأتمنه نحن أهل اللحن على ألحاننا فيؤديه أحسن أداء فى وضوح تام، أضف إلى هذا بأن هذا الصوت يضفى على اللحن من روح صاحبته وإلقائها ما يلبسه ثوب الخلود، فكل لحن لنا تؤديه يخلد إلى أبد الأبدين».
يعتبر القصبجى أم كلثوم أنها «أم الوفاء»، موضحا: «أم كلثوم من المطربات النادرات فى العالم كله التى تعترف بمقدرة كل فنان بالقدر الذى تلمسه هى فيه، ولديها فراسة غريبة بل حاسة قوية تمكنها من تلمس مقدرة كل فنان فى كل عمل يؤديه، وهى فوق هذا تحترم شعور كل فنان وتعترف بمقدرته الفنية، وتحترم الغير، وتحتفظ بصداقة الأصلح لها فى عملها، وهى أم الوفاء، لا تغضب لشىء غضبها على من يغتاب صديقا لها تعرف فيه الأمانة والخلق القويم، وكم من مرة ردت لى الكثير من اغتياب طويل الألسنة أو الحساد، وكانت تصرخ فى وجه من يتحدث عنى بالسوء أن أسكت فهو رجل فاضل وفنان أصيل، وعليك أن تجابهه بهذا الذى تتقول به عليه من وراء ظهره، نعم إنها عنوان الوفاء، وأم كلثوم كريمة، ندية الكف على عكس ما يقوله الحساد عنها، وهى بارة بأهلها إلى أقصى حدود البر».


ويؤكد أن أم كلثوم تؤمن بالتخصص، قائلا: «تستطيع أن تلحن لنفسها بعد طول المران على أداء أروع الألحان التى تنشدها لنا ولأن لها أذنا موسيقية فريدة، ولكنها من المؤمنات بنظام «التخصص»، لا تقبل أن تتجاوز حدها وتترك لنا أمانة التلحين، ونترك نحن لها أمانة الأداء وياله من أداء».


وعن شخصيتها المرحة، يقول: «من يجلس فى مجلس به أم كلثوم تحرم عليه المجالس الأخرى، تماما كمن يستمع إلى أم كلثوم لا يطيق سماع صوت غير صوتها»، ويكشف عن نكتة أطلقتها عليه هو، قائلا: «معروف أننى أبيض شعر الرأس والشارب، وأصبغ شعرى دائما، وحدث أننى كنت أريد توديع أم كلثوم إلى أوروبا، فركبت معها القطار إلى الإسكندرية ونسيت صبغ شاربى، ولما كنت أحمل معى مرآة صغيرة، جلست معها وأخرجت المرآة و«قلم أسود»، وبدأت فى صبغ شاربى، وإذا بأم كلثوم تقول: «شوفوا الراجل رجع شاب «بجرة قلم».


يضيف القصبجى: «عرفت أنها ستكون سيدة مصر الأول فى فن الطرب والغناء، وستدخل المجتمع من أوسع الأبواب فعملت على تثقيف نفسها بنفسها، فتعلمت اللغة الفرنسية، ودرست اللغة العربية دراسة مستفيضة، وعكفت على دراسة الإنجليزية، وهى ذكية إلى درجة خارقة، تحفظ أقوى الألحان فى جلستين اثنتين، وهذا يعد فى نظرى إحدى خوارق أم كلثوم».







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة